انتشر التحدي بين اللاعب السياسي و الفنان، انتشر التحدي واجتاز الحدود و أعطانا الكثير من الصور و الفيديوهات و الردود، ردود حملت معها برقيات و رسائل؛ منها المباشرة، منها المشفرة و منها التي تحتاج الى مجيب و سائل..!! هو تحدي بصبغة التقليد و بمضمون الحملة، فالفكرة بسيطة لكنها لقيت زخما كبيرا، فهي تتلخص في أن يقوم الشخص بسكب دلو ماء مثلج على رأسه و بعد ذلك يسمي ثلاثة من أصدقائه ليشاركوا في هذا التحدي، فإما أن يقبل الشخص أو أن يتبرع بمئة دولار؛ التحدي بدأ في الولاياتالمتحدةالامريكية من أجل جمع الأموال لمنظمة خيرية تعمل من أجل علاج مرض يسمى بالتصلب الجانبي الضموري و زيادة الوعي بخطورة المرض؛ فانتقل الى مارك زوكربيرك مؤسس شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك و الرئيس التنفيذي لها و الذي تحدى بدوره بيل غيتس الرئيس التنفيذي لشركة ميكروسوفت و أكبر مليارديرات العالم، الذي وافق بدوره على التحدي ومن هنا انتشرت الفكرة كالنار في الهشيم، و سرعان ما انتقلت الى نجوم الفن و الرياضة في مختلف أنحاء العالم فوصلت الى الوطن العربي و طبعا إلى وطننا الحبيب. فكرة تحدي دلو الثلج وصلت الينا و ليتها وصلت الى أعماق جبالنا، فجبالنا جبال ثلج، و التحدي تحدي ثلج...!!! فتحدي دلو الثلج هذا الذي بلغوا به هدفهم المنشود، و عرفوا من خلاله بالمرض المقصود، ذكرني بتحدي من نوع آخر اسميه بتحدي جبل الثلج!! وبين مُتَحَدي دلو الثلج ومُتَحَدي جبل الثلج فرق شاسع و كبير، فإن كان جمهور مُتَحَدي دلو الثلج غفير، فغياب مساندي مُتَحَدي جبل الثلج بلا تبرير!! فأنت يا مُتَحَدي دلو الثلج تسكب الماء المثلج على نفسك اختيارا، بينما أنت يا مُتَحَدي جبل الثلج تقاسي البرد و الثلج إجبارا؛ أنت يا صاحب الدلو تحس ببرد خفيف و يقشعر جسدك للحظات و بقيامك بهذا التحدي ضاحك و سعيد، بينما أنت يا صاحب الجبل تحس ببرد شديد و يتألم جسدك لساعات بل لسنوات وأنت مترامي و بعيد؛ أنت يا متحدي الدلو تُمَرِر تحديك لغيرك و غيرك يُمَرره لغيره فَتُشْهِر و تَشْتَهِر و الرسالة تصل بسرعة وسلام، وأنت يا متحدي الجبل تقاوم ألمك و تقاسي غربتك و تعيش في صرعة و استسلام!! استسلام لا لأنك يا قاطن الجبل جبان، بل استسلام وُلِدَ من صوتك الذي بلغ العِنان و طنشته الاّذان ! استسلام من نوع خاص انعدمت فيه الوسائل و الطرقات، استسلام ترمقه تتجرعه في كل شتاء، في كل فصل، بل في كل عام. فيا ابن وطني، يا من صور و ساهم و أشهر تحدي دلو الثلج، لما لا تصور لنا تحدي جبل الثلج؟ لما لا تنقل لنا طرقات جبل الثلج، و مستشفيات جبل الثلج، و مدارس جبل الثلج...!!! أعجزت عن عدها لكثرتها أم أعياك التفكير في جمالية معمارها، لما لا تحدثنا عن مساكن جبل الثلج؟ أاستأنست بدفئها و صلابتها أم اطمأننت لرغد عيش سكانها؛ أعلمت أن المرأة فيهم تلد إما محمولة فوق البغال و إما منعية فوق أعناق الرجال، أعلمت أن جل أطفالهم حفاة بلا نعال، أعلمت أن معظم شبابهم بلا مستقبل و لا مآل، أعلمت أننا نجيبهم نصف جواب و هم يسألوننا ألف سؤال ، أعجزت كاميراتك عن نقل صورهم أم عجزت سيقانك عن تسلق جبالهم !! أنسيت أم تناسيت أم أنساك التزحلق فوق الجليد معاناة قاطني الجليد، أم أن تحديك يقتصر فقط على القطع الصغيرة من الجليد !! فجليدك غير جليدهم و تحديك غير تحديهم، فشتان بين من يتحدى دلو ثلج و بين من يتحدى جبل ثلج؛ فالدلو دلو و الجبل جبل! لكن المفارقة أن الدلو حقق نسب مشاهدة مرتفعة و حصد دعما كبيرا بينما الجبل بشموخه و ارتفاعه و برجاله و شيوخه ضل كما هو فالحال هي الحال والمشهد هو باق لا يزال ، فليتنا استطعنا التعريف ومساعدة قاطني جبل الثلج، كما عرفوا هم وساعدوا بدلو ثُلَيْجَاتِهِم !!