تتواصل حركة الشباب العماري الزرقاء الخاصة بتنظيف وصباغة وتزيين أزقة ودروب وساحات قصبة بني عمار زرهون التي انطلقت في العشرة الأواخر من شهر رمضان، وفي عز الحجر الصحي بمبادرة من شباب حي أولاد عزوز. فقد توسعت العملية مع مرور الأيام محافظة على طبيعتها العفوية والتلقائية لتشمل مختلف أحياء القصبة بمختلف أزقتها ودروبها، ولينخرط فيها النساء والرجال وأطفال. هكذا، تم تسليط الجهد مع استمرار عملية الصباغة، على المطارح النفايات العشوائية التي تجثم على مشارف القصبة قريبا من أبوابها الثلاث، حيث تمت معالجتها ودفن مخلفاتها أو حرقها، وهي المطارح التي تشكل خطرا على صحة السكان خصوصا بالنسبة للقاطنين قريبا منها ، في رسالة واضحة، يقول أحد العماريين، إلى الحكومة المغربية كي تكف عن ممارسة الميز في حق العالم القروي في العديد من القضايا والملفات، من بينها ملف النفايات الذي لا تعير فيه الحكومة عُشُر اهتمامها الخاص بالمدن، رغم أن معالجة هذا المشكل الذي يهدد الطبيعة والبيئة فضلا عن الصحة العمومية، لا يتطلب الكثير بالنسبة للعالم القروي، فالوعاءات العقارية لهذا الغرض متيسرة أكثر من المدن وبأثمنة مشجعة من أجل خلق مطارح مراقبة وبعيدة عن التجمعات السكانية القروية وتخضع لمعايير سلامة الصحة والبيئة، ويسند تسييرها للمجالس القروية، يضيف نفس المصدر، خصوصا أن العالم القروي هو مستقبل المغرب، ومن أولويات النموذج التنموي الجديد جعل المواطن القروي وقضايا العالم القروي في صلب اهتمامته، حتى لا نعيد إنتاج الكوارث التي عانى منها المغرب طويلا بمدنه وقراه، بسبب تصاعد الهجرة القروية التي أفرغت القرى المغربية من ساكنتها ورمت بهم في أتون قسوة العيش بالمدن وثمنه المكلف اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا. لقد تحولت القصبة مع مبادرة الشباب الزرقاء المستمرة إلى الآن، لتعزف نفس السانفونية بتناغم فريد يؤشر على تجدر العمل الجماعي التطوعي الذي يعود لقرون مضت، والذي تشهد عليه حتى الآن المدرسة المحلية التي تم بناء جزئها الأكبر في خمسينيات القرن الماضي من طرف الأجداد بنفس الروح التضامنية والنَّفَس الجماعي التطوعي، كما يشهد عليه تجدر العمل الجمعوي بالقصبة الذي يعود هو أيضا إلى خمسينيات القرن الماضي مع تأسيس النادي الثقافي العماري “بجناحه الرياضي: الإتحاد الرياضي العماري USA”، مرورا بتجربة جمعية قدماء تلاميذ بني عمار ونزالتها وجمعية بني عمار للسينما والثقافة ثم جمعية إقلاع للتنمية المتكاملة “ARDI” وغيرها من الجمعيات والتعاونيات. ويبقى الدليل الأكبر على تجدر هذه الروح الجماعية والتطوعية التي ساهمت في نجاح حركة الشباب العماري الزرقاء رغم بساطة وتواضع الإمكانيات وبعيدا عن أي دعم سوى ما يساهم به أبناء القصبة، هو نجاح العماريين في تنظيم 12 دورة من مهرجان بني عمار زرهون “FestiBaz” وتحقيق أشعاع دولي فريد من نوعه، رغم أن ميزانية هذه الدورات كلها لا تكفي لتنظيم دورة واحدة من تلك المهرجانات التي يعرفها المغرب ولا تترك خلفها أي أثر.