هاجم عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة كلا من عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، وحفيظ العلمي، وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، وأحد القيادات البارزة في حزب التجمع الوطني للأحرار، موجها إليهم اتهامات خطيرة من شأنها أن تحرك النيابة العامة لفتح تحقيق في مضمون وخطورة هذه الاتهامات. فحسب تصريحات وهبي الصادرة بمناسبة لقاء نظمته مؤسسة "الفقيه التطواني" مساء يوم السبت الماضي، فالوزير عزيز اخنوش يستغل جمعية خيرية اسمها "جود" ويستغل وسائل الدولة ومواردها البشرية وخاصة المديرين الجهويين لوزارة الفلاحة للقيام بحملات انتخابية استباقية لصالح حزبه. ليس هذا فقط، بل إن وهبي طالب أخنوش بإرجاع 17 مليار درهم لخزينة الدولة، فيما يبدو أنها إشارة إلى أرباح شركاته العاملة في قطاع المحروقات. ولم يتوقف زعيم ثاني حزب من حيث التمثيلية الرقمية بالبرلمان عند حدود الاتهامات الموجهة لأخنوش، بل صب جام غضبه على الوزير حفيظ العلمي مستغربا من تبرئته من دفع مبلغ 452 مليون دولار كمستحقات للدولة من قيمة الصفقة الشهيرة المقصود بها تفويت 53 في المائة من شركة "سهام للتأمين" لمجموعة اقتصادية بجنوب إفريقيا والتي قدرت بأزيد من مليار دولار. ولا يمكن أمام هذه الاتهامات الى أن نذكر بأن الوزير الذي كان يشرف على وزارة المالية حينها هو محمد بوسعيد الذي يشغل حاليا منسقا جهويا لحزب التجمع الوطني للأحرار بجهة الدارالبيضاء سطات، وبالتالي فالوزارة حينها سهرت على تمرير بند في مشروع قانون المالية يخص إعفاء عمليات تفويت الأسهم والحصص من رسوم التسجيل، لتخسر خزينة الدولة عبر هذه التوليفة البهلوانية مبلغا كبيرا بالحجم الذي أشار إليه وهبي. قد يقول قائل إن هذا الكلام مجرد جعجعة طحين سياسية، وكلام استهلاكي أتت به رياح التحضير للانتخابات، ولكن الحقيقة أن الدولة مسؤولة حاليا عن توضيح ما يقع لأن هذه الاتهامات تهم كل مغربي أينما كان وتمسه في شرفه وكرامته وجيبه وحياته. فإذا كان عبد اللطيف وهبي يزايد على المغاربة لربح الشهرة والأصوات في الانتخابات القادمة فيجب محاسبته بما تفوه به فمه، لأن المغاربة لا يمكن أن تحولهم المزايدات السياسية إلى مجموعة من الدمى الموضوعة فوق أرجوحة الألاعيب الحزبية. فحزب الأصالة والمعاصرة نفسه هو من صوت وصادق على تمرير البند القانوني في البرلمان الذي خسر المغاربة بسببه المبلغ المذكور، وبالتالي فوهبي يتحمل جزءا من المسؤولية باعتباره كان برلمانيا باسم هذا الحزب. ثم إن وهبي سبق له أن وجه اتهامات مهينة للتجمعي رشيد الطالبي العلمي لأنه كان ينوي مواجهته في انتخابات تطوان، قبل أن يراجع حساباته و يرحل الى تارودانت، ولربما نراه غدا مرشحا في منطقة أخرى هربا من قوة الاستقلاليين هناك. لكن ما هو أهم من كل هذا وذاك، هو أن النيابة العامة مطالبة اليوم بالتحرك السريع لفتح تحقيق مستعجل في هذه الخسائر المالية الضخمة التي انتزعت من جيوب المغاربة وعرقهم اليومي. كيف سيتوجه المغاربة غدا لصناديق الاقتراع والأسئلة الحارقة تمزق ثقتهم في حكومتهم وتبعثر اختياراتهم الحزبية؟ وإذا صحت اتهامات وهبي فكيف يتحمل المغاربة إهانة شخصيات أوكلو إليها تسيير شؤونهم في الحكومة وسمحوا لها بالاستثمار والاتجار في أكثر المنتوجات حساسية في حياتهم، سواء تعلق الأمر بالوزير والسياسي ورجل الاعمال عزيز اخنوش او بالوزير والسياسي ورجل الاعمال حفيظ العلمي ؟ إن المغرب ليس في حاجة لمن يلطخون صورته بالمداد الأسود، سواء تعلق الأمر بوهبي او باخنوش أو بالعلمي، فمركزه في مجال الشفافية وتخليق الحياة العامة لازال غير مشرف، وتصنيفه في مجال الرشوة ومحاربة الفساد مازال جد متأخر، ومرتبته في مجال التنمية البشرية لا تناسب جهوده ولا تستجيب لطموحات ملكه محمد السادس. إذن أين يريد هؤلاء الزج بالبلاد في هذا الوقت بالذات، المتسم بكثير من الحساسيات والآفات، فإما أن يتراجع وهبي عن اندفاعه واتهاماته، وإما أن يتحرك القضاء لمحاسبة أخنوش والعلمي؟ وفي احتقار كبير للمغاربة، لم نسمع رد فعل أخنوش ولا حفيظ العلمي، فيما رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، المعني كذلك بهذه الفضيحة، يبدو خارج التغطية. واللهم احفظ هذا الوطن من كل الفتن!!