وجدت دراسة جديدة أن الإجهاد النفسي للمرأة قبل الحمل وخلاله قد يزيد من خطر إصابة المولود بعيوب خلقية في القلب. وذكر موقع «هلث دي نيوز» الأميركي أن باحثين في جامعة «كاليفورنيا» نظروا في حالات ما يقارب 1.8 مليون طفل ولدوا في الدنمارك بين العامين 1978 و2008، وحاولوا معرفة ما إذا كانت عيوب القلب الخلقية رائجة أكثر عند مواليد مجموعة محددة من النساء اللواتي قارب عددهن 45 ألفاً وقد فقدن أحد أفراد عائلاتهن أو شريك حياتهن في أوقات الحمل أو الولادة. وتبيّن وفقاً للباحثين أن النساء في هذه المجموعة كن أكثر عرضة من غيرهن لإنجاب مواليد يعانون من عيوب خلقية في القلب، مقارنة بالنساء الأخريات. وقال الباحث المسؤول عن الدراسة جورن أولسين إن الدراسات التي أجريت على الحيوانات تظهر أن الإجهاد النفسي خلال نمو الجنين يمكن أن تؤثر على نمو القلب. وأضاف أن الإجهاد النفسي قد يدفع بالنساء إلى القيام بأشياء خطيرة للجنين، مثل التحوّل إلى نظام غذائي غير صحي. ولفت إلى وجود سبب آخر يمكن أن يكون وراء ارتباط الإجهاد النفسي بعيوب القلب الخلقية عند المواليد، وهو أن الإجهاد النفسي يغيّر الحمض النووي عند الجنين. وحذر باحثون من الدانمارك من أن تعرّض المرأة لضغوطات عاطفية ونفسية شديدة، وخاصة أثناء فترة الحمل أو حتى قبلها قد يساهم في إصابة الأجنة بتشوهات خلقية. وأوضحت الدكتورة دوريث هانسن، رئيسة فريق البحث الدانماركي، أن الضغوطات النفسية القوية التي تنتج عادة عن الأحداث الموترة، مثل المشكلات الزوجية كالطلاق أو الانفصال بين الأزواج أو الحزن على ميت، أو فقدان شريك الحياة، أو فقدان الوظيفة، قد تؤدي، خلال الحمل، إلى إصابة الجنين باضطرابات أو تشوهات خلقية كالشرم الحلقي أو ما يعرف بانشقاق الشفة والحلق، وغيرها من الحالات غير الطبيعية. ووجد الباحثون بعد مراجعة السجلات الطبية لنحو 3560 امرأة مررن بتجارب نفسية صعبة بسبب حوادث مهمة ومؤثرة في حياتهن حدثت قبل 16 شهرا من الإنجاب، وحوالي 20 ألف حالة ولادة لنساء لم يتعرضن لمثل هذه التجارب، خلال الفترة ما بين عامي 1980 و 1992 أن معدل الإصابة بالتشوهات الخلقية لمواليد النساء اللاتي تعرضن لضغوطات نفسية حادة وقوية، يبلغ ضعف معدلها عند مواليد النساء الأخريات، كما تبيّن أن السيدات اللاتي يحملن مرتين متتاليتين، أكثر عرضة من غيرهن لإنجاب طفل مشوّه. ولاحظ الباحثون أن فرص إصابة الجنين بتشوهات خلقية تزداد عندما تحزن الأم لفقدان أحد أطفالها خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وتزداد نسبة الخطورة إذا كان موته غير متوقع. وفسّر العلماء أن الضغط النفسي يسبب ارتفاع مستويات هرمون التوتر «الكورتيزول» في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة نسبة السكر في الدم، وانخفاض نسبة الأوكسجين في الأنسجة، وهما العاملان الرئيسيان اللذان يتسببان في إصابة الجنين بتشوهات خلقية. وجدت دراسة جديدة أن الإجهاد النفسي للحامل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل يمكن أن يؤدي إلى نقص الحديد عند المولود الجديد، ما يجعله تحت خطر الإصابة بتأخر النمو البدني والعقلي. وذكر موقع «هلث داي نيوز» الأميركي، أن الباحثين في جامعة «عسقلان»، الذين قرروا عرض دراستهم بالاجتماع السنوي للأكاديميات الأميركية لطب الأطفال في بوسطن، وجدوا أن معاناة المرأة من الإجهاد النفسي خلال فترة الحمل الأولى تشكّل عامل خطر لإصابة المولود الجديد بنقص الحديد. ونظر الباحثون في وضع نساء يعشن في مناطق نزاعات وحروب، وقورنت المجموعة مع مجموعة أخرى من النساء اللواتي عشن حياة آمنة وجمعت عينات دم من الحبل السرّي، وتبيّن أن المواليد البالغ عددهم 63 المولودين من المجموعة التي تعرضت للإجهاد النفسي، لديهم مستويات منخفضة جداً من الحديد مقارنة بالمستويات لدى مواليد الأمهات اللواتي لم يتعرضن للإجهاد. وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة، رينات أرموني سيفان: «نتائجنا تظهر أن مواليد الأمهات اللواتي تعرضن للإجهاد النفسي خلال الحمل، هم مجموعة معرضة لخطر الإصابة بنقص الحديد لم تكن معروفة من قبل». وأشارت إلى وجوب معرفة الحوامل أن صحتهن وغذاءهن ومستوى إجهادهن النفسي، ووضعهن العقلي سيؤثر في صحة مواليدهن. كما حذّرت دراسة بريطانية من أن الإجهاد النفسي للحامل من شأنه أن يضر بصحة المولود في سنوات حياته المقبلة. ووجد الباحثون من جامعة «كينغز كولدج» بلندن أن مرور الحامل بإجهاد نفسي مثل الإنفصال أو فقدان عزيز، يزيد بشكل مستمر من احتمالات معاناة المواليد خلال بلوغهم سن الرابعة من اعتلال الصحة. وظهر أن رابط هذا الإجهاد النفسي بالحالات المزمنة كان قوياً، إذ أن نوبتين حادتين من الإجهاد النفسي خلال الحمل يزيد 5 مرات من إمكانية تعرض المولود لهذه الأمراض لاحقاً. وسُئلت أكثر من 150 حامل في بداية مرحلة الحمل ولاحقاً قبل أسابيع قليلة من الولادة عن أية حوادث مجهدة أصابتهن، مثل فقدان عزيز أو الإنفصال أو البطالة المفاجئة أو صعوبة الحمل. وبعد 4 سنوات سئلت النساء عن صحة أطفالهن بما في ذلك عن أية أمراض دفعت بإرسالهم إلى الطبيب أو الدخول إلى المستشفى فتبيّن رابط واضح بين الإجهاد النفسي خلال الحمل واعتلال صحة الأطفال، مع ارتباط مرجّح بين التعرّض لصدمة في بداية الحمل وإصابة المولود بالربو أو العدوى.