تزايد الإقبال على التعليم الخصوصي يكشف حضور هذا النوع من التعليم ضمن منظومة التربية والتكوين يعرف التعليم الخصوصي بجهة الشراردة بني احسن إقبالا مضطردا من قبل الآباء الذين يفضلون اللجوء إلى هذا الصنف من التعليم بالرغم مما يطرحه من تساؤلات بخصوص جودته وعلاقتها بالأسعار المقترحة. فإذا كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين قد راهن على تمكين مؤسسات التعليم الخاص من نسبة متزايدة من التلاميذ الممدرسين تصل إلى حدود العشرين بالمائة، فإن الأرقام والمعطيات الإحصائية تكشف عن تزايد حضور هذا النوع من التعليم ضمن منظومة التربية والتكوين بالجهة. وإذا كانت إحصائيات الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين تشير إلى أن التعليم الخصوصي بالجهة يبلغ نسبة 7 بالمائة، وأن عدد التلاميذ المسجلين بهذه المؤسسات قد بلغ خلال الموسم الحالي 25 ألف و393 تلميذا مقابل 23 ألف و757 متمدرسا مسجلا خلال الموسم الفارط، فإن هناك توافقا بين جميع المتدخلين بخصوص وجود اختلالات يعيشها القطاع وضرورة التصدي العاجل من أجل تقويمها. وأكد عبد اللطيف اليوسفي مدير الأكاديمية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه «رغم التوسع الكمي الذي عرفته مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي بالجهة، فإن هذا القطاع لازال يعرف مجموعة من الاختلالات». وأبرز أن الأكاديمية سعت في إطار تقويم هذه الاختلالات إلى اتخاذ تدابير تكميلية ضرورية من أجل تأهيل التعليم المدرسي الخصوصي بنيابات الجهة الثلاث (القنيطرة وسيدي سليمان وسيدي قاسم) وضمان جودة متجانسة من خلال تعزيز التأطير والمراقبة، وتدعيم عمل هيئات التفتيش التربوي والإداري بهذه المؤسسات لضمان التأطير والمصاحبة والمراقبة والمتابعة الضرورية والداعمة لتطوير مردوديته. ومن هذا المنطلق، يضيف مدير الأكاديمية، يتم إدماج أساتذة التعليم الخصوصي وإدارييه في مختلف برامج التكوين المستمر سواء فيما يتعلق ببيداغوجيا الإدماج أو ديداكتيك المواد أو التدبير الإداري. ومن جهة أخرى، أشار اليوسفي إلى أن الأكاديمية تحرص على تطوير آليات التواصل المستمر مع المعنيين بالقطاع سواء من خلال ممثلهم بالمجلس الإداري أو من خلال اللقاءات التواصلية الموسعة. وأضاف أن الأكاديمية ستعمل في مختلف نياباتها على ضبط آليات الاشتغال وأساليبه ومقوماته من خلال إجراءات دقيقة وصارمة في ضبط البنايات ومواصفاتها أو في الترخيصات للأطر العاملة بهذا القطاع من موظفي التعليم العمومي وحتى في متابعة الالتزام بالمناهج والبرامج المقررة أو في طرق التعامل مع نقط المراقبة المستمرة وخاصة في التعليم الثانوي التأهيلي. وأوضح اليوسفي أن الأكاديمية ستنظم في شهر دجنبر المقبل منتدى جهويا حول موضوع تنمية الاستثمار في قطاع التعليم المدرسي الخصوصي بالجهة مشيرا إلى أن هذا الملتقى الجهوي، يروم الارتقاء بالعرض التربوي الخصوصي والرفع من جودة خدماته و جاذبيته وتطويره والنهوض به، والى دعم كل التدابير التحفيزية الرامية إلى تشجيع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي. أما على المستوى التربوي فإن الأكاديمية تحرص أشد الحرص على جعل هذا التعليم مواكبا لمختلف التطورات التي تعرفها المنظومة وخاصة في مشاريع البرنامج الاستعجالي. وتجدر الإشارة إلى أن وضعية التعليم المدرسي الخصوصي بالجهة تطورا مهما حيث تميزت الثلاث سنوات الأخيرة (من 2009/2008 إلى 2011/2010) بإحداث 19 مؤسسة جديدة ليصل مجموع المؤسسات إلى 142. غير أن هذا الارتفاع الكمي المحسوس، لا يحول دون التأكيد على أن هذه الوضعية تتميز بمحدودية خدماتها وضعف توسعها، إذ إن تلاميذ التعليم المدرسي الخصوصي لا يمثلون سوى 8 بالمائة من مجموع تلاميذ التعليم الابتدائي، و3 بالمائة بالتعليم الثانوي الإعدادي، و8 بالمائة بالتعليم الثانوي التأهيلي، كما أن التوزيع الجغرافي للمؤسسات يعرف تفاوتات مهمة إذ أنها كلها تقريبا متواجدة بالوسط الحضري وبالخصوص ببلدية القنيطرة. والأكيد أن هذا الارتفاع المحسوس في نسبة المتمدرسين بالتعليم الخصوصي، سنة بعد أخرى، يكشف بوضوح رغبة متزايدة من لدن الأباء في تمكين أبنائهم من تعليم يكفل لهم تكوينا ذي جودة عالية ويفتح الباب أمام مشرق أفضل يسيطر عليه هاجس ولوج سوق الشغل بكل يسر. وفي هذا الصدد، أكدت خديجة مجتهد مديرة إحدى المؤسسات الأجنبية الحرة بمدينة القنيطرة والمتخصصة في التعليم الأساسي والأولي أن التعليم المدرسي الخصوصي أضحى يشكل شريكا وفاعلا أساسيا في المنظومة التعليمية، مسجلة ارتفاع عدد الآباء الذين باتوا يطرقون باب المؤسسة سنة بعد أخرى بحثا عن تعليم وتكوين يلائم تطلعاتهم. وفي أفق الاستجابة لهذه المطالب المتزايدة، أضافت مجتهد أن التعليم الخصوصي مدعو إلى العمل من أجل الرفع من جودته والرقي بخدماته من أجل المساهمة في الارتقاء بالمنظومة التعليمية من خلال تقديم تعليم جاد وتربية المتمدرسين تربية تسعى لتطوير كل جوانب شخصيتهم وجعل المؤسسة مجالا مفضلا للالتقاء والتعاون بين أولياء التلاميذ والطاقم التعليمي. وأكدت انه لبلوغ الرهان المطروح على قطاع التعليم لابد من تضافر المزيد من الجهود وانخراط كافة الشركاء والفاعلين كل حسب موقعه للمساهمة في الرفع من جودة الخدمات التعليمية المقدمة بالجهة وتقويم الاختلالات التي يعرفها القطاع حتى ينخرط الجميع في ورش الإصلاح بروح المسؤولية ويساهم المتعلم في إنتاج وبناء المعرفة. أما فيما يهم العلاقة بين الجودة والأسعار فقد اعتبر بوعزة الخراطي رئيس الفيدرالية المغربية لحماية المستهلك التي يوجد مقرها بالقنيطرة أن هناك بعض المؤسسات التي تعمل على الوفاء بشروط الجودة فيما تسعى مؤسسات أخرى إلى جني الأرباح فقط. وانتقد الخراطي «تهافت عدد من المؤسسات الخاصة على رفع الأسعار بشكل مضطرد وسنوي مما أضحى يشكل معاناة حقيقية بالنسبة لأسر المتوسطة الدخل». وطلب في هذا الصدد بضرورة وضع ترسانة قانونية من اجل تنظيم قطاع التعليم الخصوصي.