قرر الائتلاف المغربي للثقافة والفنون واتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر، مقاطعة الدورة السابعة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، التي تنظمها وزارة الثقافة والتي ستنطلق فعالياتها غدا الجمعة. وعللت هذه المنظمات سبب الإحجام عن المشاركة وعدم الحضور أو التدخل في جميع فعاليات المعرض - كما جاء في بيان لها توصلت بيان اليوم بنسخة منه- بالوضع غير الطبيعي الذي تتخبط فيه الوزارة، وما يعتري طريقة تدبيرها للشأن الثقافي الوطني من هفوات وتراجعات ومنزلقات خطيرة، في ظل انعدام رؤية واضحة للسياسة الثقافية في بلادنا، واستهتار بالشركاء الحقيقيين، من منظمات ثقافية وأدبية وجمعيات للناشرين. ويضيف البيان، أنه يتبين من خلال الاطلاع على البرنامج الثقافي العام لمعرض الكتاب، أن وزارة الثقافة غضت الطرف عن استضافة المكونات الفعلية للطيف الثقافي الإيطالي، باعتبار إيطاليا ضيف شرف هذه الدورة، حيث اكتفت الوزارة ومسؤولوها باستضافة الجانب الثقافي الرسمي، مغيبة تجارب ورموز أساسية ومؤسسة، من أمثال أمبرطو إيكو وأنطونيو تابوكي وروبيرطو سافيانو، وغيرهم. فضلا عن قرارات أخرى غير مسؤولة للوزارة، من قبيل استبعادها لثمانية بلدان إفريقية عن المشاركة، بحجة أن دعوتها تكلف ميزانيتها، من دون الأخذ بعين الاعتبار أن رهاننا الوطني الكبير يكمن في الحرص على استعادة الحضور المؤثر للمغرب في الفضاء الإفريقي. كما يسجل ذات البيان تراجع وزارة الثقافة عن الدعم السنوي الذي تقدمه للجمعيات المذكورة آنفا، حيث تم حذف نسبة مهمة منه برسم السنة الماضية، بدعوى سياسة ترشيد النفقات التي أقرتها الحكومة، علما بأن تطبيق هذه السياسة يهم السنة الجارية، كما أن المذكرة الحكومية، لم تتناول مطلقا المساس بالدعم الثقافي الذي تعول عليه بلادنا، في مواجهة أسباب اليأس والفراغ والتطرف. ولم يغفل البيان كذلك التذكير، بأن وزارة الثقافة لم تتمكن على عهد بنسالم حميش، من تنظيم أي ندوة وطنية أو عربية أو دولية، تشرف صورة المغرب الثقافي، بل تمادت في الإمساك عن دعم المهرجانات والمؤتمرات الثقافية التي يشرف عليها المجتمع المدني، وفي حذف فقرة العروض المسرحية والفنية الموازية لفعاليات المعرض، وكذا الإجهاز على المكتسبات الاجتماعية، وخاصة المنحة المرصودة للتعاضدية الوطنية للفنانين التي لولا تدخلات سامية لما رأت النور، فضلا عن عدم اتخاذ الوزارة لأية خطوة من أجل تفعيل قانون الفنان، وعدم استقرار ديوان الوزير، مما يشكل عائقا أمام التواصل مع الوزارة. كما أصدرت الجمعية المغربية للناشرين بدورها بيانا، تعلن فيه مقاطعتها لمعرض الكتاب، معللة قرارها هذا بأن المعرض انحرف عن مساره وأصبح عبارة عن سوق، حيث تم الإبقاء على تخصيص خيمة للبيع فقط، ولا مجال لفضاءات العرض الذي تمثله التظاهرة. وفي هذا الإطار، أكد الحسن النفالي، الرئيس المنتدب للائتلاف المغربي للثقافة والفنون، في تصريح لبيان اليوم، أن قرار المقاطعة، لم يتم اتخاذه على عجل، بل جاء نتيجة عدة تراكمات سلبية للسياسة التي تنهجها وزارة الثقافة، والتي تمت الإشارة إليها في البيان الآنف الذكر، ملاحظا كذلك أن الوزارة الحالية تراجعت عن جملة من المكتسبات التي كانت تشهدها الدورات السابقة للمعرض، من ضمنها الأنشطة الفنية الموازية، من قبيل العروض المسرحية وما إلى ذلك. وأوضح مراد القادري عضو مكتب هيئة بيت الشعر بدروه، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن الهيئة طالما طالبت بإشراكها الحقيقي في اللقاءات المباشرة مع اللجن التحضيرية لفعاليات المعرض، لأجل طرح تصورها لكيفية معالجة وضعية القراءة والكتاب، والدعم المخصص للجمعيات الثقافية، غير أنه لم يتم الاستجابة لهذا الطلب. وأضاف، من جهة أخرى، أن أعضاء الهيئة، يتحملون مسؤوليتهم في المشاركة بصفتهم الشخصية، لكن بشرط أن لا يتم ذلك باسم بيت الشعر. وذكر رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الرحيم العلام، بدوره، في اتصال مع بيان اليوم، أن هذه المقاطعة ليست بالأمر الجديد، بل كانت قد تقررت في الدورة السابقة للمعرض، وأنه كانت هناك مبادرة من طرف الاتحاد لأن لا يتكرر ذلك، من خلال فتح نقاش مع الوزارة، التي قدمت بالفعل بعض الوعود، غير أنه لم يتم الوفاء بها، من ذلك مثلا منحة الدعم التي لم يتم التراجع عن قرار التقليص منها. ينضاف إلى ذلك سياسة التهميش التي لا تزال الوزارة متمادية فيها، ولعل أقرب مثال على ذلك، هو عدم إشراك الاتحاد في الندوة الصحافية التي نظمتها الوزارة في أفق تنظيم المعرض. وأشار العلام كذلك إلى أن الاتحاد لن يحاسب أعضاءه إذا ما قرروا المشاركة في البرنامج العام للمعرض، على اعتبار أنهم مسؤولون ولهم قناعاتهم الخاصة. وصرح عضو الجمعية المغربية للناشرين عبد الأحد الإدريسي، لبيان اليوم، أن الجمعية كان لها لقاء أول أمس مع مدير المعرض، لأجل مناقشة نقطة أساسية، وهي المتعلقة بالخيمة المؤدية إلى المدخل الرئيسي للقاعة الكبرى للمعرض، باعتبار أنها تشكل فضاء للخردة وتكرس حضور ناشرين غير معروفين، غير أن الإدارة تشبثت ببقاء هذه الخيمة، في حين أنه كان من الممكن معالجة هذا الخطأ عبر إحداث مداخل أخرى، لا تجبر الزائر بالضرورة على المرور من الخيمة المذكورة، لأجل ولوج قاعة المعرض.