يتميز العرس المغربي بطقوسه وعاداته الخاصة و التي تتميز بالفرادة والفخامة بشكل لا يضاهيه اي عرس في اي مكان في العالم ويعد العرس المغربي أبرز وأصدق صورة للتقاليد المغربية العريقة التي تختلف بدورها من منطقة إلى أخرى، وبالرغم من التباينات من حيث الشكل والترتيبات، تبقى الطقوس الأساسية للعرس المغربي قارة تشهد على أصالة هذا البلد. العرس الرباطي: فأعراس العاصمة الرباط مثلا والقديمة منها بالخصوص تكتسي طابعا خاصا يختلف عن أعراس باقي المدن المغربية حيث يتناقل الكثير من أبناء المدينة وخاصة كبار السن منهم كثيرا من تفاصيل تقاليد الخطبة والزواج التي تؤكد مدى عراقة هذه المدينة وخصوصيتها حيث كانت ترتيبات العرس تتطلب من أهل العروسين وقتا طويلا قد يتجاوز السنة. فحفل الزفاف وحده كان يستمر سبعة أيام بلياليها. وعند اقتراب الموعد تحضر عائلة العروس كل اللوازم الخاصة بصنع الحلويات وتقتني ما يلزم لإقامة الولائم وتعد ملابس العروس مجسدة المثل الشعبي المغربي “زواج ليلة تدبيره عام”. وقبل يومين أو ثلاثة من موعد العرس يحدد أهل العروس موعد (الحمام) فيتكلف والدها بحجز الحمام بكامله أو احدى مقصوراته حسب القدرة المادية للعريس لأنه هو الذي يؤدي تكاليف الحمام قبل أسبوع من موعد العرس. كما تقوم أم العروس بدعوة الأهل من الاخوات والعمات والخالات وصديقات العروس وبنات الجيران لحضور حمام العرس الذي تذهب إليه العروس في موكب توقد فيه الشموع وتجلجل فيه الزغاريد ويتعالى الهتاف بالصلاة على النبي. وفي يوم الخميس يبسط جهاز العروس في غرفة خاصة في بيت أهلها أو يعرض في بيت العريس بعد نقله إليه . وتسمى هذه العادة ب ” تعلاق الشوار” الذي يشمل مجموعة من المطروزات المختلفة والالبسة الفاخرة والهدايا الثمينة التي تم جمعها أو شراؤها من طرف أم العروس لابنتها منذ كانت طفلة. وفي ليلة نفس اليوم يحتفل ب ” ليلة النبيتة” وهي ليلة تجتمع فيها بنات العائلة والصديقات حول العروس ترددن بالمناسبة الأغاني احتفاء بالعروس وترقصن وتمرحن وتقضين بقية الليلة في بيت العروس . وفي اليوم الموالي ( الجمعة ) يقام حفل عقد القران أو (الملاك) أو (ضريب الصداق) الذي يليه حفل الحناء. فبعد عصر نفس يوم عقد القران يحضر والد العريس وأقاربه وأصدقاؤه إلى منزل العروس ومعهم ( العدول) فيتم عقد القران بعد الاتفاق على الصداق الذي سيقدمه العريس لعروسه. بعد ذلك يتبادل أهل العروسين التهاني وتنطلق زغاريد النساء و (العماير) وهي دقات على الدفوف في ايقاع موحد وسريع . وتردد الفتيات مقطوعات تقليدية. بعد ذلك تقوم (النكافة) وهي إمرأة مكلفة بتزيين العروس وبإلباسها حلة خضراء تقليدية مطرزة بالصقلي تسمى ( قفطان النطع) .ثم يتقدم العريس في لباسه التقليدي المكون من (جابادور) وجلباب أبيض من (السوسدي) الرفيع وبلغة صفراء وطربوش أحمر للسلام على عروسه ويلبسها خاتم الزواج ويتبادلان تقديم الحليب والتمر لبعضهما البعض . كما يقدم العريس لعروسه الهدايا التي أحضرها في موكب يسمى (الهدية) مكون من أهله وفرقة موسيقية من (الطبالة والغياطة). وفي وقت لاحق من نفس اليوم يبدأ حفل الحناء حيث تقوم (النقاشة) بتزيين يدي ورجلي العروس بنقوش وأشكال دقيقة وجميلة مستوحاة من زخارف الصناعة التقليدية وسط جو عائلي بهيج تفوح منه روائح البخور و (عود القماري) و(ماءالزهر) . كما تقوم بعض صديقات العروس بنقش الحناء على أيديهن تيمنا بها وجلبا للحظ. و في جناح آخر من البيت تقوم أم العروس صحبة عدد من المساعدات بتقديم مأدبة عشاء تتكون غالبا من أطباق الدجاج المحمر المزينة بالزيتون والليمون (المرقد) إضافة إلى أطباق اللحم والبرقوق على الطريقة الرباطية. ويعتبر يوم السبت يوم الاحتفال بليلة الزفاف . ففي ظهر ذلك اليوم يقام حفل خاص بالنساء يسمى ب (الجلوة) وهي كلمة تعني اقتراب موعد ابتعاد العروس عن بيت أهلها والذهاب إلى بيت زوجها . ففي هذه الليلة تعمل النكافة على تزيين العروس والباسها أزياء تقليدية تتكون من ثلاث (لبسات). تبدأ ب ” التخليلة الرباطية ” وهي ” تكشيطة ” من الحرير بيضاء اللون تخلل بثوب رفيع فاتح يمسك (بشوكات) ذهبية . تتزين العروس بحلي خاصة فتضع فوق رأسها تاجا وتتقلد (خيط الروح) وتتمنطق حزاما ذهبيا كما تزين بأطواق عقيقية تسمى “المدجة”. كما تلبسها النكافة أقراطا وأساور”دمالج” من الذهب و”العواويش” والتي تتكون من خليط من حبات الجوهر وسبائك رقيقة من الذهب والأحجار الكريمة التي تزيد العروس جمالا وتألقا . ويكون وجه العروس خلال الحفل مغطى بوشاح أبيض شفاف. وبموازاة مع ذلك في نفس الليلة وفي بيت تقليدي فسيح يقيم العريس الذي يحمل لقب السلطان طوال أيام العرس ويختار وزيرا من أصدقائه حفلا بهيجا يحضره رجال وشبان من عائلته. يعرف الحفل ب (التقصيص ) وتأتي تسميته من قص أو حلاقة شعر العريس بمساعدة ” وزيره ” بحضور ضيوفه الذين يركنون لارتشاف كؤوس الشاي وأكل مختلف أنواع الحلويات الرباطية التقليدية على أنغام الموسيقى الاندلسية الاصيلة التي تؤديها فرقة تحضر خصيصا لتلك الغاية. وبعد منتصف ليلة السبت تأتي مجموعة من نساء عائلة العريس صحبة رجلين لأخذ العروس الى بيت عريسها وهن يرددن “اعطيونا ديالنا نمشيو فحالنا” فتستقبلهم عائلة العروس بالزغاريد والترحيب وتقدم لهم الحليب والتمر ومختلف الحلويات. بعد ذلك تزف العروس إلى عريسها في موكب بهيج يرافقه “الطبالة والغياطة”. وتسمى ليلة مغادرة العروس لبيت أهلها الى بيت زوجها ليلة ” الرواح ” ولا يكون الانتقال فقط من بيت الى آخر وانما الى حياة جديدة. العرس المراكشي: لصورة التالية تمثل العمارية المغلقة التي تذهب على متنها العروس من بيتها إلى بيت زوجها وهي محمولة فوق رؤوس الرفاعة . عقد القران: بعد شهر أو بضعة شهور من الخطبة يتم حفل « الزغاريد » أو الدفوع ( هناك بعض العائلات يؤخرن الدفوع إلى الأيام المباشرة قبل حفل الزفاف). ويتم عقد القران أثناء هذا الحفل. يقدم العريس في هذا اليوم : الذبيحة إما كبش أو عجل , سكر , صندوق زيت , كيس من الدقيق , ملابس للعروسة : جلابة, حقيبة و حذاء , 2 تكاشط ( 2 من الحاجة), شربيل , ملابس داخلية , عطور …… إلخ والتمر و الحنة (أوراق و أخرى مخلطة) و الحليب و الورد. يذهب أهل العريس في موكب كبير بكل هذه الهدايا و رفقة فرق فولكلورية مثل الطبالة و الدقايقية أو المازنية أو هوارة.ويسمح للعريس بدعوة أقاربه كلهم ( بالطبع , في حدود المعقول). تقيم عائلة العروسة في هذا اليوم حفلا كبيرا لاستقبال موكب العريس. تقوم أم العريس في هذا الحفل بوضع منديل أبيض فوق رأس العروسة , تضع عليه الحنة مخلطة بالماء و ماء الزهر و تضع وسطها بيضة, ثم تجمع الثوب عليها , و يأتي أخ العروسة ليفقس هذه البيضة بدمليج من النقرة وذلك ليتكلل هذا الزواج بإنجاب أطفال بإذن الله, أما العريس فيقدم للعروس الحليب و التمر عربونا على المحبة و الود و الصفاء و يلبسها خاتما ليعرف الكل بأنها تزوجت. وأثناء هذا الحفل , يتم الاتفاق على موعد حفل الزفاف. بعد حفل الزغاريد , تبدأ العروس في تهييئ « الشورة » أو الدهاز و هي : الفراش , الزربية , الأواني الفضية , الطرز (مناديل , وسادات ……ولو أن هناك من يهيئ طرز العروس قبل خطبتها ) , الستائر ' و كل ما يستلزم البيت حسب الاتفاق بين العائلتين. ويسمح للعريس بالخروج مع زوجته بعد عقد القران وقبل حفل الزفاف. حفل الزفاف : في منزل العروسة أولا يبدأ أولا بما يسمى حفل « العرض » ويقام أسبوعا قبل حفل الزفاف: يحضر فيه الأخوال و الخالات و الأعمام و العمات و بعض الجيران. تختار أم العروسة أمرأة من العائلة تعرف أحياء المدينة جيدا لأنها هي التي ستتكلف بدعوة كل أفراد العائلة و الأحباب للحضور في حفل الزفاف. تشتري لها الأم جلابة بيضاء و شربيلا و نقابا و حقيبة بيضاء كما تتم كسوة بنت في مقتبل العمر تصاحب هذه المرأة في مهمتها. يبدأ حفل العرض في الليل و تحني العراضة (التوريضة) مع البنت الصغيرة وسط أجواء من الفرح والضرب على الطعارج والناقوس و البندير حتى ساعات متأخرة من الليل. وفي الصباح , و بعد وجبة الأفطار الخاصة بهذا اليوم ( هربل , رغايف, حريرة مقومة , القرص , بيض مسلوق , …..) تخرج العراضة ( و تأخذ في يدها باقة صغيرة من الورد إما طبيعي أو اصطناعي ) و البنت المصاحبة لها في موكب من النساء يضربون على الطعارج في الدرب لإشهار العرس , و تبدأ العراضة بالجيران أولا ,و كل من قرعت بابه يكون ملزما بإ عطائها بعض النقوذ لتتنقل في جميع أحياء المدينة ( 5 أو 10 دراهم فقط ) . وتستغرق هذه العملية يوما أو يومين. يبقى الأهل و الجيران طيلة الأسبوع في دار العروسة , كل يوم يتم فيه الاحتفال بعادة من العادات المراكشية , وبالطبع , فالكل يساعد أم العروسة في تهييئ الحلويات , غسل الأواني النحاسية و الفضية , تصبين مفروشات البيت …..إلخ. أما العادات و الطقوس التي يحتفل بها قبل الزفاف فهي : تنقية القمح – حنة المزورات – تفريش بيت العروسة – حمام العروسة… تنقية القمح : بعد غسل القمح و تنشيفه تحت أشعة الشمس , يأتي اليوم المخصص لتنقيته , تحضر فيه مجموعة من النساء من أهل العروسة. توضع قطعة كبيرة من الثوب ( إزار) تحت طاولة مستديرة , تلتف حولها النساء لتنقية القمح في مرحلته الثانية , بعد أن فصلت منه بعض الأحجار و العيدان من طرف امرأة أخرى في الطبك ( عملية التزراد) . وتغني النساء طيلة هذه العملية أغاني خاصة كما ينشدن أذكارا نبوية مرفوقة بالزغاريد و التعياع . تأخذ أم العروسة كمية من هذا القمح المنقى و ترطبه في الماء لتهييئ « هربل » . وهذه العملية تقوم بها إحدى السيدات , و ذلك بدقه في المهراز الخشبي لتتخلص من قشور حبات القمح . الوجبة المخصصة لهذا اليوم هي « التريد بالدجاج البلدي » أو الكسكس حنة المزورات: تقوم سيدة من أقارب العروسة بجمع نقوذ لدى سيدات مزورات ( درهم واحد لكل سيدة) .و السيدة المزوارة هي الزوجة التي لم يسبق لها أن تزوجت من قبل لا هي و لا زوجها , يعني هي أول زوجة لزوجها الذي لم يسبق له أن تزوج قبلها . تشتري هذه السيدة بهذه الدراهم الحنة و يجب أن تدق في مهراز خشبي : و هذه هي حنة المزورات تخلط هذه الحنة مع أعشاب تجميلية و يطلى بها جسم العروسة كله , و تلف العروسة في إيزار جديد أبيض ولا تغتسل . ,بالطبع , تحضر في هذا اليوم كل صديقات العروسة و بنات خالاتها و بنات عماتها وكل فتيات العائلة . الكل يغني و يرقص . بعد أن تنشف الحنة , ترتدي العروس قميصا جديدا فضفاضا و تخرج إلى صديقاتها لتقضي معهن ما تبقي في اليوم. توزع على البنات الحلوى والشاي ويلمسن الحنة المتبقاة على العروسة . بعض العائلات تكرر » حنة المزورات » مدة 3أيام متتالية , و أخرى تكتفي بيوم واحد. تجهيز بيت العروسة: يوم الثلاثاء أو يوم الخميس قبل يوم الزفاف , يتم فرش بيت العروس. وفي هذا اليوم , تستدعي أم العروسة نساء العائلة ليروا ما جهزت به ابنتها . يوضع في فناء البيت : الفراش و الزربية و الستائر و الأواني الفضية و الزجاجية و الأثواب المطرزة (مناديل , إيزور , فوطات مكررة , وسادات ….) , وأثاث غرفة النوم و الطاولات الكبيرة والصغيرة و كل ما يستلزم البيت حسب الاتفاق بين العائلتين. وحضور « النكافات » ضروري في هذا اليوم. يحضر أب العروسة عربات عديدة لنقل « الدهاز » إلى بيت العريس. تغطى هذه العربات كلها بالإزار (أثواب كبيرة) قبل أن يوضع عليها جهاز العروسة. ويتحرك موكب هذه العربات في شكل رائع , واحدة وراء الأخرى , ووراء كل واحدة امرأة أو اثنتان من أهل العروسة لمراقبة حمولة العربة. وطيلة التنقل بين البيتين ,و النكافات يزغردن لأشهار الموكب. يستقبل أهل العريس هذا الموكب بالحليب و التمر و بخور العود و مراش ماء الزهر , و تبدأ النساء في تفريش قبة العروسة أولا ثم غرفة نومها و النكافات يغنين باستمرار. بعض العائلات , يضعن الشبة و الحرمل وملح « سيدي أحمد الناصري » تحت فراش العروسة تيمنا بهذا الولي الصالح. وبعد الانتهاء من هذه المهمة , ترجع النساء إلى بيت العروسة في هدوء. الزيارة : تذهب العروسة لزيارة الولي « سيدي بلعباس السبتي » يوم الأربعاء لأن هذا اليوم مخصص لزيارته و تشرب و تغسل أطرافها من نافورة الضريح . ويجب أن ترتدي العروسة جلابة و نقاب حتى لا يتعرف عليها أحد من الجيران أو الأهل. حمام العروسة: يوم الخميس , تذهب العروسة مع صديقاتها و نساء العائلة إلى الحمام. إذا كان الأب ميسورا , فإنه يكتري الحمام في الليل و يستحمم كل أفراد العائلة : النساء أولا ثم الرجال بعدهم , و إلا , فتذهب العروسة في المساء في موكب من النساء و الفتيات و الكل يزغرد و يغني . ترسل الأم إلى الحمام سطلا من القرص و البيض المسلوق والغريبة و القهوة والحليب (و السكر لعاملات الحمام) . وتدخل العروس إلى داخل الحمام بالزغاريد وتسبقها امرأة في يدها شمعة كبيرة مشعلة , تضعها في المكان الذي ستغتسل فيه العروس . وتبقى هذه الشمعة موقدة حتى نهاية الاستحمام . بعدها, تخرج العروس إلى « الجلسة » ويوزع على الكل الحليب و القهوة و الغريبة و القرص و البيض المسلوق , ويرش الكل بماء الزهر وتبخر العروس بعود القماري ثم يعود الكل إلى البيت. يوم الجمعة: يستدعي الأب كل أصدقائه و أفراد عائلته ( الرجال بالطبع) للحضور إلى بيته لتناول وجبة العشاء تحت نغمات الملحون التي تنشدها فرق معروفة في مراكش أو جوق مكون من الرجال فقط أو فرقة المنشدين . وبعد ذلك , يوزع الشاي و الحلويات على المدعوين في جو بهيج و مرح , بحيث تسرد بعض النكت لأن المراكشيين معروفين بروح النكتة . في عشية هذا اليوم , تحني العروسة « النقيش » تحت غناء وانشاد (اللعابات) . تحضر حفل النقيش الخالات و العمات و بناتهن و بعض الجارات فقط. و في القديم , كانت امرأة مسنة تقوم بمشط شعر العروس و ظفره , وكانت تنشد أغنية خاصة بحيث تسرد فيها كيف شبت العروس في بيت والديها منذ طفولتها , و الآن ستغادر بيت والديها لتستقر في بيت زوجها. وكانت هذه الأغنية تتضمن كلمات مؤثرة تبكي العروس و أمها و أخواتها. يوم السبت: تستدعي الأم بدورها جميع الأهل و الأحباب ( النساء فقط) . ويتم الحفل في النهار. تبرز العروس « بلبسات » مختلفة , بدون زينة , وسط النساء , ورفقة النكافات. تحيي هذا الحفل فرقة موسيقية نسائية أو الشيخات( ويشترط أن يكون عازم الكمان أعمى حتى لا يرى النساء ) أو الحضارات (وهي مجموعة نسائية تنشد الأذكار النبوية) . ويستمر هذا الحفل حتى المساء. في منتصف الليل , يأتي أهل العريس لاصطحاب العروسة إلى بيت زوجها. تركب العروسة في العمارية « مغلقة كالهودج » وتغطيها النكافة بإزار كبير أخضر حتى لا يراها أحد ثم تحمل فوق رؤوس الرفاعة . ويتحرك الموكب رفقة الطبالة و الأحباب إلى بيت العريس . وغالبا ما يكون البيت قريبا لأن الكل كان يسكن داخل أسوار المدينة. يسمح للكل الذهاب إلى بيت العريس في هذه الليلة ما عدا أمها و أبيها. ويبقى الكل في منزل العريس حتى تزف العروسة و تصبح. في الصباح , ترسل أم العروسة سطلا من الأرز و الحليب و القرص إلى منزل العريس. وبعد الظهر , تذهب عائلة العروسة لرؤية ابنتها و لتقديم » الفطور » وهو عبارة عن: مجموعة من الحلويات « في المكاب » , والدجاج المحمر » في الطواجن » (2 أو 3 طواجن) , و اللحم بالبرقوق و اللوز « في الطواجن » أو الشواء (كل على حسب استطاعته ) , و المحانش أو البصاطل ( على الأقل 2) , و كل هدايا عائلة العروسة التي أهدتها إليها . وفي مكاب خاصة , توضع هدايا « الصواب » تقدمها العروسة لأم زوجها و لأبيه و لأخوانه و لأخواته و للعريس نفسه. ويتم نقل الفطور كذلك على متن عربات عديدة مثل الدهاز و صحبة النكافات. ثانيا : في منزل العريس يبدأ حفل الزفاف في بيت العريس تقريبا كحفل الزفاف في بيت العروسة . فالحفل يبدأ اسبوعا قبل موعد الزفاف ( حفل العرض , حفل تنقية القمح , استقبال جهاز العروسة و تحضر في هذا اليوم كل أقارب العريس من خالات و عمات و جيران . وبعض العائلات , كن يحتفلن بيوم الحنة في منزل العريس قبل يوم الزفاف بيوم واحد. حنة العريس : يذهب العريس مع أصدقائه إلى الحمام . وبعد الاستحمام , يجد أمام الحمام , فرسا مسرجا وفرقة من الطبالة. يركب العريس فوق الفرس ويرجع إلى بيته في موكب بهيج . في فناء المنزل , ينتظره الكل ليبدأ حفل الحنة. تشعل الشموع ويؤتى بمبخرة كبيرة من سيدي بلعباس السبتي , يشعل فيها العود القماري , وتضع أم العريس الحنة في كفيه ثم تمسحها بدمليج من النقرة و منديل مبلل بماء الزهر و النكافات يلوحن على العريس بمناديل كبيرة مطرزة (القطيب). وحضور الطبالة أو اللعابات ضروري أثناء هذه المراسيم. يوم السبت : يستدعي أب العريس في المساء كل الأهل و الأحباب ( الرجال فقط) و العريس كذلك يستدعي أصدقاءه .وفي منتصف الليل , يذهب بعض أفراد العائلة ليحضروا العروسة من بيتها. تستقبل العروسة في بيت زوجها بالحليب و التمر ثم تدخل إلى غرفة نومها و هي مستورة كلها بإزار أخضر. يكون العريس في هذه اللحظة في بيت الجيران أو في بيت أحد أقاربه. يرتدي العريس جلابة و سلهاما أبيض ثم يغطي وجهه بالقب. يتجه بعد ذلك إلى بيته مع أصدقائه وتزفه مجموعة من النساء أمام بيته بحيث يرقصن و ينحنين أمام العريس في صف واحد (رقصة الترشال). بعد ذلك , يدخل العريس إلى غرفته و وجهه دائما مستور بالقب و الكل ينادي عليه بمولاي السلطان. في الصباح الباكر , بعد تناول وجبة الفطور مع زوجته , يذهب مولاي السلطان مع وزيره ( و هو أحد أصدقائه) إلى الحمام , وهذه المرة يستحم العريس عاديا. بعد ذلك , يتجه العريس إلى دار « إسلان » وهو منزل مجاور لبيت العريس يأوي كل رجال العائلة طيلة أيام الأسبوع : الأب مع الكبار في قبة و العريس مع رفقائه في قبة أخرى و لا يذهب العريس عند عروسته إلا في المساء. في هذه الأثناء , تبقى العروسة في قميص قضفاض مستورة تحت « القطاعة » وهي ستائر توضع على جوانب السرير, والكل يهنأها و يسلم عليها. بعد الظهر, تأتي النكافات ليلبسن العروسة و ليزيننها , ولأول مرة , تضع الزينة فتبدو جميلة جدا , لأنه لم يسبق لها أن تزينت من قبل. تبقى في قبتها و تنتظر وصول موكب الفطور. وبعد وصول عائلتها, يأتي العريس من دار إسلان ليقدم لعروسه هدية « الصبوحي » و هي عبارة عن حلي من ذهب (دملج أو سوار أو مضمة إذا كان العريس ميسورا) و في بعض الأحيان , فأم العريس هي التي تقدم هذه الهدية. تبرز العروسة مزينة بين أفراد العائلتين و الكل يتطلع إليها (ويسأل : واش طلعت العروسة يعني هل أصبحت جميلة ) . و يرقص الكل و يغني على نغمات موسيقية تعزفها فرقة نسائية . ويستمر هذا الحفل حتى المساء. بعد ذلك , ترجع عائلة العروسة إلى بيتها. وطيلة أيام هذا الأسبوع , و العريس يقضي كل عشية مع أصدقائه إما في دار إسلان أو يخرج متنزها معهم في البساتين المجاورة لمراكش أو في حدائق المنارة أو أكدال و يصطحبون معهم الطناجي المراكشية والصواني لتحضير الشاي( وقد يكون معهم عازف على العود في بعض الأحيان مع أصحاب الكف) . أما العروسة , فتبقى في قبتها « بدون حزام » مع صديقاتها وأهل زوجها . وفي كل عشية , يجتمع الأهل ( النساء فقط) وتوزع الحلوى و الشاي على الكل. وفي اليوم السابع, يتم حفل « الحزام » و هو اليوم الذي تتحزم فيه العروسة , وتدخل إلى المطبخ لتهيئ أول طعام في بيت زوجها. يأتي أفراد عائلتها ليشاركوا أهل العريس في هذه الوليمة ويقضي الكل عشية هذا اليوم في جو من المرح و السرور. العرس الفيلالي عادات وتقاليد العرس الفيلالي: بعد ان يتفق أهل الخطيبين على بعض الأمور كالمهر “الصداق” وغيره، يبقى أهل العروسة في أتم الاستعداد منتظرين صفارة البداية من أهل الخطيب، وبعد إعطاء الإشارة يشمر كل طرف عن ساعديه؛ فأهل العريس يبدأون من يوم الاثنين المسمى ب”الكرامة” وفي هذا اليوم تظهر العادات والتقاليد بشكل واضح يلحظها الجميع، حيث يحضر العريس وأخته إلى وسط المنزل مقابلين مع حلقته ” عين الدار” ويبدأ بطحن الحبوب “الزرع” في المطحنة التقليدية المسماة ب”الرحى” ويكون مقدار الطحن هو سبع أكف بلا زيادة ولا نقصان، وتتم العملية بين صلاتي المغرب والعشاء وهذا ما يسمى ب”الكليع” وفي ظل هذه الأجواء يلقى على العريس وأخته من أعلى أي من حلقة المنزل “عين الدار” اللوز والتمر، ومنذ بداية الطحن يكون دملجا قد أدخل في يد المطحنة”الرحى” وعند الانتهاء من طحن آخر حبة يجب على العريس وأخته أن يتصارعا حول الدملج ومن استطاع نزعه من الآخر يأخذ من خصمه مبلغ 100درهم. وفي نفس اليوم وبعد الانتهاء من صلاة العشاء يخرج جميع أفراد عائلة العريس وبعض الأقارب ومن شاء من الجيران إلى ساحة كبيرة (فم القصر بالبادية) ويكون من بين الجمع الخارج رجلان يمسك كل واحد منهما بيده اليمنى “فأس” وباليد اليسرى حجرة؛ ويضرب الحجرة بالفاس” والعريس في مقدمتهم، وبهذه الطقوس الجميلة ينتهي هذا اليوم. أما اليوم الموالي وهو يوم الثلاثاء فهو مخصص لإطعام الأقارب والجيران وغيرهم. وفي يوم الأربعاء وبعد صلاة المغرب يخرجون العريس ممتطيا جوادا ومرتديا جلبابا ابيض وفوقه سلهام أسود وحزام من الحرير يشد به رأسه، وتحزم ثلاث بيضات في غطاء الرأس الموجود بالسلهام “قب السلهام”، ثم يذهبون بالعريس إلى ساحة كبيرة (فم القصر بالبادية) تكون قد جهزت قبل غروب الشمس بالأفرشة والكراسي، فيجلس العريس وبجانبه الأقارب والجيران وغيرهم؛ فيأخذ بعض الأشخاص إناءا “زلافة” به “الخلخلة” وهي مزيج من مجموعة من الأعشاب ذات الرائحة العطرة ويضعون هذا الخليط على رأس العريس شيئا فشيئا ويشدون على رأسه بثوب أبيض”شدادة بيضاء” وتخطط بمزيج “الخلخلة”. وفي هذه الليلة يحضر أحد المغنين مصحوبا بفرقته الموسيقية “الجوق” الذي يقوم بتنشيط هذا الحفل، وفي ظل هذه الأجواء يقوم أحد أفراد الفرقة الغنائية وينادي في الحضور “التبريحة” بشكل عام وأهل العريس بشكل خاص، و بصوت مرتفع وكلمات غناءة، والهدف من كل هذا وذاك هو جمع المال. وتبقى هذه الأجواء مستمرة حتى قرب بزوغ الفجر؛ حينها يحني العريس يداه ورجلاه، ويحزم العريس في رجله قطعة ثوب بها مزيج من الحرمل والملح؛ وهذا باعتقادهم يحفظ العريس من العين ومن كل المصائب. وفي صباح يوم الخميس يذهب أصدقاء العريس للمنزل الذي يوجد فيه عريسهم حيث يقومون بفك يديه ورجليه من الأثواب الملفوفة عليهما والحناء، والشخص الذي يقوم بهذه العملية يسمى “الوزير”، كما يقوم “الوزير” بحمل العريس فوق ظهره ليضعه فوق الجواد، ويذهبون به إلى النهر وهم يتغنون، وبعد عودتهم يبقى العريس و”الوزير” وبعض أصدقائه منعزلين في بيت ومنتظرين قدوم العروسة يوم الجمعة لتقابل عريسها، هذا بالنسبة لعادات وتقاليد العريس وأهله. أما فيما يخص العروس وأهلها، فتبدأ تقاليدهم وعاداتهم يوم الاثنين كما هو الأمر عند العريس وعائلته، حيث يحضر العريس وأهله للعروسة ما يسمى ب”الجهاز” وهو مجموعة من الملابس الداخلية والخارجية وأحذية وغيرها؛ للعروس في كل هذا حصة الأسد، كما يقوم العريس بإلباس الخاتم لعروسته، وبعد ذلك ينصرف العريس و أهله إلى بيتهم، وفي ليلة هذا اليوم يحضرون العروس هي الأخرى إلى وسط المنزل متقابلة مع حلقة المنزل”عين الدار” وتبقى واقفة والنساء والفتيات مشكلين حولها دائرة وهي مركزها، وتأتي امرأة تمشط لها شعرها وتظفر لها الضفيرة؛ والغريب في الأمر أن الضفيرة عادة ما تكون من الأعلى نحو الأسفل، لكن للعروسة فالعكس أي من الأسفل نحو الأعلى، وتكون هذه الضفيرة مصحوبة بدهن رأس العروسة بمزيج يشبه المزيج الذي وضع للعريس، ويكسرون للعروسة بيضة على رأسها ويقومون بكل هذه الأعمال ووجه العروس ملثم، كما يحضر من يحمل اسم “محمد” جرة مملوءة بالماء فيصعد إلى أعلى أي إلى حلقة المنزل “عين الدار” فيرش العروسة ببعض ماء الجرة. أما بالنسبة ليوم الثلاثاء فهو مخصص للمدعوين والمدعوات من الأهل والأقارب والجيران . وفي يوم الأربعاء تحنى يدا ورجلا العروس؛ حيث تقف بجانبها فتاة على اليمين وأخرى على اليسار وكل واحدة منهما تمسك شمعة بيدها، وتسمى من تقوم بوضع الحناء للعروسة “مزوارة” وهي المرأة التي تزوجت مرة واحدة ورجل واحد، وعند الانتهاء من وضع الحناء للعروسة؛ يؤخذ الإناء الذي كانت فيه الحناء و”المبخرة” ويضعان مع كل تلك الأشياء التي وضعت لتزيين الطاولة الموجودة أمام العروسة في طبق من سعف ويطوف به سبعة أشخاص – نساء أو رجال- الواحد تلوى الأخر وهم يغنون. وفي هذا اليوم يعقد اجتماع بين العروسة وأهلها من النسوة؛ حيث تجلس العروسة وسطهن ويبدءون بتقديم الوصايا والتوجيهات لها حيث يجب عليها أن تحافظ عليها وتتحلى بها في بيت زوجها. وفي مساء يوم الخميس يتم إرسال أشخاص من أهل العروسة مصحوبين ببعض التجهيزات المنزلية (الأثاث) إن لم نقل كلها إلى بيت العريس، وفي فجر يوم الجمعة تحضر العروسة وأهلها – غالبا ما يتخلف الأب – وعند وصولهم لبيت العريس تدخل العروسة برجلها اليمنى ويرش عليها الحليب والملح ويقدم لها التمر والحليب هي وعريسها، ثم يقوم العريس بتكسير بيضة أمام عتبة الباب؛ ومعنى هذا الكسر أنه يكسر جميع الحواجز التي تعيق استمرار حياته الزوجية، ينصرف الزوج مع صديقه “لوزير” ويدخل أهل كل من الزوجة والزوج على الزوجة – المستلقية على السرير – لتهنئتها. وبعد اشتراك العائلتين في تناول وجبة الفطور والغذاء من بعده بما لذ وطاب من الطعام، وبعد قرب المساء يستعد أهل العروسة للرحيل تاركين ابنتهم في حفظ الله ورعايته على موعد اللقاء بعد ثلاثة أيام. وبعد مضي الأيام الثلاثة وفي يوم الاثنين بالضبط الذي يسمونه ب”ثلاثة أيام” يحضر أهل الزوجة إلى بيت ابنتهم الزوجية ومعهم الخضر والفواكه والسكر والدقيق والزيت…الخ؛ ويقضون يوما ممتعا مع ابنتهم وأهل زوجها حتى قرب المساء حيث يستعدون إلى العودة من حيث قدموا. وبعد مضي أسبوع من يوم دخول الزوج على زوجته؛ يكون يوم الجمعة وفيه يحضر أهل الزوجة لبيت صهرهم ويحضرون معهم ما يسمونه ب”الفراخ”، وفي الأسبوع الثاني من زفاف ابنتهم يحضرون معهم ما يسمونه ب”المدفون”، وفي الأسبوع الثالث يحضرون معهم “الدجاج”. وبعد انتهاء الأسابيع الثلاث وبعد مرور مدة قصيرة يذهب أهل الزوجة لزيارة ابنتهم؛ وهذه الزيارة تسمى ب”ضرب الفقد” ويحضرون معهم هدية لأبنتهم؛ كخاتم أو سلسلة أو ملابس أو غيرها. وبعد مرور أيام عدة يزور الزوج وزوجته وبعض أهله بيت أهل زوجته، وعندما يريدون الانصراف يتركون الزوجة في بيت أهلها لتقضي معهم أيام معدودة. لكن إسراف أهل الزوجة على ابنتهم لم يتوقف عند هذا الحد؛ فماداموا على قيد الحياة وهم يحضرون لها بعض الهدايا والألبسة وغيرها في بعض المناسبات؛ كالأعياد و”شعبانة” والنفاس وغيرها، ويستمرون هكذا حتى تزوج بنتهم أبنائها وهم ما يزالون على هذا الحال. ورث سكان منطقة تافيلالت هذه العادات والتقاليد جيل عن جيل أبا عن جد. الملاحظ ان الاعراس المغربية زاخرة بالتنوع والثراء والفخامة التي تجعلها افضل واكثر الاعراس كلفة حول العالم.