يشكل إلغاء عقوبة الإعدام، بالنسبة للسلطات المغربية التجسيد العملي لما تم التعبير عنه في السنوات الأخيرة من قوة الإرادة للعمل على ترسيخ حقوق الإنسان، والالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة، وبالتالي الانخراط في المنظومة الحقوقية كما هو متعارف عليها كونيا. اليوم الأربعاء عاشر أكتوبر، يخلد العالم اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وتستمر الحركة الحقوقية والديمقراطية عبر العالم في نضالها وترافعها من أجل إلغاء هذه العقوبة القاسية والمتناقضة مع الحق في الحياة. ومعلوم أنه في 1977 عندما انطلقت حملات منظمة «أمنيستي» لمناهضة عقوبة الإعدام، لم تكن حينها قد ألغت هذه العقوبة سوى 16 دولة، لكن اليوم هناك 141 دولة قامت بذلك في قوانينها أو في الواقع الفعلي، و97 منها ألغت العقوبة بالنسبة لجميع الجرائم، و30 ألغتها في التطبيق، و8 ألغتها بالنسبة للجرائم العادية، كما أنه في عام 2011 لم تنفذ أحكام الإعدام سوى في 20 بلدا عبر العالم، وكل هذا يبين تقدما واضحا لمسيرة النضال الدولي في العقد الأخير من أجل إلغاء عقوبة الإعدام. في بلادنا حظي الموضوع بمناقشات وجدالات طويلة خلال سنوات، كما أن اجتهادات مؤيدة للإلغاء برزت حتى من داخل الأوساط الدينية المعتدلة، وتشكل ائتلاف جمعوي حقوقي للترافع من أجل هذا المطلب، ونالت مبادراته دعم عدد من الأحزاب والنقابات والمنظمات الحقوقية والشخصيات، من دون أن ينجح كل ذلك لحد الآن في إقناع الحكومات المتعاقبة للالتحاق بقائمة البلدان التي ألغت العقوبة القصوى من قوانينها، وعند كل مناسبة سانحة للقيام بذلك، تصاب الحركة الحقوقية المغربية بالخيبة جراء تردد السلطات. اليوم، نعتقد أن خطوة إلغاء عقوبة الإعدام، وأيضا كل القوانين والإجراءات ذات الصلة بحقوق المرأة والمساواة، من شأنها أن تبعث إشارة قوية للمدافعين عن حقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة في بلادنا، وإقناعها بأن الحكومة الحالية ماضية على طريق تكريس المكتسبات الديمقراطية التي راكمها شعبنا، وإشعاع ثقافة الحرية والمساواة في المجتمع... ولتأكيد هذه الإرادة السياسية والعملية، يقتضي الأمر انضمام المملكة إلى الدول المناهضة لعقوبة الإعدام، وذلك بالتصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بحظر تنفيذ عقوبة الإعدام، والمقرر عرضه للتصويت خلال الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر دجنبر 2012. كما يستدعي المنطق الحرص على إعمال الدستور الجديد الذي ينص على الحق في الحياة، وذلك بمراجعة جميع التشريعات التي يمكن أن يقتل شخص مدان بموجبها على يد الدولة، وبغرض مباشر هو التقييد التدريجي لنظام استخدام عقوبة الإعدام تمهيدا لإلغائها بصورة نهائية لا عودة فيها. في السياسة، تكون الرمزيات أيضا ذات أهمية كبرى، وليس أبلغ دلالة اليوم من أن تعلن الحكومة بوضوح عن انتصارها للحق في الحياة، ورفضها الاستمرار في جعل الدولة «قاتلا» باسم القانون... هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته