تمثل الناقد المغربي نجيب العوفي عبر مسيرته الثقافية والأدبية والعلمية والأكاديمية مجموعة من المناهج والمقاربات النقدية لتطويق النص الأدبي والفني، سواء أكان ذلك النص المنقود قديما أم حديثا أم معاصرا، ويمكن حصر مناهجه النقدية في مجموعة من المقاربات هي: المقاربة الاجتماعية، والمقاربة البنيوية التكوينية، والمقاربة الانطباعية، والمقاربة البويطيقية، والمقاربة السيميائية، والمقاربة الفنية، والمقاربة التاريخية، والمقاربة الموضوعاتية، والمقاربة الأسلوبية، وقد تتداخل هذه المقاربات النقدية بحال من الأحوال في النص الوصفي الواحد.المقاربة الاجتماعية:يرتكن المنهج الاجتماعي إلى تحليل الأدب في ضوء سياقه الواقعي بكل معطياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتاريخية والدينية والإيديولوجية، من خلال ربط الإبداع الأدبي والفني بواقعه الاجتماعي بطريقة مباشرة أو آلية.ويعد نجيب العوفي من أهم النقاد المغاربة الذين تمثلوا المنهج الاجتماعي الجدلي إلى جانب إدريس الناقوري، وعبد القادر الشاوي، ومحمد برادة، ومحمد أقضاض... ومن أهم المؤلفات التي كتبها نجيب العوفي، وتحسب على المنهج السوسيولوجي، نذكر كتابه (درجة الوعي في الكتابة) الذي صرح فيه بوضوح بأنه يتبنى المنهج الواقعي الجدلي:» إن المنهج المكرس في هذا الكتاب هو المنهج الواقعي الجدلي.هذا المنهج الذي أثبت وما يفتأ يثبت، عبر أهم وألمع الممارسات التي تجلى عبرها، قدرته الفائقة على احتواء النص والواقع معا، بل وقدرته الطيعة على التجدد المستمر والاغتناء بكافة الخبرات والتجارب الفكرية، دون أية حساسية دوغمائية ومن غير أن يفقد بريقه ومناعته أو يتعرض لامتحان صعب يثير حوله الشبهة ويشكك في فعاليته ومصداقيته.ولا أستطيع أن أدعي بأني كنت وفيا لحدود وقوانين هذا المنهج من الألف إلى الياء، وبأن استخدامي له تم على نحو لا أمت فيه ولاعوج.إن مثل هذا الادعاء لمما تنوء بوزره صفحات هذا الكتاب، وتكذبه لاشك شواهده.»1 وقد وظفه نجيب العوفي أيضا في كتابه ( جدل القراءة ) الذي خصص فيه فصلا للمسرح المغربي تحت عنوان( المسرح المغربي: بانوراما تاريخية)، ينطلق فيه من مرجعيات سوسيولوجية ومنطلقات إيديولوجية من خلال ربط المسرح المغربي في تطوره بتطور الواقع المغربي انعكاسا ومحاكاة وأدلجة. والدليل على ذلك ما يورده نجيب العوفي في كتابه من فقرات متنوعة قصرا وطولا، تحمل في طياتها أبعادا سوسيولوجية وإيديولوجية، تربط المسرح بالرؤى الطبقية التي تعبر عن التفاوت الاجتماعي داخل المجتمع المغربي. ومن ثم، تصدر أحكاما نقدية قريبة من الإيديولوجيا الإسقاطية منها إلى التحليل النقدي الموضوعي» إن الفن المسرحي كان وما يزال يتسم بحساسية فكرية وإيديولوجية فائقة، وذلك لمباشرته وعلاقته الحية والدينامية بالجمهور، متعلما كان أم أميا، بحيث تبدو المسافة بين الوجه والقناع، بين المشهد والدلالة، مسافة دقيقة وشفافة، يسهل اختراقها وإلغاؤها. لهذا، تبدو الكتابة المسرحية مرآة مصقولة تعكس بوضوح المشارب الإيديولوجية والمصالح الطبقية.أي: إن الكتابة المسرحية تصبح على هذا الأساس، سلاحا إيديولوجيا هاما في مجال الصراع الاجتماعي، تحاول كل طبقة أن تستغله لمصلحتها وأهدافها.وهكذا، تبدو الخريطة المسرحية في المغرب موزعة على نحو مأساوي بين السلطة الرسمية من جهة بمؤسساتها وطوابيرها، وبين السلطة المضادة والمقموعة ، بتناقضاتها واختلافاتها من جهة ثانية.وفي المسافة الواقعة بين السلطتين، تقوم فئات ثالثة بلعبة الأكروبات الانتهازية على خشبة المسرح المغربي. «هذا، ويقرأ نجيب العوفي في إحدى دراساته المنشورة في كتابه (ظواهر نصية) القصيدة العربية قراءة سوسيولوجية جدلية تربط بين القصيدة العربية وواقعها السوسيوثقافي:» والنموذج القديم الذي ينبغي أن يحاكى ويحتذى، وفق هذا المنظور، مائل هناك في الماضي ومتمثل في النص الجاهلي. تماما كما فعل هوراس الروماني مع النص الإغريقي، حين اعتبره النموذج الأعلى للمحاكاة والاحتذاء. هو إذن صراع بين الثبات والتحول، بين تكريس البنيات السوسيوثقافية والجمود عليها وخلخلة هذه البنيات واختراقها وصولا إلى الخبيء والمنشود.وقد كان عمود الشعر الذي أقام المرزوقي دعائمه النهائية، معادلا لعمود السياسة ومدعما له. كلاهما سلطة آمرة وملزمة، وكلاهما قوام الشيء الذي لا يدوم إلا به...وعلى الرغم من المحاولات الدائبة التي قام بها دعاة التجديد والابتداع لزعزعة هذا « العمود الحديدي»، إلا أن رسوخه كان أقوى من محاولاتهم وطموحاتهم وكانوا مضطرين، آخر المطاف، إلى أن يعودوا ليستظلوا بسقفه ويطوفوا حوله.ذلك أن البنية السوسيوثقافية كانت قد تشكلت واتخذت صيغتها النهائية منذ صعود الخلافة الأموية، وظلت محتفظة بصيغتها هذه حتى سقوط الخلافة العثمانية.ولم تتخلخل هذه البنية بعمق وتفقد توازنها إلا بعد الصدمة الكولونيالية والإمبريالية الحديثة بدءا من دوي مدافع نابليون، إلى الدوي الأشد لمدافع متعددة الجنسيات والطلقات.لقد تحطم العمود السياسي القديم بأمجاده وانتكاساته، وتحطم معه العمود الشعري القديم بأمجاده وانتكاساته أيضا. تفتت الكيان التاريخي والحضاري الذي بمثابة البنيان الشامخ المرصوص، إلى ما يشبه بفسيفساء السريالية، بل إلى ما يشبه لوحة الشطرنج، يحركها لاعبون مهرة. فكانت القصيدة الحديثة بتشكيلها العروضي التفعيلي وبهندستها المعمارية المفتوحة على الاحتمالات والمفاجآت، كانت القصيدة الحديثة صك إدانة ومشروع تأسيس.» وهكذا، يتبين لنا أن نجيب العوفي كان يقرأ المشهد الإبداعي العربي بصفة عامة، والمشهد الثقافي المغربي بصفة خاصة، انطلاقا من رؤية واقعية جدلية قوامها التأويل السوسيولوجي الذي يتسم بالنزعة الإيديولوجية من جهة، والربط بين البنية الأدبية والواقع الاجتماعي ربطا مرآويا من جهة أخرى. المقاربة البنيوية التكوينية:ينطلق نجيب العوفي في كتابه (مقاربة الواقع في القصة القصيرة) أو في مقاله( القصة القصيرة والأسئلة الكبيرة) من التصور البنيوي التكويني . وفي هذا السياق، يصرح الباحث: « وبموازاة هذا التفكيك أو ضمنه كنا نقوم بتفكيك البنى الذهنية ذاتها الثاوية في طيات البنى السردية والمنتجة لها . كنا نقرأ الأسئلة المضمرة من خلال الأسئلة المظهرة . نقرأ واقعية النصوص من خلال قصصيتها وقصصيتها من خلال واقعيتها . كنا نقرأ بعبارة واقع القصة المغربية وقصة الواقع المغربي .يمكن أن نعتبر العملية الأولى( تفكيك البنى السردية) حسب المصطلح ال?ولدماني فهما... كما يمكن أن نعتبر العملية الثانية (تفكيك البنى الذهنية) وحسب المصطلح الكولدماني (تفسيرا)». يقسم نجيب العوفي رسالته الجامعية إلى بابين: الباب الأول خاص بالبحث عن الهوية (التأسيس)، والباب الثاني متعلق بإثبات الهوية (التجنيس). ويركز نجيب العوفي في بحثه على أهمية القصة القصيرة في عصرنا، ويطرح هذا الجنس- على الرغم من قصر حجمه- أسئلة وقضايا كبرى. وبعد ذلك، ينتقل لتحديد مراحل القصة المغربية، فيحصرها في مرحلتين أساسيتين:(القصة القصيرة بين التأسيس والبحث عن الهوية والهم الوطني.(القصة القصيرة بين التجنيس وإثبات الهوية والهم الاجتماعي .إذاً، يستجلي نجيب العوفي نشأة القصة القصيرة بالمغرب، ويبرز مراحلها وتطوراتها على غرار أحمد اليابوري وأحمد المديني في رسالتيهما الجامعيتين حول الجنس نفسه. وتمتاز القصة المغربية القصيرة -حسب نجيب العوفي- بميزتين أساسيتين : التأسيس والتجنيس. فقد كان الصراع في مرحلة الحماية حادا بين المغاربة والمستعمر في إطار ثنائية ( نحن الآخر )، وامتدت هذه الفترة ما بين 19401956. وكان سؤال القصة القصيرة آنذاك هو سؤال الوطن، والبحث عن الهوية، وأصبحت الوطنية طابعا مميزا لتلك القصة. وكان البطل بالضرورة وطنيا . ولا يعني هذا أن السؤال الاجتماعي مغيب ، بل كان ثانويا مقارنة بالسؤال الوطني . ولم يتبلور بعد مفهوم الطبقة الاجتماعية بشكل جلي؛ لأن الأمة كانت هي المبتغى والرهان الأساس. ويعني هذا أن القصة الغالبة في مرحلة الحماية هي القصة الوطنية . فقد انتقدت الاستعمار بكل تجلياته، ونددت بكل أشكال الظلم الاستعماري حتى الاجتماعي منه. وكان أبطال القصة يحلمون بالحرية، ويعملون على تحقيقها . لذلك، كان الوعي عند الشخصيات وطنيا، والرؤية للعالم رؤية وطنية قوامها الكفاح والتحرر من الاستعمار. أما البطل، فكان بطلا بروميثيوسا يقارع الاستعمار قصد تحقيق الحرية لأبناء وطنه . هذا، ويتجلى الهاجس الوطني عبر فعل الدفاع عن الهوية ( البطل البرومثيوسي الوطني)، وفعل الهجوم على الهوية (البطل الاستعماري المضاد). وقد نتج عن هذا الصراع الوطني صدع اجتماعي كان يؤجج الصراع الداخلي لطرد المستعمر من البلاد. ويمكن تفسير هذا المتن القصصي بما كانت تقوم به الحركة الوطنية من دفاع عن الهوية الوطنية، ونشر الوعي الوطني بين أبناء هذا الوطن، وتأطير الطبقة الاجتماعية الكادحة لتنسيق المواقف لمواجهة المستعمر. لذلك، كان الوعي الوطني - في طابعه السلمي والعسكري - مهيمنا على هذه المرحلة.ويمثل هذه الفترة كل من: عبد المجيد بن جلون، و عبد الرحمن الفاسي، وأحمد بناني، وعبد الكريم غلاب، وأحمد عبد السلام البقالي، ومحمد الخضير الريسوني . إذاً، لقد انطلق نجيب العوفي من عملية التفسير لتبيان العوامل التي أفرزت القصة القصيرة الوطنية إبان المرحلة الاستعمارية، فحصرها في عوامل تاريخية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، وبين أن الهاجس الغالب على هذه المرحلة هو الهاجس الوطني الذي يتمثل في البحث عن الاستقلال، وبناء مغرب جديد متحرر ومستقل . و يتماثل هذا مع مكونات عملية الفهم، إذ استخلص بنية دالة هي البحث عن الهوية، والشروع في تأسيسها. وبعد ذلك، استكشف نمط الوعي لدى الشخصيات الذي يكمن في الوعي الوطني؛ لأن رؤية الشخصيات إلى العالم رؤية وطنية محضة. وإذا كانت الدلالة القصصية مبنية على تيمة الوطن /الهوية، فإن البنية الشكلية تتسم بالحفاظ على البنية التقليدية الموبسانية ( البداية و الوسط والنهاية)، وعدم الاهتمام باللغة القصصية ، وغلبة أسئلة المضمون على الشكل تماثلا مع هيمنة السياسي على الثقافي على مستوى التفسير . هذا، وتبتدئ المرحلة الثانية من أعقاب الاستقلال إلى غاية 1970، وسيمتاز الظرف التاريخي بالصراع الاجتماعي والطبقي (نحن - نحن )، ويمثل هذه المرحلة مجموعة من القصاصين المغاربة، أمثال: محمد إبراهيم بوعلو، ومحمد بيدي ، ومبارك ربيع ، وعبد الجبار السحيمي، ورفيقة الطبيعة ، ومحمد زفزاف ، وإدريس الخوري، ومحمد شكري ، والأمين الخمليشي، ومحمد زنيبر، ومحمد برادة، ومحمد القطيب التناني ، ومحمد عزيز الحبابي، وخناتة بنونة، ومحمد أحمد شماعو، وحميد البلغيثي، ومحمد التازي، ومحمد الصباغ . وفي هذه المرحلة، أصبح السؤال الاجتماعي يطرح نفسه بإلحاح بعد تغير مغرب الاستقلال تاريخيا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا، إذ حلت الطبقة محل الأمة، فاتخذ الصراع طابعا طبقيا واجتماعيا بين المغاربة أنفسهم، خاصة بين الطبقة الكادحة والطبقة المسيطرة على وسائل الإنتاج والثراء المادي. أما عن شخصيات القصة، فهي عادية، يمكن حصرها في شخصية الكادح ( الفلاح والعامل) وشخصية المثقف اللتين تعانيان القهر الاجتماعي والقهر الروحي. ومن سمات شخصيات هذه القصة الاجتماعية أنها كائنات إشكالية مهمشة تعبر عن مجتمع مشتت .علاوة على هذا، يبدأ العوفي هذه المرحلة الثانية بعملية التفسير، إذ يحدد العوامل التي تحكمت في متن التجنيس، ويحصرها في ما هو تاريخي وسياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي . وإذا كان الواقع يعج بالصراع الطبقي والاجتماعي ، فإن هذا يتناظر مع الصراع الذي نجده في المتن القصصي، حيث تهيمن تيمة المجتمع / الهوية التي تتمثل دلاليا في السعي الجاد نحو إثبات الهوية الاجتماعية، وتأسيس المغرب الاجتماعي . ويعني هذا أن تطور القصة القصيرة المغربية متواشج ومتفاعل مع تطور البرجوازية الصغيرة، وتطور الأحداث المرجعية. أي: إن القصة المغربية في بعديها الوطني والاجتماعي كانت مرآة عاكسة للواقع المغربي، لكن بطريقة غير مباشرة أو غير آلية. وإذا كانت دلالة القصة في المرحلة الثانية دلالة اجتماعية ، فإن بنية الشكل تشير إلى بطولة هامشية مقهورة، و اختلاف في المنظورات الواقعية لدى القصاصين ، والمحافظة إلى حد كبير على بنية السرد الكلاسيكي، مع تنويع البنى والأعاريض السردية ، واستخدام مكثف للمنولوج ، والميل نحو الاقتصاد في توظيف الشخصيات والفضاءات واللغة القصصية. المقاربة الانطباعية:يرتكز المنهج الانطباعي على استخدام الذوق الفني والجمالي، والانطلاق من معايير ومقاييس تأثرية مصدرها القلب والعاطفة والوجدان. ومن ثم، تتسم أحكام هذا النقد بالتعميم، والإطلاقية، والتسرع في إبداء الآراء الشخصية، والميل إلى الاختصار والابتسار في تحليل المعطى الأدبي والفني. ويرتبط النقد الانطباعي بالمقال الصحفي من جرائد ومجلات، ويتخذ طابعا تعريفيا مختزلا يقوم على تلخيص النص، بذكر مضمونه العام، و رصد جوانبه الدلالية والفنية، والابتعاد عن التحليل المفصل والمسهب، والاكتفاء ببعض الإشارات الفنية التي تتعلق باللغة والحوار والأسلوب والتركيب والإيقاع والصورة البلاغية أو بجوانب فنية سردية أو درامية...وتتمثل هذه القراءة الانطباعية بالخصوص في المقدمات التقريظية التي يكتبها نجيب العوفي للمبدعين والكتاب. لذا، تستوجب هذه المقدمات الاختصار والإيجاز والتكثيف والتشجيع المعنوي، بتوظيف صيغ التفضيل والتكرار والتمييز والتعجب والمفعول المطلق، والتعبير عن مجموعة من الانطباعات الذاتية والانفعالية، كما يتبين ذلك واضحا في مقدمة ( ندف الروح) لإسماعيل البويحياوي:» وقد لقيت القصة القصيرة جدا ، في الآونة الأخيرة ، إقبالا كبيرا من لدن المبدعين الشباب الذين تألق بعضهم في كتابتها تألقا كبيرا.وإسماعيل البويحياوي، في رأس هؤلاء، وهو واع جدا بقواعد لعب وصنعة هذا الفن الأدبي. يبدو ذلك جليا من خلال لغته الإيحائية المكثفة والسلسة، وموضوعاته المتنوعة المثيرة والشائقة، وإحساسه القصصي المرهف بالأشياء. يقول البويحياوي في تصدير مجموعته (أشرب وميض الحبر) « أريدها قصة قصيرة جدا، مشعة بمعان ودلالات ومقاصد كبيرة جدا جدا» . وكذلك الأمر عند البويحياوي، قصر في المحكي والحكي، والجملة الحكائية ، وثراء في الدلالات والإيحاءات والمعاني. وفي الجرم الأصغر ينطوي الجرم الأكبر، كما يقول المعري.تتنوع وتتفاعل الهموم والأسئلة الحكائية التي تدور عليها قصص البويحياوي، من ذاتية واجتماعية وسياسية ووجودية. لكن القالب القصصي يبقى دوما قصيرا جدا، وأنيقا جدا، وسلسا جدا، وممتعا جدا.وفي مجموعته الجديدة (ندف الروح) ، يواصل إسماعيل البويحياوي رحلته الجديدة مع القصة القصيرة جدا، بلغة نضرة يانعة السنابل، تنضح شعرية وسلاسة وخفة دم. والمجموعة، كما يقول استهلال الإهداء، عبارة عن ندف قصصية ملتقطة من رحم الروح والذاكرة.» وهكذا، يمطرنا نجيب العوفي في هذه القراءة الانطباعية بمجموعة من الأحكام الذاتية التي تتعلق بذاتية الناقد الحاكم ، مثل: (لغة نضرة يانعة السنابل، تنضح شعرية وسلاسة وخفة دم/ لكن القالب القصصي يبقى دوما قصيرا جدا، وأنيقا جدا، وسلسا جدا، وممتعا جدا). فهذه القراءة تأثرية وانطباعية لاعتمادها على الذوق والذات والتأثر، ولجوئها إلى الاختصار الموجز والمكثف في القراءة والتحليل والتقويم ؛ لأن حيز التقديم يفرض على الناقد المقدم أن يختصر في كتابته الوصفية، ويقدم في حق المبدع مقدمة تقريظية مركزة، غالبا ما تكون مقدمة إخوانية انطباعية وتأثرية، تنبني على أحكام ذوقية عامة نابعة من ذات الناقد ووجدانه الشعوري واللاشعوري. ناقد مغربي