يعتبر إشكال الهدر المدرسي ظاهرة قديمة حديثة، وهي ظاهرة اجتماعية كونية مثل الجريمة كما أكد ذلك عالم السوسيولوجيا الفرنسي دوركهايم. و للتذكير فقد ذكر موضوع الهدر المدرسي بقوة ضمن الاختلالات الكبرى التي رصدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى جانب معضلة الاكتظاظ و التكرار و غياب اكتساب الكفايات لدى المتعلم المغربي و على رأسها الكفاية اللغوية و الكفاية المعرفية و الكفاية الأخلاقية. و نظرا لخطورتها على مستقبل المدرسة المغربية و مجرى العملية التدريسية ، فقد وضعتها الحكومات المغربية المتتالية على رأس أجندتها السياسية محاولة بذلك القضاء عليها، لأنها- أي ظاهرة الهدر- تعتبر نزيفا حقيقيا لكل المحاولات والجهود المبذولة، فضلا على انها تقف حجرة عثرة في طريق النهوض بمنظومتنا التربوية. لا أحد يستطيع أن يزايد ويثبت عكس ما نقلته وسائل الإعلام بشقيها السمعي البصري /المرئي المكتوب. وما تناولته أقلام المهتمين و الفاعلين في حقل التربية و التكوين، سواء عبر الموائد المستديرة أو عبر مقالات عريضة و عميقة المحتوى، عن هذه الظاهرة المتشعبة و المتفاقمة في أوساط وصفوف مؤسساتنا التعليمية إنها: ظاهرة الهدر المدرسي إحدى عوامل التعرية التي تنخر قلب المدرسة المغربية إن صح التعبير و ترخي بظلالها الثقيلة و أبعادها الخطيرة على باقي المجالات الحيوية. إذا كان نظامنا التعليمي قد عانى من قبل ويلات أحادية الكتاب المدرسي و قساوة مساطر القوانين الداخلية و سلطوية المدرسين وطغيان الطرائق البيداغوجية العقيمة التي تهمش مشاركة المتعلم و تقزم عطاءاته و مبادراته باعتبار أنه وعاء فارغ ينتظر من المدرس ملأه فانه اليوم يقاسي علة حادة قد تقضي على ما تبقى من قبل ، ولن نبالغ في تصورنا إذا قلنا أن الكلام سيغدو حول نظامنا التعليمي تماما كما نتحدث على الأطلال. نعم إذا استمر الأمر على هذه الوضعية المريبة بعدم الإقدام على خطوات فاعلة و فعالة فان الأمور لا محالة ستحسم للتعليم الخاص الذي يستفيد اليوم من هذه الكبوات والتعثرات المتواصلة وما انتشاره السريع في العقد الأخير إلا دليل فاحم على قلب المعادلة و جر وسام الاستحقاق لصالحه . إن الإصلاحات الأخيرة التي عرفتها المنظومة التربوية بدءا بإصلاح المناهج و البرامج الدراسية و مرورا بتطوير آليات الإدارة التربوية و أداؤها المهني و انتهاء بالقيام بالموارد البشرية التي مازالت تتطلب المزيد من الجهود و المقاربات في بعدها الاجتماعي و البيداغوجي تحديدا حتى تصبح في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها نظرا للتحولات التي يعرفها العالم على مستوى المعرفة و الاقتصاد و ما يتطلبه سوق الشغل من منتوج جيد و ذو جودة عالية، لتعتبر خطوات رشيدة في محاولة حصر هذه المعضلة- الهدر المدرسي – من جهة و اقتراح أدوات العمل الجديدة للقضاء على كل ما يعيق السيرورات التعلمية لدى المتعلم المغربي أي كل ما يقف حجرة عثرة في طريق نجاح العملية التدريسية . فماذا نقصد بالهدر المدرسي ؟ ما هي أسبابه ؟ و ما هي آثاره؟ ثم إلى أي حد يعتبر المنهاج الدراسي وفضاء المؤسسة و شخصية المدرس و نوعية التعلمات المقدمة و حركية الإدارة عوامل مركزية إما في إنتاج هذه الظاهرة أو في القضاء عليها ؟ ثم ألا يعتبر الفقر والحاجة و بعد المتعلم عن المدرسة سلسلة من الاكراهات التي تحيل المتعلم في نهاية المطاف على الانقطاع المبكر عن المدرسة ؟ جوابا على هذه الإشكالات المترابطة يقول السيد الحبيب المالكي- الوزير السابق لقطاع التربية و التعليم- : إن الجودة التي تبنى بالجدية و الجهد و التجديد هي نقيض للهدر بكل أنواعه أي الهدر بمعناه الواسع فالتسرب يضيف السيد الوزير هدر و الغياب المتكرر هدر و الانقطاع المبكر قبل العطل هدر و الالتحاق المتأخر بالدراسة هدر و التوجيه في غير محله هدر وفصل التلاميذ عن الدراسة هدر و كثرة الأدوات المدرسية التي تطلب من التلميذ دون أن تستعمل كلها هدر أيضا. إذن فظاهرة الهدر المدرسي ظاهرة بنيوية في بعدها البيداغوجي و السوسيو تربوي حيث لا يمكن فصل عنصر فيها عن الآخر فهي بعبارة أخرى ظاهرة مندمجة و مركبة و بدون شك لها تأثيرات قوية على القدرات الاقتصادية و الناتج الداخلي للدولة . و بناء عليه فالظاهرة تقتضي تدخلا عاجلا من الأطراف المعنية وعلى رأس هؤلاء الحكومة والجماعات المحلية و الفاعلون الاجتماعيون و الاقتصاديون و باقي فعاليات المجتمع المدني . عموما يمكن تقسيم ظاهرة الهدر المدرسي إلى أسباب مدرسية و عوامل غير مدرسية. 1- العوامل المدرسية: وترتبط ارتباطا عضويا بالمنظومة التربوية إذ يمكن القول أنه بقدر ما كانت المناهج و البرامج حيوية و العملية التدريسية بسيطة و مشوقة و محفزة بالإضافة إلى أن إدارة المؤسسة منفتحة و خدومة كان إقبال المتعلم عليها إقبالا حماسيا ،تلقائيا ايجابيا، و بالتالي تكون استجابته للانخراط في أوراشها و أنشطتها انخراطا فعالا وذو حضور و دلالات. 2- الأسباب و الدوافع الغير المدرسية: وتتعلق بالظروف الشخصية للمتعلم كالوضعية المادية و المعيشية التي يعيشها وسطه العائلي و الصورة الاجتماعية التي هي عليها أسرته: عمل الأب و مرتبته داخل كوكبة البيت المؤلف من أخواته و إخوانه، ثم هل يملكون المنزل أم يكترونه؟ وبناء على ما سبق و لمعالجة آثار هذه المعضلة الخطيرة – الهدر المدرسي – نقول : على الدولة – في شخص الحكومة و الوزارة المعنية – أن تعيد النظر ليس في الإخفاقات التي تتحقق سنة على سنة( وان كان السيد الوزير الحالي قد صرح قائلا في احد اجتماعاته مع الشركاء الاجتماعيون” وضع المدرسة المغربية لا يدعو للقلق” و اذا كان الأمر كذلك فلماذا اعتمدت الوزارة السابقة المخطط الاستعجالي؟ أو إذا شئت ، لماذا استغنى شخصه المحترم- السيد الوزير السابق- عن المذكرتين: 122 و 204 ؟ الم يعتبر المخطط الاستعجالي خطة عمل جديدة ، مندمجة ما دام الميثاق الوطني للتربية و التكوين قد عجز عن تحقيق اهدافه المنشودة؟ و في اعتقادي المتواضع ،أن ما ينقص كل هذه التدابير القيمة هو النهوض بالموارد البشرية لهذا القطاع الفسيح وعلى رأس قائمة تلك الفئات الشغيلة التعليمية باعتبارها المنفذ و المصرف الأول لهذا الإصلاح ثم توظيف مساعدين اجتماعيين و نفسانيين بالمؤسسات التعليمية أي تفعيل دور التربية الصحة بفضاءات مؤسساتنا التعليمية، وجعل المتعلمين يستمتعون بآثارها الايجابية ، حتى لا تتحول – في النهاية- رسالة مؤسساتنا التربوية من رسالة التربية و إكساب المهارات و الكفايات اللازمة إلى ملاذ للتدخين و تناول المخدرات بالإضافة. هذا فضلا عن تدعيم جهود الأندية التربوية و تشجيع خطواتها العملية، ورسم تخطيط أو إنشاء مشروع لتأهيل بنيات و فضاءات المدرسة و جعلها مواكبة للتحولات التي يعرفها عالم البيداغوجيا و المعرفة وعالم سوق الشغل. ترى هل سيعيد السيد الوزير الحالي لقطاع التعليم لمعانه و رمزيته التي تآكلت مع السنوات العجاف المنصرمة ؟ ثم هل الاجراءات التربوية التي يباشرها السيد الوزير الحالي – و المتشخصة اساسا في اكتساب التعلمات الاساسية والتحكم في اللغات – كفيلة بجعل المتعلم المغربي فاعلا في قلب مدرسة الغد؟ ملحوظة: تشتغل وزارة التربية الوطنية، منذ سنتين، على إعداد تدابير كفيلة بتخفيض نسبة الهدر المدرسي في المدارس العمومية، والذي يكلف ميزانية الدولة أكثر من 6 ملايير درهم سنويا، أي ما يمثل 9 في المائة من ميزانية التسيير لوزارة التربية الوطنية . وحسب مصادر بوزارة التربية الوطنية، فقد تم إعداد برنامج لتأمين المدارس العمومية ضد ظاهرة الهدر المدرسي أطلق عليه «الأمن البشري وحماية الأطفال المتمدرسين»، يستهدف وضع تشخيص واستئصال كل العناصر الخطيرة التي تمنع التلاميذ من الحضور في القسم. الهدر المدرسي و تداعياته الخطيرة يعتبر إشكال الهدر المدرسي ظاهرة قديمة حديثة، وهي ظاهرة اجتماعية كونية مثل الجريمة كما أكد ذلك عالم السوسيولوجيا الفرنسي دوركهايم. و للتذكير فقد ذكر موضوع الهدر المدرسي بقوة ضمن الاختلالات الكبرى التي رصدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى جانب معضلة الاكتظاظ و التكرار و غياب اكتساب الكفايات لدى المتعلم المغربي و على رأسها الكفاية اللغوية و الكفاية المعرفية و الكفاية الأخلاقية. و نظرا لخطورتها على مستقبل المدرسة المغربية و مجرى العملية التدريسية ، فقد وضعتها الحكومات المغربية المتتالية على رأس أجندتها السياسية محاولة بذلك القضاء عليها، لأنها- أي ظاهرة الهدر- تعتبر نزيفا حقيقيا لكل المحاولات والجهود المبذولة، فضلا على انها تقف حجرة عثرة في طريق النهوض بمنظومتنا التربوية. لا أحد يستطيع أن يزايد ويثبت عكس ما نقلته وسائل الإعلام بشقيها السمعي البصري /المرئي المكتوب. وما تناولته أقلام المهتمين و الفاعلين في حقل التربية و التكوين، سواء عبر الموائد المستديرة أو عبر مقالات عريضة و عميقة المحتوى، عن هذه الظاهرة المتشعبة و المتفاقمة في أوساط وصفوف مؤسساتنا التعليمية إنها: ظاهرة الهدر المدرسي إحدى عوامل التعرية التي تنخر قلب المدرسة المغربية إن صح التعبير و ترخي بظلالها الثقيلة و أبعادها الخطيرة على باقي المجالات الحيوية. إذا كان نظامنا التعليمي قد عانى من قبل ويلات أحادية الكتاب المدرسي و قساوة مساطر القوانين الداخلية و سلطوية المدرسين وطغيان الطرائق البيداغوجية العقيمة التي تهمش مشاركة المتعلم و تقزم عطاءاته و مبادراته باعتبار أنه وعاء فارغ ينتظر من المدرس ملأه فانه اليوم يقاسي علة حادة قد تقضي على ما تبقى من قبل ، ولن نبالغ في تصورنا إذا قلنا أن الكلام سيغدو حول نظامنا التعليمي تماما كما نتحدث على الأطلال. نعم إذا استمر الأمر على هذه الوضعية المريبة بعدم الإقدام على خطوات فاعلة و فعالة فان الأمور لا محالة ستحسم للتعليم الخاص الذي يستفيد اليوم من هذه الكبوات والتعثرات المتواصلة وما انتشاره السريع في العقد الأخير إلا دليل فاحم على قلب المعادلة و جر وسام الاستحقاق لصالحه . إن الإصلاحات الأخيرة التي عرفتها المنظومة التربوية بدءا بإصلاح المناهج و البرامج الدراسية و مرورا بتطوير آليات الإدارة التربوية و أداؤها المهني و انتهاء بالقيام بالموارد البشرية التي مازالت تتطلب المزيد من الجهود و المقاربات في بعدها الاجتماعي و البيداغوجي تحديدا حتى تصبح في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها نظرا للتحولات التي يعرفها العالم على مستوى المعرفة و الاقتصاد و ما يتطلبه سوق الشغل من منتوج جيد و ذو جودة عالية، لتعتبر خطوات رشيدة في محاولة حصر هذه المعضلة- الهدر المدرسي – من جهة و اقتراح أدوات العمل الجديدة للقضاء على كل ما يعيق السيرورات التعلمية لدى المتعلم المغربي أي كل ما يقف حجرة عثرة في طريق نجاح العملية التدريسية . فماذا نقصد بالهدر المدرسي ؟ ما هي أسبابه ؟ و ما هي آثاره؟ ثم إلى أي حد يعتبر المنهاج الدراسي وفضاء المؤسسة و شخصية المدرس و نوعية التعلمات المقدمة و حركية الإدارة عوامل مركزية إما في إنتاج هذه الظاهرة أو في القضاء عليها ؟ ثم ألا يعتبر الفقر والحاجة و بعد المتعلم عن المدرسة سلسلة من الاكراهات التي تحيل المتعلم في نهاية المطاف على الانقطاع المبكر عن المدرسة ؟ جوابا على هذه الإشكالات المترابطة يقول السيد الحبيب المالكي- الوزير السابق لقطاع التربية و التعليم- : إن الجودة التي تبنى بالجدية و الجهد و التجديد هي نقيض للهدر بكل أنواعه أي الهدر بمعناه الواسع فالتسرب يضيف السيد الوزير هدر و الغياب المتكرر هدر و الانقطاع المبكر قبل العطل هدر و الالتحاق المتأخر بالدراسة هدر و التوجيه في غير محله هدر وفصل التلاميذ عن الدراسة هدر و كثرة الأدوات المدرسية التي تطلب من التلميذ دون أن تستعمل كلها هدر أيضا. إذن فظاهرة الهدر المدرسي ظاهرة بنيوية في بعدها البيداغوجي و السوسيو تربوي حيث لا يمكن فصل عنصر فيها عن الآخر فهي بعبارة أخرى ظاهرة مندمجة و مركبة و بدون شك لها تأثيرات قوية على القدرات الاقتصادية و الناتج الداخلي للدولة . و بناء عليه فالظاهرة تقتضي تدخلا عاجلا من الأطراف المعنية وعلى رأس هؤلاء الحكومة والجماعات المحلية و الفاعلون الاجتماعيون و الاقتصاديون و باقي فعاليات المجتمع المدني . عموما يمكن تقسيم ظاهرة الهدر المدرسي إلى أسباب مدرسية و عوامل غير مدرسية. 1- العوامل المدرسية: وترتبط ارتباطا عضويا بالمنظومة التربوية إذ يمكن القول أنه بقدر ما كانت المناهج و البرامج حيوية و العملية التدريسية بسيطة و مشوقة و محفزة بالإضافة إلى أن إدارة المؤسسة منفتحة و خدومة كان إقبال المتعلم عليها إقبالا حماسيا ،تلقائيا ايجابيا، و بالتالي تكون استجابته للانخراط في أوراشها و أنشطتها انخراطا فعالا وذو حضور و دلالات. 2- الأسباب و الدوافع الغير المدرسية: وتتعلق بالظروف الشخصية للمتعلم كالوضعية المادية و المعيشية التي يعيشها وسطه العائلي و الصورة الاجتماعية التي هي عليها أسرته: عمل الأب و مرتبته داخل كوكبة البيت المؤلف من أخواته و إخوانه، ثم هل يملكون المنزل أم يكترونه؟ وبناء على ما سبق و لمعالجة آثار هذه المعضلة الخطيرة – الهدر المدرسي – نقول : على الدولة – في شخص الحكومة و الوزارة المعنية – أن تعيد النظر ليس في الإخفاقات التي تتحقق سنة على سنة( وان كان السيد الوزير الحالي قد صرح قائلا في احد اجتماعاته مع الشركاء الاجتماعيون” وضع المدرسة المغربية لا يدعو للقلق” و اذا كان الأمر كذلك فلماذا اعتمدت الوزارة السابقة المخطط الاستعجالي؟ أو إذا شئت ، لماذا استغنى شخصه المحترم- السيد الوزير السابق- عن المذكرتين: 122 و 204 ؟ الم يعتبر المخطط الاستعجالي خطة عمل جديدة ، مندمجة ما دام الميثاق الوطني للتربية و التكوين قد عجز عن تحقيق اهدافه المنشودة؟ و في اعتقادي المتواضع ،أن ما ينقص كل هذه التدابير القيمة هو النهوض بالموارد البشرية لهذا القطاع الفسيح وعلى رأس قائمة تلك الفئات الشغيلة التعليمية باعتبارها المنفذ و المصرف الأول لهذا الإصلاح ثم توظيف مساعدين اجتماعيين و نفسانيين بالمؤسسات التعليمية أي تفعيل دور التربية الصحة بفضاءات مؤسساتنا التعليمية، وجعل المتعلمين يستمتعون بآثارها الايجابية ، حتى لا تتحول – في النهاية- رسالة مؤسساتنا التربوية من رسالة التربية و إكساب المهارات و الكفايات اللازمة إلى ملاذ للتدخين و تناول المخدرات بالإضافة. هذا فضلا عن تدعيم جهود الأندية التربوية و تشجيع خطواتها العملية، ورسم تخطيط أو إنشاء مشروع لتأهيل بنيات و فضاءات المدرسة و جعلها مواكبة للتحولات التي يعرفها عالم البيداغوجيا و المعرفة وعالم سوق الشغل. ترى هل سيعيد السيد الوزير الحالي لقطاع التعليم لمعانه و رمزيته التي تآكلت مع السنوات العجاف المنصرمة ؟ ثم هل الاجراءات التربوية التي يباشرها السيد الوزير الحالي – و المتشخصة اساسا في اكتساب التعلمات الاساسية والتحكم في اللغات – كفيلة بجعل المتعلم المغربي فاعلا في قلب مدرسة الغد؟ ملحوظة: تشتغل وزارة التربية الوطنية، منذ سنتين، على إعداد تدابير كفيلة بتخفيض نسبة الهدر المدرسي في المدارس العمومية، والذي يكلف ميزانية الدولة أكثر من 6 ملايير درهم سنويا، أي ما يمثل 9 في المائة من ميزانية التسيير لوزارة التربية الوطنية . وحسب مصادر بوزارة التربية الوطنية، فقد تم إعداد برنامج لتأمين المدارس العمومية ضد ظاهرة الهدر المدرسي أطلق عليه «الأمن البشري وحماية الأطفال المتمدرسين»، يستهدف وضع تشخيص واستئصال كل العناصر الخطيرة التي تمنع التلاميذ من الحضور في القسم. الهدر المدرسي و تداعياته الخطيرة يعتبر إشكال الهدر المدرسي ظاهرة قديمة حديثة، وهي ظاهرة اجتماعية كونية مثل الجريمة كما أكد ذلك عالم السوسيولوجيا الفرنسي دوركهايم. و للتذكير فقد ذكر موضوع الهدر المدرسي بقوة ضمن الاختلالات الكبرى التي رصدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى جانب معضلة الاكتظاظ و التكرار و غياب اكتساب الكفايات لدى المتعلم المغربي و على رأسها الكفاية اللغوية و الكفاية المعرفية و الكفاية الأخلاقية. و نظرا لخطورتها على مستقبل المدرسة المغربية و مجرى العملية التدريسية ، فقد وضعتها الحكومات المغربية المتتالية على رأس أجندتها السياسية محاولة بذلك القضاء عليها، لأنها- أي ظاهرة الهدر- تعتبر نزيفا حقيقيا لكل المحاولات والجهود المبذولة، فضلا على انها تقف حجرة عثرة في طريق النهوض بمنظومتنا التربوية. لا أحد يستطيع أن يزايد ويثبت عكس ما نقلته وسائل الإعلام بشقيها السمعي البصري /المرئي المكتوب. وما تناولته أقلام المهتمين و الفاعلين في حقل التربية و التكوين، سواء عبر الموائد المستديرة أو عبر مقالات عريضة و عميقة المحتوى، عن هذه الظاهرة المتشعبة و المتفاقمة في أوساط وصفوف مؤسساتنا التعليمية إنها: ظاهرة الهدر المدرسي إحدى عوامل التعرية التي تنخر قلب المدرسة المغربية إن صح التعبير و ترخي بظلالها الثقيلة و أبعادها الخطيرة على باقي المجالات الحيوية. إذا كان نظامنا التعليمي قد عانى من قبل ويلات أحادية الكتاب المدرسي و قساوة مساطر القوانين الداخلية و سلطوية المدرسين وطغيان الطرائق البيداغوجية العقيمة التي تهمش مشاركة المتعلم و تقزم عطاءاته و مبادراته باعتبار أنه وعاء فارغ ينتظر من المدرس ملأه فانه اليوم يقاسي علة حادة قد تقضي على ما تبقى من قبل ، ولن نبالغ في تصورنا إذا قلنا أن الكلام سيغدو حول نظامنا التعليمي تماما كما نتحدث على الأطلال. نعم إذا استمر الأمر على هذه الوضعية المريبة بعدم الإقدام على خطوات فاعلة و فعالة فان الأمور لا محالة ستحسم للتعليم الخاص الذي يستفيد اليوم من هذه الكبوات والتعثرات المتواصلة وما انتشاره السريع في العقد الأخير إلا دليل فاحم على قلب المعادلة و جر وسام الاستحقاق لصالحه . إن الإصلاحات الأخيرة التي عرفتها المنظومة التربوية بدءا بإصلاح المناهج و البرامج الدراسية و مرورا بتطوير آليات الإدارة التربوية و أداؤها المهني و انتهاء بالقيام بالموارد البشرية التي مازالت تتطلب المزيد من الجهود و المقاربات في بعدها الاجتماعي و البيداغوجي تحديدا حتى تصبح في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها نظرا للتحولات التي يعرفها العالم على مستوى المعرفة و الاقتصاد و ما يتطلبه سوق الشغل من منتوج جيد و ذو جودة عالية، لتعتبر خطوات رشيدة في محاولة حصر هذه المعضلة- الهدر المدرسي – من جهة و اقتراح أدوات العمل الجديدة للقضاء على كل ما يعيق السيرورات التعلمية لدى المتعلم المغربي أي كل ما يقف حجرة عثرة في طريق نجاح العملية التدريسية . فماذا نقصد بالهدر المدرسي ؟ ما هي أسبابه ؟ و ما هي آثاره؟ ثم إلى أي حد يعتبر المنهاج الدراسي وفضاء المؤسسة و شخصية المدرس و نوعية التعلمات المقدمة و حركية الإدارة عوامل مركزية إما في إنتاج هذه الظاهرة أو في القضاء عليها ؟ ثم ألا يعتبر الفقر والحاجة و بعد المتعلم عن المدرسة سلسلة من الاكراهات التي تحيل المتعلم في نهاية المطاف على الانقطاع المبكر عن المدرسة ؟ جوابا على هذه الإشكالات المترابطة يقول السيد الحبيب المالكي- الوزير السابق لقطاع التربية و التعليم- : إن الجودة التي تبنى بالجدية و الجهد و التجديد هي نقيض للهدر بكل أنواعه أي الهدر بمعناه الواسع فالتسرب يضيف السيد الوزير هدر و الغياب المتكرر هدر و الانقطاع المبكر قبل العطل هدر و الالتحاق المتأخر بالدراسة هدر و التوجيه في غير محله هدر وفصل التلاميذ عن الدراسة هدر و كثرة الأدوات المدرسية التي تطلب من التلميذ دون أن تستعمل كلها هدر أيضا. إذن فظاهرة الهدر المدرسي ظاهرة بنيوية في بعدها البيداغوجي و السوسيو تربوي حيث لا يمكن فصل عنصر فيها عن الآخر فهي بعبارة أخرى ظاهرة مندمجة و مركبة و بدون شك لها تأثيرات قوية على القدرات الاقتصادية و الناتج الداخلي للدولة . و بناء عليه فالظاهرة تقتضي تدخلا عاجلا من الأطراف المعنية وعلى رأس هؤلاء الحكومة والجماعات المحلية و الفاعلون الاجتماعيون و الاقتصاديون و باقي فعاليات المجتمع المدني . عموما يمكن تقسيم ظاهرة الهدر المدرسي إلى أسباب مدرسية و عوامل غير مدرسية. 1- العوامل المدرسية: وترتبط ارتباطا عضويا بالمنظومة التربوية إذ يمكن القول أنه بقدر ما كانت المناهج و البرامج حيوية و العملية التدريسية بسيطة و مشوقة و محفزة بالإضافة إلى أن إدارة المؤسسة منفتحة و خدومة كان إقبال المتعلم عليها إقبالا حماسيا ،تلقائيا ايجابيا، و بالتالي تكون استجابته للانخراط في أوراشها و أنشطتها انخراطا فعالا وذو حضور و دلالات. 2- الأسباب و الدوافع الغير المدرسية: وتتعلق بالظروف الشخصية للمتعلم كالوضعية المادية و المعيشية التي يعيشها وسطه العائلي و الصورة الاجتماعية التي هي عليها أسرته: عمل الأب و مرتبته داخل كوكبة البيت المؤلف من أخواته و إخوانه، ثم هل يملكون المنزل أم يكترونه؟ وبناء على ما سبق و لمعالجة آثار هذه المعضلة الخطيرة – الهدر المدرسي – نقول : على الدولة – في شخص الحكومة و الوزارة المعنية – أن تعيد النظر ليس في الإخفاقات التي تتحقق سنة على سنة( وان كان السيد الوزير الحالي قد صرح قائلا في احد اجتماعاته مع الشركاء الاجتماعيون” وضع المدرسة المغربية لا يدعو للقلق” و اذا كان الأمر كذلك فلماذا اعتمدت الوزارة السابقة المخطط الاستعجالي؟ أو إذا شئت ، لماذا استغنى شخصه المحترم- السيد الوزير السابق- عن المذكرتين: 122 و 204 ؟ الم يعتبر المخطط الاستعجالي خطة عمل جديدة ، مندمجة ما دام الميثاق الوطني للتربية و التكوين قد عجز عن تحقيق اهدافه المنشودة؟ و في اعتقادي المتواضع ،أن ما ينقص كل هذه التدابير القيمة هو النهوض بالموارد البشرية لهذا القطاع الفسيح وعلى رأس قائمة تلك الفئات الشغيلة التعليمية باعتبارها المنفذ و المصرف الأول لهذا الإصلاح ثم توظيف مساعدين اجتماعيين و نفسانيين بالمؤسسات التعليمية أي تفعيل دور التربية الصحة بفضاءات مؤسساتنا التعليمية، وجعل المتعلمين يستمتعون بآثارها الايجابية ، حتى لا تتحول – في النهاية- رسالة مؤسساتنا التربوية من رسالة التربية و إكساب المهارات و الكفايات اللازمة إلى ملاذ للتدخين و تناول المخدرات بالإضافة. هذا فضلا عن تدعيم جهود الأندية التربوية و تشجيع خطواتها العملية، ورسم تخطيط أو إنشاء مشروع لتأهيل بنيات و فضاءات المدرسة و جعلها مواكبة للتحولات التي يعرفها عالم البيداغوجيا و المعرفة وعالم سوق الشغل. ترى هل سيعيد السيد الوزير الحالي لقطاع التعليم لمعانه و رمزيته التي تآكلت مع السنوات العجاف المنصرمة ؟ ثم هل الاجراءات التربوية التي يباشرها السيد الوزير الحالي – و المتشخصة اساسا في اكتساب التعلمات الاساسية والتحكم في اللغات – كفيلة بجعل المتعلم المغربي فاعلا في قلب مدرسة الغد؟ ملحوظة: تشتغل وزارة التربية الوطنية، منذ سنتين، على إعداد تدابير كفيلة بتخفيض نسبة الهدر المدرسي في المدارس العمومية، والذي يكلف ميزانية الدولة أكثر من 6 ملايير درهم سنويا، أي ما يمثل 9 في المائة من ميزانية التسيير لوزارة التربية الوطنية . وحسب مصادر بوزارة التربية الوطنية، فقد تم إعداد برنامج لتأمين المدارس العمومية ضد ظاهرة الهدر المدرسي أطلق عليه «الأمن البشري وحماية الأطفال المتمدرسين»، يستهدف وضع تشخيص واستئصال كل العناصر الخطيرة التي تمنع التلاميذ من الحضور في القسم. ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------ الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن مواقف صاحبها ولا تلزم موقع برلمان.كوم