طوت إيطاليا صفحة الأحد الماضي مع تسلم جورجيا ميلوني مهماتها الجديدة غداة تأديتها اليمين الدستورية لتكون رئيسة الوزراء الأكثر يمينية في إيطاليا منذ 1946. وفور تسلمها مهماتها عقدت ميلوني مساء الأحد في روما أول لقاء لها مع زعيم أوروبي هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تعهد العمل معها بشكل "طموح" ولكن أيضا ب"يقظة". وأبقى الإليزيه على الغموض بشأن هذا اللقاء الذي حصل بعيدا من الكاميرات في وسط العاصمة الإيطالية واستمر أكثر من ساعة بقليل. وكتب ماكرون على تويتر "بصفتنا أوروبيين، ودول جوار، وشعوب صديقة، يجب أن نواصل مع إيطاليا كل العمل الذي بدأ. أن ننجح معا، بالحوار والطموح، هو أمر ندين به لشبابنا وشعوبنا"، مرفقا تغريدته بصورة تظهره خلال مناقشاته مع الزعيمة الجديدة. وفقا لروما، ركز الاجتماع "الودي والمثمر" على "الحاجة إلى استجابات سريعة ومشتركة لارتفاع أسعار الطاقة" على المستوى الأوروبي، وتطرق إلى "دعم أوكرانيا" و"إدارة تدفقات الهجرة". وعبر الزعيمان عن "رغبتهما في مواصلة التعاون بشأن التحديات المشتركة الرئيسية على المستوى الأوروبي مع احترام المصالح الوطنية لكل منهما"، بحسب روما. وقالت ميلوني في وقت سابق من اليوم نفسه، في ختام أول اجتماع لمجلس الوزراء استمر نحو ثلاثين دقيقة، "علينا أن نكون موحدين. هناك أوضاع طارئة تواجهها البلاد. علينا العمل معا". وجاء تصريحها على خلفية توتر مع سيلفيو برلوسكوني وماتيو سالفيني اللذين انضما إلى ائتلافها. وصباحا، سلم ماريو دراغي الذي ترأس حكومة إيطاليا في فبراير 2021، السلطة إلى زعيمة حزب "فراتيلي ديتاليا" (إخوة ايطاليا) اليميني المتطرف في قصر كيجي مقر الحكومة. واجتمعا في ما بعد بمفردهما لأكثر من ساعة. بعد الاجتماع، سلم دراغي رئيسة الحكومة الجديدة رمزيا الجرس الذي يستخدمه رئيس مجلس الوزراء لضبط المناقشات خلال اجتماعات المجلس. وأعرب الاتحاد الأوروبي، بلسان رؤساء هيئاته الكبرى الثلاث، رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، السبت عن استعداده "للتعاون" مع حكومة ميلوني. وشكرت ميلوني القادة الأوروبيين، قائلة إنها "مستعدة ومتحمسة للعمل" معهم. وقال البابا فرنسيس بعد عظة الأحد في ساحة القديس بطرس "اليوم، مع بداية حكومة جديدة، نصل ي من أجل الوحدة والسلام في ايطاليا". أدت ميلوني ووزراؤها الأربعة والعشرون اليمين الدستورية صباح السبت في قصر كويرينالي الرئاسي في روما، أمام الرئيس سيرجيو ماتاريلا، متعهدين "احترام الدستور والقوانين". وعينت ست نساء فقط في مناصب وزارية، وأوكلت إليهن وزارات صغيرة. حققت ميلوني (45 عاما) فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية الإيطالية في 25 شتنبر وتمكنت من تلميع صورة حزبها "فراتيلي ديتاليا" للفاشيين الجدد واعتلاء السلطة بعد قرن بالضبط على تولي الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني الحكم في بلادها، وقد أعربت ميلوني سابقا عن إعجابها به. تواجه ميلوني مهمة صعبة، إذ تشهد إيطاليا، ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، على غرار الدول الأوروبية الأخرى، وضعا اقتصاديا صعبا بسبب أزمة الطاقة والتضخم، كما سيتعي ن على ميلوني حفظ وحدة ائتلافها الذي يعاني انقسامات. تتمتع ميلوني، مع شريكيها في الائتلاف زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتيو سالفيني ورئيس الوزراء السابق زعيم حزب "فورتسا ايطاليا" سيلفيو برلسكوني، بالأكثرية المطلقة في مجلسي النواب والشيوخ. عكست التشكيلة الوزارية الجديدة رغبة ميلوني في طمأنة شركاء روما القلقين من حكم رئيسة الوزراء الأكثر يمينية والأكثر تشكيكا بجدوى الاتحاد الأوروبي في إيطاليا منذ 1946. ومن شأن تعيين الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني في منصب نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية، وهو عضو في فورتسا ايطاليا، وتولي جانكارلو جاورجيتي حقيبة الاقتصاد وهو ممثل الجناح المعتدل في "الرابطة" وقد تولى حقيبة وزارية في حكومة رئيس الوزراء ماريو دراغي المنتهية ولايتها، أن يطمئن بروكسل. ويتوقع أن تكون مهمة ميلوني صعبة خصوصا أن ائتلافها يظهر تصدعات. يتقبل كل من سالفيني وبرلوسكوني تولي ميلوني السلطة على مضض بعدما فاز حزبها ب26 بالمئة من الأصوات في الانتخابات، في مقابل 8 في المئة فقط ل"فورتسا ايطاليا" و9 بالمئة للرابطة. واضطرت ميلوني المؤيدة لحلف شمال الأطلسي ولدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، إلى مواجهة مواقف برلوسكوني المثيرة للجدل هذا الأسبوع إذ أكد "إعادة التواصل" مع بوتين وألقى بالمسؤولية في حرب أوكرانيا على كييف. وأوضحت ميلوني مسارها الأربعاء مؤكدة أن ايطاليا "جزء لا يتجزأ" و"برأس مرفوع" من أوروبا وحلف شمال الأطلسي. وهي رسالة لاقت أصداء ايجابية في واشنطن وكييف وحلف شمال الأطلسي الذي وجه أمينه العام ينس ستولتنبرغ "تهانيه" إلى ميلوني. في واشنطن، هنأ الرئيس الأميركي جو بايدن السبت رئيسة الوزراء مؤكدا أنه "يتطلع" لمواصلة العمل معها فورا لصالح أوكرانيا. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر انه "يتطلع لمواصلة التعاون المثمر". وأجابته ميلوني "لستم وحدكم! ستقف إيطاليا دائما إلى جانب الشعب الأوكراني الشجاع الذي يناضل من أجل حريته وسلام شرعي". وهنأ المستشار الألماني أولاف شولتس ميلوني في رسالة عبر تويتر، قائلا "أتطلع إلى مواصلة العمل من كثب مع إيطاليا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومجموعة السبع".