روسيا تعلن إسقاط 47 مسيّرة أوكرانية    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    الجديدة: مدرسة رائدة تتنفس روائح الأزبال    خميس الحكامة يعود إلى الدار البيضاء والرميلي: المدينة على أبواب التحول إلى "متروبولية" ضخمة    وفاة شاب وإصابة آخرين بتسمم غذائي بأكادير    صناعات تحويلية: ارتفاع الرقم الاستدلال للأثمان عند الإنتاج بنسبة 0,2 في المائة خلال شهر أكتوبر (مندوبية)    أين اختفت مبادئ حقوق الإنسان في قضية بوعلام صنصال.. لماذا التزمت هذه المنظمات الصمت؟    علماء يكشفون عملية تصنيع قطعة أثرية يعود تاريخها إلى 3600 عام    فرنسا تعترف بإحدى مجازرها في السنغال.. والرئيس السينغالي يطالبها بإغلاق قواعدها في بلاده    ندوة تمويل المساواة: تخطيط وميزانية سياسات المساواة رافعة لفعالية "المساواة"    أسماء مغربية تتألق في "يوروبا ليغ"    بيان مشترك: المغرب وغرينادا عازمان على تعميق تعاونهما الثنائي    "لبؤات الأطلس" يهزمن البوتسوانيات    وزير العدل يتباحث بالقاهرة مع عدد من نظرائه العرب    أمن طنجة يوقف شخصين احدهما قاصر بحي المصلى في حالة تلبس بحبازة المخدرات    بوعلام صنصال على حافة الموت.. ورطة النظام الجزائري واتهامات البرلمان الأوروبي للكابرانات وتهديد بفرض عقوبات        مجلس جماعة الدار البيضاء يصادق في دورة استثنائية على مشاريع لتعزيز العرض السياحي وتطوير المسار التنموي    استثمار استراتيجي لاتصالات المغرب لدعم التحول الرقمي بموريتانيا    المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم يتراجع في التصنيف الدولي    شاب يقتل والدته ويعتدي على شقيقيه في جريمة مروعة بطنجة    جوائز التميز الحكومي العربي .. محمد امهيدية افضل والي جهة على الصعيد العربي    الأمير مولاي رشيد يكتب عن مهرجان مراكش ويشيد بالمخرجة الشابة أسماء المدير    كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم : نهضة بركان يدشن طريق البحث عن اللقب الثالث بفوز على لواندا الأنغولي    بعد دفاع "الشرعي" عن نتنياهو.. مجموعته تتراجع وتوضح "خطنا التحريري ملكي"        كرة القدم.. الدولي الفرنسي كامافينغا ينضم إلى قائمة المصابين في صفوف ريال مدريد    المنتخب الوطني المغربي للباراتايكواندو يحرز ثلاث ميداليات ذهبية في منافسات بطولة العالم بالبحرين    صحيفة "إلموندو" الإسبانية تشيد بالدار البيضاء، الحاضرة الدينامية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    بنك المغرب يستعد لإطلاق سوق ثانوية للديون المتعثرة ب100 مليار درهم    بايتاس: "الحماية الاجتماعية" أولوية حكومية .. و"نقاشات الإضراب" طبيعية    البرلمان الأسترالي يقر حظر الشبكات الاجتماعية للأشخاص دون 16 عاما    أخنوش يجري مباحثات مع الوزير الأول بجمهورية غينيا    انتهاء التحكيم الدولي في قضية "سامير" يجدد المطالب لأخنوش باستئناف التكرير ووقف التهرب من المسؤولية    اتحاد طنجة يفرض عقوبة على الحارس ريان أزواغ    أزيد من 12 ألف شخص حضروا "فيزا فور ميوزيك"    الأكاديمية العليا للترجمة تناقش «رهَاناتُ التَّرجَمَة في التَّحْليل النَّفْسي»    بوتين: الهجوم يرد على صواريخ أمريكا    تلوث الهواء الناتج عن الحرائق يتسبب في 1.5 مليون وفاة سنوياً حول العالم    دراسة: جرعات نصف سنوية من عقار ليناكابافير تقلل خطر الإصابة بالإيدز    الفن يزين شوارع الدار البيضاء في الدورة التاسعة من "كازا موجا"    إسرائيل تستأنف قرار توقيف نتانياهو وغالانت    تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس لبنان    كليفلاند كلينك أبوظبي يحصد لقب أفضل مستشفى للأبحاث في دولة الإمارات للعام الثاني على التوالي    تقرير ‬حديث ‬لصندوق ‬النقد ‬الدولي ‬يقدم ‬صورة ‬واضحة ‬عن ‬الدين ‬العمومي ‬للمغرب    أسعار اللحوم تفوق القدرة الشرائية للمواطن رغم دعمها من طرف الحكومة    أهمية التطعيم ضد الأنفلونزا أثناء الحمل    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    ملخص الأيام الأولى للتراث والبيئة للجديدة    مبادرة تستحضر عطاءات محمد زنيبر في عوالم الأدب والتاريخ والسياسة    نقص حاد في دواء السل بمدينة طنجة يثير قلق المرضى والأطر الصحية    حوار مع جني : لقاء !        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكنزة.. قصة تودة: الانتصار للصوت النسائي، وعن تموايت الأم رقية ورجع الصدى الابنة تودة
نشر في بيان اليوم يوم 02 - 02 - 2023

الانتصار للصوت النسائي، وعن تموايت الأم رقية ورجع الصدى الابنة تودة
بدعم من مسرح محمد الخامس، قدمت فرقة فوانيس المسرح من مدينة ورزازات، مسرحيتها الجديدة "تكنزة.. قصة تودة" من تأليف إسماعيل الوعرابي وطارق الربح وأمين ناسور، ودراماتورجيا وإخراج أمين ناسور.. والملابس من توقيع سناء شدال، والإضاءة من تصميم عبد الرزاق أيت بها، ومن تشخيص: خديجة زروال وعادل الحميدي وأحمد باحدا وهند بلعولة وإسماعيل الواعرابي، أما العزف والأداء الغنائي، فكان على مقامات وأوتار كل من إيمان تيفيور وأيوب أسوس، وتكلف بإدارة وتنفيد الإنتاج يوسف بوخبيان.
1. تكنزة.. قصة تودة.. تموايت الأم رقية ورجع الصدى الابنة تودة:
إذا كان الفن الفرجوي لأحواش، يتم تشكله في (أسايس) عبر تكوين دائرة أو دوائر (إزركان) من الرجال، الذين يؤسسون لإيقاعات أحواش المتتالية، من خلال (الدفوف) أو (تكنزيوين)، إلى جانب تشكل قوس من النساء، اللواتي يطلقن إلى جانب ما يسمى ب (أهايو) تموايت الغناء ويرسمن هلال الرقص حول الرجال، فإن مسرحية تكنزة.. قصة تودة، تنطلق من نشاز يضرب إيقاعات الرجال ويصيب رقصات النساء بالشلل.
تلك كانت قصة (الرايسة رقية) مع (بوجمعة)، قصة كما يأتي في حوارات المسرحية "جمعها بندير وفرقها بندير" في قلب رقصة أحواش؛ تلك القصة المتوارثة بين أهالي الجنوب في رحاب أحواش، هي:
قْصَّة سْمْعْنَاهَا..
دْخْلْنَهاَ دْخُولْ رْزِينْ..
بْقَاتْ لْعْقُولْ لِيهَا مْشْدُودَة
أَحْوَاشْ رْبْطْنَا فِيَها رَبْطَة حْنِيَنة.
هَكْذَا سْمْعْنَاهَا…
وَلَّا هَكْذَا شْفْنَاهَا قْصَّة بْنِينَة مَمْدُودَة..
وْلَّا إِمْكْنْ هَكْذَا فْهْمْنَاهَا..
تَكْنْزَا .. قْصَّة تُودَة
ولأن قوة الطقس، تتجلى في تكراره، فالفعل نفسه، يتكرر، غاب صوت الرايسة رقية عن أسايس نوحواش، ليسمع رجع صداها من الابنة تودة، التي تعاند الوجود وسلطة الأخ وحيرة الأب، قبل أن تستعيد، في نضالها وسفرها وعودتها، صوت الحرية الدفين المنبعث من قوس نساء أحواش، لكي تغني في الأخيرة بصحبة الأخ والأب والقبيلة على غرار ما غنى الرايس لحسن أرسموك ومعه فرق أحواش:
مَارَادْ سْكرِغ إلهَوا.. إليٍ غِيدَامْنينُو.. تَوَالنسِي
1. تكنزة قصة تودة.. الاحتفاء بالهوية الامازيغية باعتبارها رافدا من روافد الهوية المغربية:
لم تكن مسرحية تكنزة.. قصة تودة، مجرد عرض مسرحي بدأ برفع الستار، وانتهى بأهم شيء في فنون أحواش أي أداء أغنية قديمة:"مَارَادْ سْكرِغ إلهَوا"، بل تشكل المسرحية فرصة للاحتفاء بالفنون الفرجوية لأحواش، وهو احتفاء بالأساس بالعشائر والقبائل التي تخزن ذاكرتها الثقافية ووعيها الجمعي في هذا الشكل الفرجوي.. إنها قبائل كلاوة، وأيتواوزكيط، وأيتورزازات، وإمغران، وأيت زينب، وإكرنان، وأيتتوايا، أيتبودلال، أيت تماست، أيت إميني، إلى إماسين شرقا، وأفلا ندرا جنوبا.
1. تكنزة قصة تودة الاحتفاء بالتراث المادي لجنوبنا الشرقي:
يرفع الستار، عن مسرحية تدعونا إلى قلب قصبة أبدعها السينوغراف طارق الربح.. إننا في فضاءات ألف قصبة وقصبة.. ورزازات. ولك أن تختار بين قصبة تلوات مرورا بقصبة أيت بنحدو، وقصبة تفولتوت وقصبة تاوريرت وصولا إلى قصبة أمرديل، وغيرها من القصبات التي تشكل التراث المادي بالجنوب الشرقي على ضفاف وادي درعة أو وادي مكون، أو تلك التي تطل على الواحات.. في هاته الفضاءات تشتعل إيقاعات أحواش، في أسايس أو أسراك.. إنه فضاء الأكورا عند القبائل الأمازيغية، تشكل المسرحية احتفاء آخر بالتراث المادي لجنوبنا الشرقي.
1. تكنزة قصة تودة تموايت العاشقة والانتصار للريسات:
يرفع الستار.. عن قصبة – عبر تقنية المابينغ التي تألق في تشكيل صورها رضا تسولي – موشومة بالرموز الأمازيغية، والأهم من ذلك عن رحلة حمامة ستكون صورة مجازية طيلة العرض (تاتبيرت نوحواش).. تلك كانت رقصة رقية، وتلك كانت "تودة بنت تاتبيرت نوحواش"..
بعد ذلك، يأتي الانتصار للصوت النسائي.. فمن عذوبة صوت الفنانة ايمان تيفيورالتي ظهرت في ثوب الرايسة رقية أم الرايسة المقبلة تودة، إلى إثارة المشترك الفني الذي اخترق تكنزة ونسج حكاية تودة.. تعيد المسرحية إحياء ذكرى الرايسة فاطمة بلعيد، ثم يشتد الوجد للرقص على صوت آخر لا يقل بهاء الرايسة صفية وتلوات.. أصوات نسائية تعيد قص (تاونزا)، وقبل أن تتمايل وتنتفض ب"أسيحٌ اتاونزا"، فهي تغازل أجديك ءيمي ن تركا:
أجديك ءمي ن تركا…. والٌي عاون..
أهايي نبيد أيبيد ربي غ تامانو.. اوا اسيح اتاونزا..
أجديك ءمي ن تركا…. والٌي عاون..
مرورا بأغنية
اتيدبريناتومليلين.. ساولاوارايس.. اربهراارتكاتالخلا..
وصولا إلى أغنية:
مانزاك ابو الهوى.. ع لا ربي فكاع اميك نواوالي..
اغ سول الاحباب غتونتي.. علا ربي اتمام غداو وكالي
وتنتهي المسرحية على إيقاع أغنية الرايس لحسن ارسموك، التي ترددها فرق أحواش، وهي أغنية تكشف عن عشق تودة لهواها الأول الذي يسكن دمها، عشق مسيرة الأم رقية، والرقص في أسايس نوحواش، ذلك ما تعبر عنه الأغنية الختامية عن الهوى والعشق:
ماراد سكرغ إلهوا.. غلا غدامنينو..توالانسي..
نيغ إميل سنتهنا..إفليي داغ وينو.. تمارانسي
ماراد سكرغ إلهوا.. إلا غدامنينو.. نوالانسي
1. تكنزة قصة تودة..عن الأمل والثورة والحب:
من نسج مسرحية تكنزة قصة تودة، قصة أخرى هي أهم ما وقع في منعطفات حياة تودة.. التي اتجهت إلى دروب المدينة لاستكمال حياتها الجامعية.. هناك تبدأ حكاية شاب، لم يدرك زمن الرفاق، فظهر لنا في تيه بين حلقيات الجامعة وفصائلها الطلابية.. اسمه (الغالي).. شاب في زاده الأمل والثورة والحب.. فضاع شأنه شأن ذلك المطرب الذي ضيعه الأمل، وتاه في ضباب من أسىً شفيف لا يعرف أية ثورة يريد؟ وضد من؟ ومن أجل من
* الغالي: "امنت بالنضال كبرت به ومعه.. وعشت كنحلم بالثورة وكثير الثورات… لكن لمن من؟ وعلى من؟ وبمن؟ بعض المرات آمنت بالقضية.. والقضية.. ممكن تكون حنا"،
أما الحب قد أبقاه على ناصية الحياة، قبل أن يختفي في سراب.. فتعود تودة بنت تاتبيرت نوحواش.. تلك التي يترصدها الأخ وهي تغني فوق القبور، إلى الاحتماء بقبر الأم رقية وهمس رقية ولمسة رقية وشوق رقية..
1. تكنزة قصة تودة..غاب صوت النساء فتاه الرجال:
انتهت رقصة أحواش، اخترقت تكنزة، نشاز تسبب في العزلة والألم، يقول بوجمعة:
* بوجمعة: "ياك غا بندير.. عود وجلدة.. هرستك وتهرست معك – يصرخ بوجمعة – رقية نهار مشات حتى الخيمة رابت.. ياك غا بندير… كانت حمامة وسط اسايس.. بلاصتك كبيرة عشات فيها البرودة… ياريت كلشي يتعاود أ رقية"
ولأن قيمة الطقس تتجلى في تكراره، فإن المسرحية تعيد نفسها من جديد على غرار تموايت الرايسة فاطمة بلعيد، والصورة نفسها تتكرر عند الرايسة صفية اوتلوات. الفعل نفسه في المسرحية، كانت رقية، لتعيد تودة تشكيل الصورة نفسها… تلك أصوات نسائية حرة تطلق تموايت نتايري في غياهب الأطلس وفي مواجهة تراتيل الرجال والرجعية.
من خلال حكاية معروفة ومتوارثة، استطاع الدراماتورج والمخرج أمين ناسور، ومن خلاله فرقة فوانيس المسرح من مدينة ورزازات، أن تقدم لنا تجربة مسرحية فريدة، تحتفي بالموروث المادي واللامادي للجنوب الشرقي، وأن تمزج روافد الهوية المغربية في لغة درامية واحدة تجمع اللهجة العامية باللغة الأمازيغية، ومن مقاطع الزجل والأشعار الأمازيغية والموسيقى الأمازيغية التي ظلت ترافق العرض منذ بدايته.
وإذا كانت فرقة فوانيس المسرح من ورزازات قد ارتشفت من حقول الجنوب وأنصتت إلى إيقاعات أحواش وفضاءات القصبات، ليعيدوا تشكيل هاته الأسطورة جماليا من خلال كتابات إسماعيل الواعربي وطارق الربح وأمين ناسور، فإن هذا الأخير، الذي يضع في صلب مشاريعه المسرحية الاشتغال على الموروث الثقافي المادي واللامادي بروح جديدة ومتجددة، قد اشتغل سابقا مع فرقة تفسوين للمسرح من الحسيمة على ثلاثية مسرحية تمتح من التراث اللامادي للريف، واشتغل أيضا مع فرقة أنفاس للثقافة والمسرح من أقاليمنا الجنوبية على مسرحيتين "الخالفة" و"الخيمة"، ومن خلالهما عمل على تثمين وإبراز الموروث الثقافي الحساني، واليوم يوقع من خلال مسرحية "تكنزة.. قصة تودة" لفرقة فوانيس من ورزازات على محاولات جمالية في ارتباطها بالموروث المادي واللامادي للجنوب الشرقي.
بقلم: د. عبد المجيد اهرى
تصوير بعدسة: عبد العزيز خليلي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.