من المنتظر أن تنجح المملكة في الحفاظ على صحة الأشخاص الحاملين لعوامل الاختطار ما فوق 55 سنة في غضون أشهر، ذلك ما أكده وزير الصحة، خالد آيت طالب، أول أمس الاثنين بالبرلمان، متوقعا بذلك تحقيق أهم أهداف الإستراتيجية الوطنية للتلقيح خلال أشهر، والمتمثلة في القضاء على الحالات الخطيرة والوفيات، مرورا بالتحكم في الوباء، وصولا إلى تحقيق المناعة الجماعية المنشودة. وأضاف الوزير، أنه، وحتى في حالة نفاذ اللقاح أو حصول تأخر في التزود، فإن المملكة ستكون قد نجحت بشكل كبير في التقليص من حالات الوفيات والحالات الخطيرة في صفوف الفئات ذات الهشاشة الصحية، وتكون، بالتالي، في طريقها إلى التحكم في الانتشار الوبائي وذلك عبر تمديد الإجراءات الاحترازية والوقائية، مشيرا في هذا السياق إلى الاستقرار الذي عرفته الوضعية الوبائية بالبلاد مما شجع على إنجاح عملية التلقيح. وأضاف المسؤول الحكومي أن المنحى الوبائي سجل انخفاضا كبيرا، حيث تقلص المعدل اليومي لحالات الوفيات جراء الفيروس، وتراجع من 92 حالة وفاة "زمن الذروة في 20 نونبر الماضي" إلى 4 حالات خلال ال 24 ساعة الماضية، وبذلك استقر معدل الإماتة حاليا في 1.8 في المائة، كما أن المعدل اليومي لانتقال العدوى انخفض حيث بلغ مؤشر الإصابة خلال 24 ساعة الماضية 0.9، وبذلك انخفض عدد الإصابات من 6195 إصابة " زمن الذروة بتاريخ 12 نونبر الماضي" إلى 326 إصابة خلال 24 ساعة الماضية مع معدل للإيجابية بلغ 6.3 في المائة، خلال الأسبوع المنصرم "من الاثنين 19 أبريل الجاري إلى 25 منه"، في حين انتقل معدل ملء الأسرة بوحدات العناية المركزة من 39 في المائة إلى 12.6 في المائة، كما ارتفع عدد المتعافين خلال 24 ساعة الماضية إلى 390 حالة، أي بنسبة تعافي بلغت 97.2 في المائة. وبخصوص التوقعات بشأن الحالة الوبائية للأيام القادمة، أكد الوزير أن دينامية سير الوباء حاليا لا تمكن من استشراف ذلك، خصوصا وأن المملكة أمام ظهور سلالات جديدة، كما يصعب التكهن بالإجراءات التي يلزم اتخاذها في حالة اكتشاف المزيد من السلالات المتحورة التي ترفع من سرعة انتشار الفيروس. أمام هذا الوضع، يقول المسؤول، وضعت وزارة الصحة جهازا للمراقبة الجينومية لفيروس كورونا المستجد من خلال ائتلاف من المختبرات ذات منصة وظيفية للتسلسل الفيروسي لفيروس كورونا المستجد قصد متابعة التسلسل ووضع دراسات لاكتشاف طبيعة ونوعية الفيروسات الموجودة بالمغرب، وتحديد هذه السلالات المتحورة وتمييزها بالتسلسل الجيني، مشيرا إلى أن ظهور هذه الطفرات يعتبر طبيعيا في علم الفيروسات، ومرتبط بالطريقة التي تتكاثر بها هذه الكائنات الميكروسكوبية. ولفت الوزير إلى أنه رغم القلق الناتج عن ظهور طفرات فيروسية جديدة، فإن الحالة الوبائية بالمملكة متحكم فيها، مما يستدعي بذل المزيد من الحيطة والحذر لتجنب حدوث انتكاسة فيروسية على غرار ما تشهده العديد من دول أوربا وأمريكا وآسيا. على صعيد آخر، أشار الوزير إلى أن من نتائج التدبير المثالي لصيرورة الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، كما نوه بها العالم أجمع، حماية النظام الصحي من الانهيار، مبرزا في هذا السياق ريادة المغرب على المستوى الإفريقي، من حيث عدد ومعدل الأفراد المستفيدين من التلقيح، واحتلاله المرتبة ال10 على الصعيد العالمي من بين الدول التي نجحت في تحدي التطعيم . وخلص إلى أن كل هذه الجهود الصعبة والمكلفة أثمرت تحسنا كبيرا في مؤشرات الحالة الوبائية بموازاة تواصل الحملة الواسعة للتلقيح في كل البلاد. من جانبه، شدد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، الاثنين بالرباط، على أن حرص السلطات العمومية على حفظ صحة المواطنين لا يوازيه إلا حرصها على حماية المنظومة الاجتماعية والاقتصادية الوطنية، من وقع الوضعية الصحية الاستثنائية المرتبطة بفيروس كوفيد- 19. وقال بوطيب، في معرض رده على سؤالين محوريين حول "قرار الإغلاق الليلي التام خلال شهر رمضان" بمجلس النواب، إن "حرص السلطات العمومية على حفظ صحة المواطنات والمواطنين لا يوازيه إلا حرصها على حماية المنظومة الاجتماعية والاقتصادية الوطنية، من وقع هذه الوضعية الصحية الاستثنائية، وذلك وعيا منها بخطورة آثارها وانعكاساتها على كافة المستويات الأمنية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، ولارتباط تحقيق الأهداف الصحية بنظيرتها السوسيو – اقتصادية ". واعتبر الوزير المنتدب أن " تطور الحالة الوبائية المرتبطة بجائحة كورونا يفرض في كثير من الأحيان المبادرة إلى اتخاذ إجراءات احترازية بشكل مستعجل، وذلك للحد من الخسائر التي قد تسفر عنها في أرواح المواطنين "، لافتا إلى أنه " أمام هذا الاختيار الصعب فإننا نجد أنفسنا في وضعية يسبق فيها الزمن الوبائي الزمن الاقتصادي، الأمر الذي تترتب عليه لا محالة صعوبات اقتصادية مرحلية ستتطلب وقتا لمعالجتها ". وذكر بأن المملكة قامت، على غرار باقي دول العالم، باتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية والتقييدية، من قبيل تمديد مدة حظر التجوال الليلي من الثامنة مساء إلى السادسة صباحا، خلال شهر رمضان الكريم الذي يتميز عادة بالاختلاط والحركية الكبيرة والكثيفة للمواطنين من أجل تبادل الزيارات العائلية وتجمع الأشخاص في المقاهي والأماكن العمومية، وذلك رغبة منها في الحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها في مكافحة هذا الوباء العالمي. وشدد أن هذا القرار، الذي يشكل استمرارا للتدابير الاحترازية المعمول بها منذ شهور، يأتي استنادا على توصيات اللجنة العلمية، بعد التحول النسبي الذي عرفته الحالة الوبائية المملكة عشية شهر رمضان الأبرك، خصوصا مع دخول وتسجيل حالات من الفيروس المنتمي للسلالة البريطانية المعروفة بسرعة الانتشار في الأوساط التي تعرف تجمعات كبيرة للأشخاص، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى نسف كل المكتسبات التي تم تحقيقها إلى حد الآن. وأكد أن السلطات العمومية واعية كل الوعي بصعوبة وقع هذا القرار على المواطنين، لكن الخبراء مجمعون على أن تجاوز هذه الأزمة الوبائية بأقل الخسائر في الأرواح وربح الوقت من أجل العودة إلى الحياة العادية يمر حتما عبر اتخاذ مثل هذه القرارات. وأبرز قائلا أنه " يمكن لبلادنا الافتخار بكل ما تم القيام به لمعالجة الأثار السلبية لهذه الجائحة على المواطنين وعلى النسيج الاقتصادي، خاصة بفضل الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا، الذي تم إحداثه بتعليمات سامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبفضل المبادرات التي تم اتخاذها عبر لجنة اليقظة الاقتصادية التي تم إنشاؤها لتتبع انعكاسات هذه الجائحة، والتي نجحت في ضمان الرصد الآني للوضعية الاقتصادية الوطنية من خلال آليات مضبوطة ومقاربة تشاركية مكنت من ضمان الانخراط الواقعي والفعلي لكل المتدخلين والفاعلين المعنيين". ومواكبة منها للتدابير التي تم اتخاذها في هذا النطاق، قامت وزارة الداخلية بتعبئة كافة مواردها البشرية والمادية قصد التنزيل السليم لقرار حظر التجوال الليلي خلال شهر رمضان، وذلك بعقد عدة اجتماعات أمنية على مستوى عمالات وأقاليم المملكة، بتنسيق مع كافة القطاعات المعنية لفرض احترام حالة الطوارئ الصحية. من جهة أخرى، قال بوطيب إن " السلطات المختصة لن تتوانى في فرض احترام كل الإجراءات الاحترازية إذ أن أي تراخي في هذا الميدان من شأنه التأثير على السير العادي للحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا التي أعطى انطلاقتها جلالة الملك محمد السادس بتاريخ 28 يناير 2021 ". وحظيت عملية التلقيح ضد فيروس كورونا، وفق الوزير المنتدب، بعناية خاصة، حيث وضع لها الإطار الأنسب للتدبير والتنسيق والتتبع سواء على المستوى المركزي أو على المستويين الجهوي والإقليمي، الأمر الذي مكن إلى حدود هذا اليوم من " تطعيم ما يقارب خمسة ملايين من المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب، فيما لا زالت العملية مستمرة بشكل سلس وإيجابي ". وللرفع من نسبة إقبال المواطنات والمواطنين على عملية التلقيح، يتابع المسؤول الحكومي، تم تجنيد وتعبئة رجال وأعوان السلطة من أجل التواصل بشكل مباشر مع الفئات المستهدفة، قصد إخبارها بموعد تلقيحهم، خصوصا في أوساط الفئات الهشة وكبار السن، إضافة إلى تسهيل ولوجهم إلى مراكز التلقيح وتحسيسهم بأهمية اللقاح، الذي يعتبر السبيل الوحيد للوصول للمناعة الجماعية. وأردف قائلا" إننا نؤمن إيمانا راسخا أن الالتزام الجماعي والعمل من أجل تحقيق هدف مشترك هو السبيل الوحيد للخروج من هذه المرحلة الصعبة والرجوع إلى الحياة العادية، حيث أن كل القرارات المعلن عنها من طرف السلطات العمومية تبقى بدون جدوى، ما لم تساهم الساكنة بكل جدية في المعركة ضد الوباء "، مشددا على أن "مسؤوليتنا جميعا في المرحلة المقبلة تفرض علينا مضاعفة الجهود والحفاظ على أعلى مستويات التعبئة، وتعزيز التدابير المتخذة كلما اقتضى الأمر ذلك، كي نحافظ على ما ت ح ق ق من نتائج إيجابية ونتجاوز هذه المرحلة الصعبة بأقل الخسائر". وخلص إلى أن كل الإجراءات والتدابير المتخذة جعلت من النموذج المغربي في تدبير الجائحة موضع إشادة من أطراف وطنية ودولية مختصة في تقييم تدبير الأزمات