قال عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، إن تنظيم المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية- ألمانيا والمغرب 2017-2018، الذي تحضنه مدينة مراكش، تحت شعار “الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات جميع المهاجرين لأجل التنمية”، يأتي في ظل الاستعدادات المتعلقة بوضع ميثاق عالمي للهجرة واللاجئين، خلال الأسبوع القادم بالمدينة ذاتها. وأكد عبد الكريم بنعتيق، في اللقاء الذي أداره الحبيب ندير، أن الميثاق الذي سيتم اعتماده من مدينة مراكش، يعد حدثا مهما، واصفا الميثاق ب” الكوني” والعالمي، لاسيما وأنه فرصة لتوحيد آراء مختلف الدول عبر العالم، التي تعتمد إستراتيجية أحادية في محاربة ظاهرة الهجرة، من تم فإن الميثاق سيعمل بحسبه على جعل الهجرة “آمنة ومنظمة ومنتظمة”. وأضاف بنعتيق في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الذي يستضيفه المغرب والمنظم بشراكة مع دولة ألمانيا، والذي شهد حضور مجموعة من المسؤولين الوزراء المغاربة، من ضمنهم وزير الصحة أنس الدكالي، وبسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية.. أن أشغال منتدى هذه الدورة، تعتبر فضاء استثنائيا، تجمع بين مجموعة من أطياف المجتمع المدني، ونقابات- وأحزاب، وكذا القطاع الخاص، من رجال أعمال وشركات كبرى، لها حس إنساني تجاه قضية الهجرة والمهاجرين، هذا دون الحديث عن المؤسسات الأكاديمية، المهتمة بالبحث العلمي في مجال الهجرة. وأثنى الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، على تنظيم مثل هذه المنتديات واللقاءات التي يجتمع فيها خبراء من مختلف الدول، مشيرا إلى أن المنتدى المقام حاليا بالمدينة الحمراء، يشهد حضور 135 دولة، جاء خبراءها ومسؤولوها وجمعياتها للمشاركة في هذا المنتدى العالمي، أو الكوني كما ظل يردد ذلك عبد الكريم بنعتيق. وأردف المتحدث ذاته، أن هناك مجموعة من الدول المسؤولة تناضل من أجل استمرار هذا المنتدى بشكل سنوي، حيث ستحتضنه دولة الإكوادور خلال العام المقبل، مسجلا أن المغرب من ضمن هذه الدول التي تهتم بملف الهجرة، الذي يجب وفقه أن يكون كونيا، لا أن يقتصر على المحيط الإقليمي أو القاري. وبلغة الأرقام، أشار المسؤول الوزاري المغربي، أن 31 في المائة من سكان العالم مهاجرين، ويساهمون سنويا ب 45 مليون دولار في الاقتصاد العالمي، موضحا وبصوت عال أنه في السنوات الأخيرة، لم يعد الحديث عن الهجرة من ترف النقاش والبروباغاندات الإعلامية-السياسية، بل أصبح موضوع الهجرة على رأس أولويات سياسات جميع ومختلف حكومات ساكنة كوكب الأرض. ونبه عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنه في السنوات الأخيرة، لم تصبح الهجرة اختيارية، بل أضحت قسرية، نتيجة عدم استقرار مجموعة من الدول، وكذا الحروب الطاحنة التي سببها العرق أو الدين أو السياسية كما هو الحال بالنسبة لبعض دول العالم العربي. وسجل عبد الكريم بنعتيق أن الضحية أثناء التدفقات الجماعية للهجرة، هو الإنسان؛ أطفال صغار، نساء، رجال مسنون، وكذا شباب.. ولكل هذه الظروف، “استنفرت الأممالمتحدة أجهزتها، ودعت جميع الدول إلى التعامل بجدية مع الظاهرة الجديدة ‘الهجرة'، انطلاقا من سن خطوات عملية وتبني برامج وخطط من أجل التنمية المستدامة في أفق سنة 2050، لاسيما وأن الهجرة عنصر أساسي في بناء بعض اقتصادات الدول”، يقول المتحدث. وأكد بنعتيق أن الأممالمتحدة على دراية بأن تدبير ملف الهجرة، جد معقد، لهذا تنادي وتشدد على ضرورة المصادقة على ميثاق الهجرة، الذي من شأنه أن يوحد الرؤى والتصورات تجاه هذا الموضوع الدولي، وذلك بتحقيق إجماع دولي على هذا الميثاق، من طرف الدول التي تعتبر نقطة انطلاق، وعبور، ووصول المهاجرين. ودعا المتحدث عينه إلى ضرورة التفكير في آليات وحلول ناجعة وسلمية وتعايشية لتدبير أزمة الهجرة التي شبهها بأزمة المناخ الطبيعي، مبرزا أن الرهان كبير على تنزيل الميثاق بحذافيره، في حالة التزام كل الدول ببنوده، ومن تم ملأ الفراغ الذي تستغله بعض الدول، أو بالأحرى زعمائها السياسيين الذين يلجؤون إلى التخويف، والتهديد من ظاهرة الهجرة أثناء حملاتهم الانتخابية. وجدد المسؤول الحكومي المغربي التأكيد على أن “المملكة” ملتزمة بالتعامل بحزم وجدية مع موضوع الهجرة، منذ إعطاء جلالة الملك محمد السادس توجيهاته للحكومة خلال سنة 2013، من أجل وضع موضوع الهجرة على رأس أولويات جميع الوزارات والمؤسسات العمومية، التي انخرطت في الإستراتيجية التي وضعتها الحكومة، مقدما نموذج وزارة الصحة، وكذا التعليم، والشغل، والداخلية بحيث أصبح متاحا لكل مهاجر الاستفادة من الخدمات العمومية كباقي المواطنين المغاربة. وختم المتحدث ذاته، كلمته الافتتاحية، بالإعلان عن إنشاء المغرب “مرصد للهجرة” بمدينة الرباط، الذي سيجمع حوله مجموعة من الخبراء والباحثين في مجال الهجرة، إذ سيمكن من العمل على الاستشراف للمستقبل، ومحاولة وضع برامج استباقية واستشرافية لتدبير أزمات تدفق المهاجرين، لاسيما وأن حوالي 32 مليون مهاجر إفريقي يتواجد النصف منهم بدول القارة السمراء، من تم طالب عبد الكريم بنعتيق، بضرورة حل ملف الهجرة بالتعاون جنوب-جنوب. العهد الجديد أما كولز شميدت بريم السفير الألماني بالمغرب، أشاد بالدور المغربي في محاربة الهجرة، وانخراطه في الموضوع دون شروط مسبقة، مقدما مثال احتضانه للمنتدى، وكذا اللقاء الدولي الذي سيناقش مسودة ميثاق الهجرة، مؤكدا أن الرئيسة الألمانية أنجيلا ميركل ستكون حاضرة في أشغاله. وأضاف كولز شميدت بريم أن تنظيم هذا المؤتمر تم بتنسيق بين كل من دولة المغرب وألمانيا، في وعي منهما بأهمية الظاهرة، وضرورة إيجاد حل لها، من خلال مثل هذه المنتديات الدولية التي يشارك فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين في المجال بمختلف دول العالم، مقدمين حلولهم وأفكارهم لمعالجة الظاهرة التي لا زالت في تنامي مستمر. من جهتها، قالت لويز أربور الممثل الخاص للأمم المتحدة للهجرة الدولية، إن المنتدى فرصة لتبادل الخبرات، والأفكار، من أجل النهوض بأوضاع المهاجرين عبر العالم، استنادا إلى تشجيع القطاع الخاص على الانضمام لمبادرات الأممالمتحدة التي تسعى في الوقت الحالي إلى إقرار الميثاق الدولي حول الهجرة، على اعتباره ميثاقا سيوحد كل الدول، ويدفعها إلى الانخراط في هذا المسلسل الإنساني، الرامي إلى تسوية وضعية ملايين المهاجرين عبر العالم. وأضافت لويز أربور أن المنتدى المقام حاليا بمراكش، هو أرضية للنقاش الذي سيتم خلال الأسبوع القادم بالمدينة ذاتها، مشيرة إلى أنه في حالة إقرار الميثاق الدولي، سيصبح المنتدى السنوي مواكبا لكل الحركات والسكنات التي تهم موضوع الهجرة كتقييم لحصيلة اعتماد الميثاق، معتبرة أن انعقاد هذا المنتدى طيلة 11 سنة، كانت له مكاسب جمة، أبرزها القطع مع التصورات السابقة التي تعتبر الهجرة أمرا سلبيا، ويهدد أمن وسلامة الدول التي تستقبل هؤلاء المهاجرين. من جانبه، اعتبر أنطونيو فيتيرينو المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة (IOM)، تبني ميثاق الأممالمتحدة من طرف جميع الدول، هو “نهاية البداية”، مردفا أن “المطلوب حاليا هو تفعيل الالتزامات المدرجة في هذا الميثاق، وتبني المشروع الصفر بكل بنوده وقوانينه دون تعديلات يمكن أن تغير من جوهر الميثاق، لاسيما وأن كل دولة ستتفاعل مع المشروع بخلفيات وبمنطلقات مسبقة، من تم ستكون المهمة صعبة أثناء مرحلة المناقشة والتفاوض وإدخال التعديلات الخاصة بكل دولة”. وأضاف أنطونيو فيتيرينو، أن موضوع الهجرة أصبح خلال السنوات الأخيرة، “موضوعا شائكا”، مسجلا أن بعض الدول أصبحت تستعمل ورقة الهجرة كبعبع لتخويف مواطنيها من المهاجرين، في استغلال لمآسي المهاجرين الذين أصبحت تتقاذفهم سياسات قادة بعض الدول الذين يستخدمون القضية أثناء حملاتهم الانتخابية. ودعا المتحدث ذاته، إلى محاربة كل التصورات السلبية، والخطابات المشحونة بالكراهية، ومحاولة حل المشاكل بسياسات محكمة، انطلاقا من الانخراط في النقاشات الدولية والمحلية، ودعم جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في المجال بشكل تطوعي، مشددا على ضرورة “احترام البشر والإنسان”، من خلال خلق قنوات التواصل مع جميع مواطني الدول التي تستقبل المهاجرين، وذلك، بتوظيف وسائل الإعلام التي يجب هي الأخرى أن تكوّن في الموضوع بحسبه. خطابات عنصرية وشهد اللقاء، مشاركة إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي قدم نظرة شاملة عن مشهد حقوق الإنسان بالمغرب والقارة الإفريقية ككل، التي أصبحت تتواجد بها حوالي 122 مؤسسة مهتمة فقط بحقوق الإنسان، تأسست خلال السنوات الأخيرة، تنشط مع مجموعة من الجمعيات الفرعية بمختلف المناطق، بالرغم من الإمكانيات المحدودة التي تتوفر عليها على مستوى الموارد المالية والبشرية. وفي سياق متصل، طالب أساكو أكاي مساعد مدير وحدة مواجهة الأزمات التابعة لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، بالعمل على تحرير طاقات الشباب المهاجر من خلال الوفاء بالالتزامات الدولية التي تقرها الأممالمتحدة بشكل دوري، وكذا بتبني ميثاق الهجرة مطلع الأسبوع القادم، من طرف جميع الدول دون استثناء. وأشاد أساكو أكاي، بتنظيم هذا المنتدى في هذا الزمن بالضبط، على اعتباره يتزامن مع الاجتماع الدولي الذي سيناقش مستقبل الهجرة والمهاجرين من خلال تبني ميثاق الهجرة العالمي، الذي سيسمح لجميع الدول بالانخراط في هذه الإستراتيجية، مشددا على ضرورة التصويت على المسودة، وتنفيذ محتوياتها بدون تحريف أو تهرب. وذكر أكاي، في آخر كلمته، مجموعة من التجارب الدولية التي لا زالت تحاول إيجاد إستراتيجيات فعالة لتتعامل بمرونة مع ظاهرة “الهجرة”، التي يمكن في نظره استغلالها من أجل تحقيق تنمية مستدامة، تعود بالنفع على المهاجر والوسط الذي يتواجد به. وعرفت الجلسة الافتتاحية للمنتدى، مشاركة ريجون دوكلير السفيرة السابقة المكلفة بالمنتدى بالأممالمتحدة، التي تحدثت عن كواليس بداية تبني الأممالمتحدة للمنتدى الدولي المقام حاليا بمراكش، الذي يعالج ظاهرة الهجرة، مبرزة أن مجموعة من الدول رفضت مبادرة الأممالمتحدة، بل ذهبت إلى محاربتها، باستهدافها إعلاميا، وبترويج أخبار زائفة للتأثير على قراراتها القاضية بإحداث منتدى دولي سنوي، الذي يعد بحسبها مهما وضروريا لأنه مناسبة سنوية تجتمع فيها مختلف أطياف المجتمع (خبراء، مسؤولون، باحثون، فاعلون جمعويون..). مبادرة القطاع الخاص وفي كلمة أخرى، ثمن ستيفان جاك ميل فالدمني عن الأممالمتحدة، استمرار المنتدى الدولي حول الهجرة والتنمية، وسهر المسؤولين عنه إلى إقامته للمرة 11، مشيدا بمستوى الحضور، الذي يمثل جميع الهيئات والقطاعات الاجتماعية المدنية، محافظا على طابعه غير الرسمي، بمعنى حضور المسؤولين الحكوميين في أشغاله فقط، وهو تقليد اعتاد عليه المنظمون طيلة الدورات السابقة بحسب شهادته. ودعا ستيفان جاك ميل فالدمني، إلى ضرورة محاربة كل الأوصاف القدحية التي يواجهها المهاجرون، بحيث يصفونهم ب”العار”، وهي خطابات شوفينية يجب استنكارها ومحاربتها لاسيما وأنها أصبحت سائدة بكثرة خلال الوقت الحالي، يؤكد المتحدث. وخاطب ميل فالدمني كل المسؤولين باعتماد الميثاق الأممي حول الهجرة، والعمل على قطع كل الأصوات النشاز التي تغرد خارج سرب الإنسانية وتربي الكراهية والحقد بين الإنسان ونظيره الإنسان. وللقطاع الخاص نصيب في أشغال المنتدى الدولي الذي يحتضن أشغاله المغرب، حيث مثل روبيرتو سواريز سانتوس، المنظمة الدولية للمقاولين في القطاع الخاص، مقدما حصيلة المؤسسات الخاصة في إدماج عدد كبير من المهاجرين، وانخراطها الفعال في موضوع الهجرة والتعاطي معه بحس إنساني وتنموي. وأبرز روبيرتو سواريز سانتوس أن المنظمة الدولية للمقاولين في القطاع الخاص، منفتحة على مبادرات الأممالمتحدة الرامية إلى معالجة ملف الهجرة بشكل عقلاني ومنضبط على مستوى تنفيذ المخططات التي تتم المصادقة عليها، والتي تهم القطاع الخاص أيضا، مطالبا بضرورة تسهيل مهمة هذه المؤسسات على مستوى الانفتاح والتنقل.. من أجل المشاركة وتسجيل الحضور الرسمي في مختلف الدول التي تعد بؤرة لتدفق الأعداد الكبيرة من المهاجرين. وشاركت في الأخير المصرية ياسمين يوسف الطالبة بكلية الطب بإنجلترا، في أشغال افتتاح المنتدى، حاكية قصتها مع الهجرة وهي التي انتقلت من بلاد الفراعنة إلى أرض العم شكسبير، لإتمام مسارها الدراسي، مشيرة إلى أن أباها، نببها في البداية إلى بذل جهد مضاعف من أجل تأكيد حضورها في إنجلترا، وذلك من خلال الجد والاجتهاد في الدراسة وكذا العمل. ودعت ياسمين يوسف إلى ضرورة التعاطي بجدية مع موضوع الهجرة، مقدمة مجموعة من الأرقام والحالات الإنسانية التي يروح ضحيتها أطفال صغار ونساء وشيوخ.. بحيث شرد 50 مليون طفل في بلاد الأغيار نتيجة الهجرات الجماعية من بلدانهم الأصل، بسبب الكوارث الطبيعية، أو الحروب الدينية والقبلية. مبعوث بيان اليوم إلى مركش يوسف الخيدر