صالح يغادر اليمن خلال أيام إلى أثيوبيا أو سلطنة عُمان أكدت مصادر في حزب المؤتمر الشعبي العام أن الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، الذي زار الاثنين الرئيس الجديد، عبد ربه منصور هادي، سيغادر البلاد خلال هذا الأسبوع متوجّهًا إلى أثيوبيا. وتقاطعت هذه التأكيدات من الحزب، الذي حكم البلاد لسنوات، مع معلومات متطابقة من مكتب الرئيس الجديد، إذ أشارت مصادر فيه إلى عزم صالح مغادرة البلاد خلال أيام، من دون الإشارة إلى وجهته المرتقبة. وأشار مصدر ثالث في الحكومة اليمنية، تحدث إلى «سي إن إن»، إلى أن هناك مفاوضات حول المكان الذي سيستقرّ فيه صالح، لافتًا إلى أن الرئيس السابق ما زال يدرس خيارته، ولم يحدد بعد ما إذا كان سيذهب إلى أثيوبيا أو إلى سلطنة عُمان المجاورة. وقد سلم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في حفل في صنعاء الاثنين الرئاسة رسمياً إلى نائبه عبد ربه منصور هادي، مُنهياً بذلك حكمه، الذي استمر 33 عاماً. وقال صالح في نهاية مراسم التسلم والتسليم في قصر الرئاسة في صنعاء: «أسلِّم علم الثورة والجمهورية والحرية والأمن والاستقرار إلى يد أمينة»، في إشارة إلى هادي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية المبكرة، التي خاضها مرشحاً توافقياً ووحيداً، بموجب اتفاق انتقال السلطة. من جهته، اعتبر الرئيس اليمني الجديد أن هذه المناسبة تضع «قواعد جديدة لتبادل السلطة في اليمن». وأعرب هادي عن الأمل في «أن نجتمع بعد عامين في هذه القاعة، لنودِّع قيادة، ونستقبل قيادة جديدة». وأضاف: «أتمنى أن أقف بعد عامين محل الرئيس علي عبد الله صالح، وأن يقف رئيس جديد مكاني»، مع العلم أن مدة الفترة الانتقالية التي انتخب هادي لأجلها هي سنتان. وأشار هادي، الذي شغل طوال سنوات منصب نائب الرئيس، إلى أن «الأزمة التي كانت وما زالت معقدة، وبحاجة إلى تعاون الشعب مع القيادة الجديدة وحكومة الوفاق الوطني، للخروج بالبلاد خلال العامين المقبلين من هذه الأزمة». وحضر مراسم التسلم والتسليم رؤساء البعثات الديبلوماسية للدول الكبرى ولدول مجلس التعاون الخليجي الراعية لاتفاق انتقال السلطة، إضافة إلى الأمين العام للمجلس عبد اللطيف الزياني ومبعوث الأممالمتحدة لليمن جمال بن عمر والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وقاطعت المعارضة البرلمانية هذه المراسم، إذ اعتبرت أن هادي حصل على شرعية صناديق الاقتراع، وأقسم اليمين الدستورية في البرلمان، لذلك لا حاجة إلى مراسم لنقل السلطة إليه. وكان صالح وقع في 23 نوفمبر الماضي في الرياض اتفاق المبادرة الخليجية، الذي قبل بموجبه التخلي عن السلطة مقابل حصوله مع معاونيه على حصانة من الملاحقة القضائية، وذلك بعد عشرة أشهر من الاحتجاجات المناهضة لحكمه. وقد أصبح صالح أول رئيس لدولة من دول الربيع العربي يتخلى عن السلطة ضمن اتفاق سياسي، فهو لم يُقتل مثل معمر القذافي، ولم ينفَ مثل زين العابدين بن علي، كما إنه لن يُحاكم مثل حسني مبارك. وما زال صالح يتمتع بثقل كبير في الداخل اليمني، إذ إنه يبقى على رأس حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يسيطر على غالبية مقاعد البرلمان ونصف مقاعد الحكومة. كما يسيطر أقرباؤه على المناصب الحساسة في المؤسسات الأمنية والعسكرية، الأمر الذي يؤرق المعارضة البرلمانية، ويثير غضب الشباب المحتجّين، الذين يطالبون بمحاكمة صالح، وبرحيل «كل رموز النظام السابق»، وما زال قسم منهم يتابع الاعتصام في ساحة التغيير في صنعاء. وقد عاد صالح فجر السبت إلى صنعاء آتيًا من الولاياتالمتحدة، حيث كان يتلقى العلاج، ما سمح بإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في غيابه. وقال صالح في كلمته، التي ألقاها في المناسبة: «نقف إلى جانب الأخ رئيس الجمهورية ومع كل أبناء الشعب الشرفاء والمخلصين... حباً بالأمن والاستقرار». وأضاف: «نؤكد باسم جماهير شعبنا والمؤتمر الشعبي العام كقوة سياسية رائدة أننا سنكون داعمين للأخ رئيس الجمهورية (...) من أجل إعادة بناء ما خلفته هذه الأزمة الطاحنة، التي ألحقت ضرراً فادحاً بالاقتصاد الوطني». ودعا صالح اليمنيين إلى «الوقوف صفاً واحداً إلى جانب القيادة السياسية (...) لإعادة بناء ما خلفته هذه الأزمة»، كما دعا إلى «اصطفاف وطني لمواجهة الإرهاب، وفي مقدمه تنظيم القاعدة». وشدد صالح على أن أمن «اليمن جزء لا يتجزأ من أمن دول المنطقة». وما زال اليمن يرزح تحت وطأة عنف تنظيم القاعدة، الذي سيطر في الأشهر الأخيرة على قطاعات واسعة من جنوب اليمن، مستفيداً من ضعف السلطة المركزية ومن الحركة الاحتجاجية. وقد أسفر هجوم شنَّته القاعدة السبت عن مقتل 26 جندياً من الحرس الجمهوري عند مدخل القصر الرئاسي في المكلا في جنوب شرق اليمن، وذلك بعد ساعات من أداء هادي اليمين الدستورية. وبموجب المبادرة الخليجية، يفترض أن يقود هادي خلال الفترة الانتقالية، التي تستمر سنتين، حواراً وطنياً شاملاً، يتطرق خصوصاً إلى قضية جنوب البلاد، حيث يطالب الحراك الجنوبي بالانفصال عن الشمال، والعودة إلى دول الجنوب، التي كانت مستقلة حتى العام 1990. كما يفترض أن يبحث هذا الحوار قضية المتمردين الحوثيين الشيعة من أجل تثبيت السلام في شمال البلاد، بعد ست جولات من العنف مع القوات الحكومة بين 2004 و2010.