تحول السجن المحلي أيت ملول 2 بأكادير، طيلة يومي 26 و27 شتنبر الماضي، إلى محطة ثقافية وتثقيفية بامتياز، وفضاء مفتوح للإبداع والنقاش بين ثلة من الأساتذة والمفكرين والمبدعين من جهة، والمبدعين والسجناء الحاصلين على شواهد جامعية من جهة أخرى. ولا شك، أن كل المتتبعين للتفاعل الكبير الذي أبداه كل المشاركين، في هذه الجامعة الخريفية في السجون في دورتها الخامسة، كانوا يشعرون وكأنهم في مدرجات بإحدى الجامعات المغربية، وهذا ما دفع محمد التامك المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، خلال كلمته الختامية لفعاليات الجامعة الخريفية، إلى الإعلان، أن المندوبية ستعمل على إنشاء نواة جامعية داخل السجون المغربية، حيث سيتم تشييدها في مدينة سلا، بأحد المراكز السجنية، مضيفا أن اختيار مدينة سلا، لكونها قريبة من جامعات مدن الرباط والقنيطرة، مشيرا في نفس الوقت أن أساتذة هاته الجامعات سيتمكنون بسهولة من الولوج إلى المركز السجني الذي سيتحول إلى جامعة داخل السجن بسلا ، وتقديم دروسهم وتكويناتهم للطلبة السجناء بكل أريحية وفي ظروف أحسن. وعلى مستوى آخر، كشفت هذه الجامعة الخريفية، عن كون السجناء الطلبة، يملكون مواهب كثيرة في مجالات الفن والثقافة والحرف والكتابة الأدبية والمعرفة بشكل عام، ما دفع المندوبية العامة إلى فسح المجال أمامهم لإبراز مواهبهم في إطار ورشات تدريبية أو في إطار مسابقات وطنية. وقد أجمع كل المتدخلين والمتدخلات في الجلسات الخمس المبرمجة خلال هذه الجامعة، على قيمة الفنون والثقافة باختلاف أشكالها وأدواتها في التمكين عبر البوح والتقاسم والمشترك الإنساني والشهادات التحفيزية، على تحقيق مطلب بلوغ التمييز الإيجابي في السلوك الإنساني، المؤدي للرقي بمستويات الوعي عبر المصالحة مع الذات والتسامح مع الغير، بل ذهب بعض المتدخلين إلى القول، أن السجن وإن كان الهدف الأساسي منه هو حرمان السجين من حريته كعقوبة بعد صدور حكم قضائي نهائي في حقه، فإن السجن أصبح معني أكثر من أي وقت مضى بالمساهمة في مسلسل إعادة الإدماج لكل فئات السجناء، عبر تشجيع ودعم الإبداع، وبالضبط عبر العمل الإبداعي، إبداع واسع ومتنوع يشمل كافة أشكال ومظاهر الإبداع بمختلف تجلياته وحمولاته، وبالتالي صناعة رافعة هذا الإدماج وتسهيل تحقيق غاياته.