تدفق بشري إيراني غير مسبوق و35 ألف عسكري لحماية الزائرين في تدفق بشري إيراني غير مسبوق على العراق، ومع استمرار التفجيرات منذ أيام، وسقوط العشرات من الضحايا، فقد أعلنت محافظات عراقية اليوم عطلة رسمية، لمناسبة ذكرى أربعينية مقتل الإمام الحسين، كما باشرت لجنة وزارية عليا بالإشراف على الجهد الأمني والخدمي لإنجاح الزيارة، التي خصصت الحكومة لنفقاتها 4 ملايين دولار، مع وضع 35 ألف عسكري في حال إنذار لحماية أمن أكثر من ثلاثة ملايين زائر. وأعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ أن مجلس الوزراء خصص مبلغ خمسة مليارات دينار عراقي (حوالى 4 ملايين دولار أميركي) لمحافظة كربلاء لتغطية النفقات الإضافية المخصصة للأمن والصحة والنقل والخدمات من أجل ضمان مرور زيارة الأربعين في أفضل الظروف. تدفق بشري ايراني غير مسبوق ويشهد العراق حاليًا تدفقًا بشريًا إيرانيًا غير مسبوق، شجّع عليه انسحاب القوات الأميركية من العراق، حيث يعبر الحدود الإيرانية إلى العراق يوميًا للمشاركة في زيارة الأربعين حوالى عشرة آلاف إيراني، في أول مناسبة دينية بهذا الحجم تمرّ على العراق بدون تلك القوات. وقال أبو مجاهد الشاوي مستشار الأمانة العامة لمجلس رئاسة الوزراء لشؤون المنافذ الحدودية في المنطقة الجنوبية في مكتبه في محافظة البصرة «الزوار الآتون من الجمهورية الإسلامية الايرانية زوار بعدد هائل، وفدوا إلى منفذ الشلامجة الحدودي، وأعتقد أنه مع كل يوم يدخل من منفذنا من ثمانية آلاف إلى عشرة آلاف زائر، وهذا العدد غير مسبوق في تاريخ الشعوب، ولا أعتقد أن أي دولة تستقبل في أي يوم ثمانية ألاف إلى عشرة آلاف زائر، لأنه يجب توفير كل مستلزمات وجودهم». وعند المعبر الحدودي في منطقة الشلامجة، قال زائر إيراني إن مدينته تكاد تخلو من سكانها، بعدما توجّه معظمهم إلى العراق لحضور الأربعينية. وأضاف إن أصحاب العوائل بدأوا يأخذون أسرهم، ويسيرون إلى أرض كربلاء. إجراءات أمنية وقد باشرت اليوم لجنة وزارية شكلتها رئاسة الحكومة للمتابعة والإشراف على الجهد الأمني والخدمي لزائري أربعينية الإمام الحسين مهامها، برئاسة وزير النقل هادي العامري، وعضوية وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأمن الاتحادي الفريق أحمد الخفاجي ووكلاء الوزارات الخدمية الصحة والنفط والأشغال والبلديات والنقل والكهرباء، وممثل من مكتب القائد العام للقوات المسلحة، ومعاون رئيس أركان العمليات لحفظ أمن الزائرين، الذين سيتجاوز عددهم الثلاثة ملايين. يشارك الأهالي والمؤسسات الدينية بنصب الخيم والسرادقات على طول الطرق المؤدية إلى كربلاء (110 كم جنوب بغداد) لتقديم الخدمات والطعام والرعاية الصحية إلى الزائرين. وقد نشرت محافظة كربلاء 35 ألف عنصر من الجيش لتنفيذ خطة أمنية أعدّتها قيادة عمليات الفرات الأوسط، تشارك فيها القوة الجوية وطيران الجيش أيضًا. وقال آمال الدين الهر محافظ كربلاء إنه تم استكمال الإجراءات الأمنية والخدمية الخاصة بالزيارة، وتم استنفار الكوادر البشرية وآليات دوائر البلدية والماء والمجاري والصحة والمنتجات النفطية من أجل توفير الخدمات للزائرين. من جانبه قال قائد عمليات الفرات الأوسط الفريق الركن عثمان الغانمي إنه تم نشر أكثر من 35 من عناصر الجيش والشرطة لحماية الزائرين، مشيرًا إلى أن قيادة عمليات الفرات الأوسط مستمرة في تنفيذ عمليات استباقية ضد الإرهابيين منذ بدء شهر محرم وحتى نهاية شهر صفر. وأضاف إن الخطة الأمنية أسفرت عن تفكيك 21 شبكة إرهابية وإلقاء القبض على 83 مطلوبًا وفق المادة 4 إرهاب. وأوضح أن القوة الجوية وطيران الجيش تشارك في الخطة الأمنية، من خلال الطلعات التي تقوم بها المروحيات وطائرات القوة الجوية والأخرى المسيرة، لأجل توفير الصور الجوية والمعلومات لغرفة العمليات، وخاصة المناطق الصحراوية والبساتين التي تحيط بكربلاء. وأكد أن الخطة الأمنية الخاصة بزيارة الأربعينية هذا العام تتميز بكونها تنفذ للمرة الأولى من قبل القوات العراقية حصرًا، بعد الانسحاب الكامل للقوات الأميركية. وأوضح أن مشاركة القوة الجوية ستكون عبر ثلاث مراحل: الأولى في محافظتي واسط والقادسية، والثانية في محافظتي النجف وبابل، والثالثة تتمركز في كربلاء. وأضاف الغانمي إن التحدي كبير، والإرهاب بكل أصنافه يضغط من أجل إيجاد ثغرة لينفذ من خلاها لاستهداف الجموع المليونية الزاحفة إلى كربلاء من خلال النجف وبابل، والتي تعتبر بوابتين مهمتين إلى محافظة كربلاء. وأوضح أن الخطة مبنية على عوامل مهمة بحجم نوع التهديد المعادي وحجم القطاعات والاستخبارات المتيسرة. من جهته أعلن اللواء أحمد زويني مدير شرطة محافظة كربلاء أن وزارة الداخلية ساندت شرطة كربلاء عبر إرسال قوات إضافية من المحافظات المجاورة في منطقة الفرات الأوسط، حيث وصل عدد الأفواج إلى خمسة، إضافة إلى 850 شرطية لتفتيش النساء، وسرية من الكلاب البوليسية لتفتيش السيارات بحثًا عن متفجرات. وأشار إلى أن شرطة كربلاء فرضت منذ يوم الأربعاء الماضي حظرًا كاملاً على سير المركبات والدراجات النارية والعربات التي تجرها الخيول، باستثناء مركبات القوات الأمنية والسيارات الخدمية والإسعاف. ولفت مصدر عسكري إلى أن الخطة الأمنية المخصصة لحماية الزيارة مكونة من 4 أطواق مدججة بالسلاح، ومدعومة بالجهد الاستخباري وطيران الجيش. وأضاف أن هناك 4 اطواق أمنية مدججة بالسلاح، ومعها عناصر الاستخبارات، فضلاً عن المراقبة الجوية، حيث إن الطلعات لم تتوقف منذ أيام، وسيستمر الإسناد الجوي حتى يوم الأحد المقبل، في جهد أقل ما يمكن وصفه بأنه جهد جبّار». يذكر أن زوار أربعينية الإمام الحسين المتجهين إلى مدينة كربلاء من مختلف مناطق العراق قد تعرّضوا إلى هجمات مسلحة وتفجير عبوات ناسفة، كان أبرزها تفجير ناحية البطحاء في غرب محافظة ذي قار، الذي أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من الزوار. خدمات صحية وكشفت وزارة الصحة عن خطة الإسناد، التي أعدّتها لزيارة الأربعينية، تتضمن نشر 511 مفرزة طبية و581 سيارة إسعاف، فيما حذرت كربلاء من محاولات إرهابية لتوزيع أغذية مسممة بين الزائرين. وقال مدير مركز العمليات في دائرة العمليات الطبية والخدمات المتخصصة في وزارة الصحة الدكتور عدنان محمد علي إنه تم إعداد خطة متكاملة للإسناد الطارئ بمشاركة إدارات صحة بغداد والمحافظات المشمولة بالزيارة ودوائر مركز الوزارة والجهات الأمنية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية، وهي تشمل مشاركة 511 مفرزة طبية، تنتشر على طول طريق سير الزائرين، وتخصيص 581 سيارة إسعاف. في حين بلغ عدد المستشفيات، التي تتضمنها الخطة، 111 مستشفى، تكون كلها مهيأة لأي حادث ومجهزة بالمستلزمات والأدوية المنقذة للحياة. وأضاف إنه تم نشر 20 سيارة إسعاف داخل الطوق الأمني في مدينة الكاظمية، و20 سيارة أخرى خارج الطوق، إضافة إلى انتشار 60 سيارة إسعاف على طول خط سير الزائرين من بغداد إلى اللطيفية، لافتًا إلى أن الوزارة ستقوم بإسناد دائرة صحة كربلاء من خلال 10 سيارات إسعاف، و25 أخرى إلى دائرة صحة بابل. وأكد مدير مركز العمليات أن الخطة تكتمل بإرسال الوزارة أكثر من 200 سيارة سعة 10 ركاب فما فوق، لنقل الزائرين من مدينة كربلاء إلى بغداد عند انتهاء الزيارة. وأوضح أن الخدمات الصحية تنقسم إلى خدمات وقائية، يقدمها قسم الرعاية الأولية من خلال مراقبة المشروبات والأغذية المقدمة إلى الزائرين، وتقديم الخدمات الطبية الطارئة في موقع الحدث عبر المفارز الطبية المتنقلة وسيارات الإسعاف وإجراء الإسعافات المنقذة للحياة، ونقل الجرحى والمرضى من المراكز الصحية الثابتة إلى المستشفيات، إضافة إلى تقديم خدمات طبية طارئة، تجري في صالات الطوارئ في المستشفيات، وخدمات علاجية نهائية، مثل عمليات جراحية وعلاج الحروق. وأشار إلى تهيئة مفارز طبية ثابتة ومتنقلة على طريق الزائرين، فضلاً عن فرق طبية جراحية لشتى الاختصاصات.. مؤكدًا تجهيز صالات العمليات وتعزيزها بالأدوية والمستلزمات الطبية، وتواجد ملاك العمليات فيها على مدار الساعة خلال أيام الزيارة. من جانبها وضعت دائرة صحة مدينة كربلاء خطة، نشرت خلالها العشرات من سيارات الإسعاف والخيم في المحاور الثلاثة المؤدية إلى المدينة وتوفير العلاجات والمستلزمات الطبية لعلاج المرضى من الزائرين. يذكر أن كربلاء تشهد، ومنذ أسبوع توافد مئات الآلاف من الزائرين، لمناسبة أربعينية الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، التي ستصادف السبت المقبل، وسط إجراءات أمنية مشددة. وقالت وزارة الداخلية إن زوارًا من مختلف الدول العربية والإسلامية يصلون بعشرات الآلاف حاليًا إلى العراق، عبر المنافذ الحدودية، فمنافذ زرباطية والشلامجة والسيب (شرق) وسفوان (جنوب) والقائم، وطريبيل، والوليد الحدودية (غرب) إستقبلت حوالى مائة ألف زائر، حيث تمت تهيئة كل المنافذ الحدودية لاستقبال الزوار، إلى حين انتهاء مراسم الزيارة السبت. أربعينية الإمام الحسين أكبر المناسبات الدينية للشيعة بعد منع استمر لسنوات عدة في زمن النظام العراقي السابق، فقد استأنف المسلمون الشيعة في البلاد بعد سقوط النظام عام 2003 إحياء ذكرى عاشوراء في العاشر من محرم من كل عام، وذكرى الأربعينية، التي تعدّ من أكبر المناسبات الدينية لديهم، حيث يحيون فيها ذكرى مرور أربعين يوماً على يوم عاشوراء، وهو اليوم الذي استشهد فيه الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب في كربلاء عام 61 للهجرة، وذلك في أجواء يخيّم عليها الحزن، وترفع فيها الرايات السود، وسط مجالس العزاء، التي تروي السيرة التراجيدية للحدث. وتصادف زيارة الأربعين في العشرين من شهر صفر، وهو اليوم الذي يصادف مرور أربعين يومًا على مقتل الإمام الحسين وأفراد عائلته، وتصادف هذا العام يوم السبت المقبل. تجري زيارة الأربعين هذا العام وسط أسوأ أزمة سياسية يشهدها العراق منذ عام، بعدما سعت الحكومة، التي يقودها، إلى اعتقال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، وطلب رئيسها نوري المالكي من مجلس النواب عزل نائبه صالح المطلك، وهما قياديان في القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي. وتهدد الأزمة بانهيار الحكومة الائتلافية الهشّة، التي تضم الشيعة والسنة والأكراد، كما تثير مخاوف من تجدد أعمال العنف الطائفية في البلاد.