يهدف القانون الجديد المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، إلى تحسين العلاقات بين الجانبين وإرجاع الثقة للاستثمار في السكن الكرائي. وتجدر الإشارة أن مجلس النواب صادق السنة الماضية بالأغلبية على مشروع قانون ينظم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني. ويروم هذا المشروع، الذي يتضمن 53 مادة، النهوض بالسكن المعد للكراء، وتشجيع المنعشين العقاريين على الاستثمار فيه باعتباره قطاعا سيساهم إلى جانب الولوج إلى الملكية، في تأمين السكن للعديد من الشرائح الاجتماعية، خاصة الأسر الحديثة التكوين، والحد من اللجوء إلى السكن غير اللائق. وفي غضون النقاش حوله، سبق لتوفيق احجيرة، وزير الإسكان والتنمية المجالية، أن صرح بأن هذا القانون الجديد للكراء من شأنه أن يخفف من حدة الخصاص الذي يشكو منه قطاع السكن الاجتماعي. ذلك أن أكثر من 184 ألف شقة معدة للكراء كانت وقتها مقفلة بسبب تخوف أصحابها من احتلالها من قبل المكترين؟؟. وجاء القانون الجديد بمجموعة من الإجراءات، منها التنصيص على ضرورة كتابة عقد الكراء باعتماد وثيقة تحدد فيها بشكل دقيق وواضح حقوق وواجبات كل طرف من طرفي العقد. وتحديد مدة عقد الكراء بتراضي طرفي هذا الأخير وتضمينها في العقد المكتوب والتأكيد على مبدأ حرية تحديد السومة الكراء. كما ينص القانون الجديد على مراجعة السومة الكرائية طبقا لمقتضيات القانون المتعلق بمراجعة أثمان كراء المحلات المعدة للسكنى أو لاستعمال المهني أو التجاري أو الصناعي أو الحرفي، وشمول الأحكام القاضية بأداء الواجبات الكرائية بالنفاذ المعجل. ونص المشروع على مراجعة السومة الكرائية بالزيادة فيها بشكل أوتوماتيكي كل ثلاث سنوات بنسبة 8 في المائة بالنسبة إلى المحلات المعدة للسكنى، و10 في المائة بالنسبة إلى المحلات المعدة للاستعمال المهني، ابتداء من تاريخ إبرام العقد أو من تاريخ آخر مراجعة قضائية أو اتفاقية، وذلك في حالة عدم الاتفاق على شروط المراجعة ونسبة الزيادة. من أهداف القانون الجديد وقد تم إعداد هذا القانون، الذي يتضمن 53 مادة، بناء على دراسة دامت حوالي سنتين ونصف، تم من خلالها إجراء تشخيص شامل ودقيق لحالة القطاع والوقوف على الإكراهات التي تعيق تطوره. كما تم إعداده استنادا إلى نتائج مشاورات واسعة مع عدد من رؤساء المحاكم ومع ممثلي إدارات ومؤسسات عمومية ومهنيين وخبراء في الميدان. وخلصت هذه الدراسة والمشاورات إلى كون القطاع يعاني فعلا من عدة اختلالات أدت إلى أزمة ثقة تضررت من جرائها العلاقات بين المكترين والمكرين. من الإجراءات التي نص عليها القانون الجديد ضرورة التمييز، في وصل الكراء، بين وجيبة الكراء والتكاليف المترتبة عنه، ووجوب إعداد بيان وصفي لحالة المحل المكترى وقت تسلم المحل ووقت استرجاعه، ووجوب توفر المحل المعد للسكنى على المواصفات الضرورية للسكن اللائق من حيث الأجزاء المكونة له وشروط التهوية. وتضمن القانون أيضا تحديد وتوضيح حالات استرجاع المحل من طرف المالك، والتنصيص صراحة على الحالات التي يسمح فيها بفسخ عقد الكراء، واعتبار عقدي التولية (الكراء الفرعي) والتخلي (تنازل المكتري الأصلي عن حق كراء المحل لشخص آخر) في حالة التولية أو التخلي بصفة غير قانونية، مفسوخين بقوة القانون على غرار عقد الكراء الأصلي، بمجرد صدور الأمر القضائي بطرد المحتل، واعتبار المتولى أو المتخلى له بصفة غير قانونية محتلا بدون حق ولا سند. وينص القانون على أن «تظل سارية المفعول الأكرية المبرمة التي لا تستجيب للشروط الواردة في هذا القانون، والمتعلقة بإبرام العقد. ويطبق هذا القانون على أكرية المحلات المعدة للسكنى، أو للاستعمال المهني مؤثثة أو غير مؤثثة، وكذا مرافقها من أقبية ومرائب وأسطح، وساحات وحدائق، والتي لا تخضع لتشريع خاص. الإفراغ في حالة عدم أداء السومة الكرائية في حالة عدم أداء السومة الكرائية يمكن للمكري أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية الإذن له بتوجيه إنذار بالأداء إلى المكتري. ويحدد الإنذار أجلا لا يقل عن 15 يوما للتسديد، يبدأ من تاريخ تبليغ الإنذار. وفي حالة عدم الأداء بعد الإنذار يمكن للمكري اللجوء إلى رئيس المحكمة للتصديق على الإنذار والأمر بالأداء. وفي حالة قبول الطلب يرفع النزاع أمام المحكمة الابتدائية. إنهاء عقد الكراء وشروطه يجب على المكري الذي يرغب في إنهاء عقد الكراء أن يوجه إشعارا بالإفراغ للمكتري يستند على أحد الأسباب التالية: - استرداد المحل لسكنه الشخصي، ولسكن زوجته، أو أصوله أو فروعه المباشرين من الدرجة الأولى، أو المستفيدين من الوصية الواجبة، أو المكفول حسب القانون. - لسبب جدي ومشروع كاسترجاع المحل من أجل ضرورة الهدم وإعادة البناء، أو إدخال إصلاحات ضرورية تستوجب الإفراغ. ويتضمن الإشعار، سبب الإفراغ، والإشارة إلى أجل 3 أشهر على الأقل تبدأ في أجل ثلاثة أشهر من تاريخ التوصل. وإذا امتنع المكتري عن الإفراغ، أمكن للمكري أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتصرح بتصحيح الإشعار، والحكم على المكتري بالإفراغ. - ويجب على المكري في حالة تصحيح الإشعار بالإفراغ، ما يكن هذا التصحيح ناشئا عن خطأ ارتكبه المكتري، أن يؤدي للمكتري المتضرر إضافة إلى صوائر الانتقال المتبثة تعويضا قيمته واجب كراء لمدة ستة أشهر. - إذا تبين أن الإفراغ قد تم بناء على سبب غير صحيح أو لسبب لم ينفذ من طرف المكري (مثل الهدم)، يكون للمكتري الحق في المطالبة بتعويض يساوي قيمة الضرر الذي لحقه. الإصلاحات المتعلقة بالمحل على عاتق المكتري ينص القانون على أن الإصلاحات المتعلقة بالأجزاء الخارجية للمحل، مثل النوافذ، الأبواب، والأقفال، والأجزاء الخارجية مثل التجهيزات الكهربائية، وصنابير الماء والكهرباء، يقع إصلاحها على المكتري، إلا إذا نص عقد الكراء على أن المكري هو المسؤول عنها. التزام المكري بتغطية نفقات العيوب. يفرض القانون على المكري أن يوفر للمكتري ظروف الانتفاع الهادئ من المحل المكترى، وأن يضمن له العيوب والإزعاجات القانونية والمادية التي تعرقل ذلك الانتفاع، ما عدا تلك المحددة في البيان الوصفي. غير أن المكري لا يضمن سوى الإزعاجات القانونية والمادية الناشئة عن فعله أو فعل مستخدميه، ولا يُسأل عن الإزعاجات التي يتسبب فيها الجيران أو الغير. ولا يمكن للمكتري، حسب القانون، أن يمتنع عن أداء واجب الكراء متذرعا بالإزعاجات أو العيوب، غير أنه يمكن أن يطلب من المحكمة تخفيض جزء من واجب الكراء يتناسب وحجم الضرر. ويجب على المكري صيانة المحل بالشكل الذي يسمح باستعماله وفق ما هو منصوص عليه في العقد، وإذا تم إشعار المكري بالإصلاحات التي يجب أن ينجزها، ولم يفعل ذلك خلال شهر، جاز للمكتري أن يستصدر أمرا من المحكمة لإجرائها بنفسه وخصم قيمتها من وجيبة الكراء. هل ستحترم فلسفة القانون الجديد؟ إلى ذلك، إن المتوخى من هذا القانون، أساسا، هو تطوير قطاع السكن المعد للكراء وجعله يستجيب لحاجيات مختلف الشرائح الاجتماعية من السكن وضبط السوق العقارية، والمساهمة في ظهور منعشين عقاريين متخصصين في قطاع السكن المعد للكراء، فضلا عن تحفيز مالكي الشقق المغلقة على فتحها للكراء وبالتالي ارتفاع العرض وتراجع أثمان الكراء المرتفعة. فهل ستتحقق هذه الأهداف ويتم احترام فلسفة القانون الجديد، أم سيكون هذا الأخير وسيلة لعودة مسلسل الافراغات لتعميق المضاربات؟. لحد الآن يصعب الحكم على تجربة إعمال القانون الجديد، بيد أن الآتي من الوقت سيفرز لاريب نتائج تطبيقه.