ادرار مجتمع له ميزاته الخاصة وله ثقافته التي تربطه بحماية الإرث القديم أو ما يمكن تسميته بالإرث الاجدادي وله عادات وتقاليد ومعتقدات تجعله مجتمع يختلف كل الاختلاف عن المجتمعات الحضرية الملونة بألوان عديدة وبأشكال متعددة من الأفراد فمجتمع " ادرار" في حد ذاته مجتمع منغلق على ذاته ولا يقبل الغرابة والتغريب،وبمعنى أو بأخر فهو مجتمع متحفظ ،يحاول أن يلبس (بضم الياء) أفراده لباسه الفريدة من نوعها،لباس تربط بين الأخلاق والقيم والتقاليد والتحفظ بمعنى الكلمة ،انه مجتمع غني بالإرث القديم دلك الإرث الامازيغي الذي يزخر بالإنسانية المتواضعة البسيطة والرائعة والتي تسعى دائما وراء كل ما هو قيمي جوهري .فهو مجتمع أسري مبني على التضامن والتجاور والتعاون بكل ما تحمل هده الكلمات من معاني. إن كلمة "ادرار" ومعناها الامازيغي تحمل بداخلها مغزى عميق ورائع ،مغزى يرتبط ارتباطا وثيقا بالشهامة والشموخ والعز والكرم والحرية والصمود بمعنى جوهري (الإنسان الحر)،ولهذا دائما وغالبا ما يحاول أفراده الحفاظ على هذا المغزى " الادراري" فهذا المغزى هو الذي يجعلهم يحسنون التصرف اتجاه الكل دون تميز ودون تعصب ولا عنصرية ،فهم أفراد أوفياء لمغزى كلمة "ادرار" فهم لا يشعرون الغريب بغرابته مهما كان عربيا أو أعجميا أو اسودا أو ابيضا بل يستضيفونه أحسن استضافة ويحسنون التعامل معه كأنه واحد منهم. ولأفراد "ادرار" ميزات إنسانية قيمة مضاعفة تتغلغل بداخلهم حرقة الدفاع عن تمازيرت وإعطاءها صورة الجميل بالجميل ،والجميل بالحسن...إن كلمة تمازيرت داخل نفوس أفراد ادرار هي الأعز والاهم وهي كل شيء ولا يحاولون حمايتها والحفاظ عليها بالكلام الزائف المرونق ،وإنما بأوجههم المحتشمة ،وبحركاتهم السريعة ،وبابتسامتهم المرحبة ،وبملامحهم المتواضعة ، بناءا على الإرث الذي يرحب بالكل ومن اجل الكل تحت لواء اسم "انفكي " بمعنى الضيف أو " انفكيون (الضيوف) ،وبهذا يحافظون على كلمة تمازيرت التي تربطهم بحب الوطن وبتاريخه وبرجاله الكبار ،رجال البطولات الذين ضحوا بالغالي والنفيس حرصا على بقاء تمازيرت ومحاربة منهم للظلم والاضطهاد .إن رجال "ادرار" رجال حريصين كل الحرص على حماية تمازيرت من كل ما قد يعرضها للإهانة والتهميش من الداخل والخارج ،ويحاولون جاهدين وصامدين بكل ما لديهم من طاقات إعطاء لكل ذي حق حقه ،وحرصا منهم كذلك على غرس مغزى مفهوم "ادرار" في نفوس أبناء تمازيرت وإيمانا منهم بمهمتهم التي تربطهم بحمل " حقيقة تمازيغت" فوق أكتافهم ،فحقيقة تمازيرت في مخيلتهم تضعهم بين الحياة والموت ،فهي لا تباع ولا تشترى . فلمعانات أفراد مجتمع "ادرار" في "ادر ارن " أسرار وحقائق كلها متعلقة بحب تمازيرت (الوطن) ولهده المعاناة قيمة إنسانية حيت إنهم يبتعدون من الفتن والشر ومن كل ما قد يؤدي إلى تخريب تمازيرت وتفرقتها وغرس فيها أمراض لها أعراضها كالعصبية والعنصرية والقبلية والتفرقة،وكذلك يتهربون من الفتن ومن إعطاء الفرصة مرة أخرى للمستعمر لكي يضع عليها قبضته ،إنهم يحاولون دائما الصمود لأنه العصا الذي يتوكئون عليه ويهشون بها على حياتهم اليومية . إن نساء ورجال "ادرار" يعانون الويلات واشد المعاناة من جميع النواحي بدءا من قساوة العوامل الطبيعية التي انقلبت على الإنسان وأصبحت عدوا له بعدما كانت الصديق الوفي للإنسان الادراري إلا أن ما استعمله الإنسان من وسائل تخريبية للطبيعة من ملوثات وأسلحة فتاكة جعلتها تنقلب عليه وبالخصوص الإنسان الاداراري الذي يعتمد عليها فيما ينتج ويستهلك ،ومرورا بالظروف الاجتماعية القاهرة ،ووقوفا عندا سياسة التهميش والنسيان والإهمال التي يتعرض لها يوما بعد يوم جراء أصحاب الضمير الميت - الذي يربطون جل الممارسات السياسية التي يقومون بها بالمصلحة الخاصة وبتوسيع النفوذ والإفراط في استعمال السلطة. ولكن حبه لتمازيرت لم يترك له المجال بعد للوقوف ضد هذا التهميش ،وكذا لسيطرة شبح الماضي على عقله ،فسر هذه المعاناة وتحمل التهميش والإهمال له علاقة بتلك التربية الادارارية الحرة المفطورة على الصمود والشموخ والأخلاق والبساطة والتواضع والشجاعة وعلى البطولة حينما يستدعي الأمر ذلك ،تلك التربية التي تجعل من الطفل رجلا ومن الرجل حكيما ومن الحكيم إنسانا بسيطا متواضعا يحترم الكل من اجل الكل من اجل مصلحة تمازيرت ومن اجل غرس بدور تمازيرت في نفوس أبناءها وأفرادها. إن عقلية أبناء "ادرار" هي عقلية إنسانية عادلة ونزيهة ،حيت أن التربية الادارية التي تلقاها بين ادرارن( الجبال) هي تربية عادلة ونزيهة وإنسانية ،مبنية على الثقة والإخلاص والوفاء والإحسان والبساطة والتواضع وبكل ما هو إنساني حر ،فغالبا ما تجد أبناء "ادرار" يعانون الويلات ويصارعون المعاناة في المدن،ويعيشون غرباء محكورين ومهمشين فوق ارض أجدادهم إلا أنهم مع ذلك صامدون ومخلصون ومتحملون ومتسامحون ومتواضعون ،فلكل حركاتهم مغزى ولنظراتهم سحر ،ولملامحهم سر يتعلق بحب تمازيرت وبحت أبناءها مهما كانوا ومهما كانت تصرفاتهم اتجاههم . إذا كانت المجتمعات الحضرية لم تعد تحترم الإرث القديم وتحاول أن تتجمل وتتزين بلباس غريبة عنها ،وخالية كل الخلو من قيمها وثقافتها وتقاليدها ،فان عقلية أبناء ادرار "العقلية الحرة الواعية " وعقليات أفراد " ادرار" لا زالت متشبثة بحق الحفاظ على ارث الأجداد وعلى تاريخهم العريق والمجيد والثمين،ذلك التاريخ الذي حقق فيه الإنسان الادراري الامازيغي انتصاراته الكبيرة والبطولية على المستعمر الحديث وعلى المهاجم القديم أو بمعنى أخر على أعداء تمازيرت وعلى أعداء السلام في تمازيرت . لا زال هذا الإنسان المتواضع البسيط يحاول استعادة حق الدفاع عن تمازيرت والسير بها نحو خطى التقدم حفاظا على مغزى ادرار الذي تحدتنا عنه سابقا.إذا كيف يمكن لأبناء ادرار المغتربين والمغربين في أرضهم استعادة حقهم في حماية تمازيرت وفي إخراجها من أيادي الأشباح؟.وكيف يمكنهم تجاوز محنت التهميش والإهمال الذي يتعرض له الإنسان الادراري؟وما السبيل إلى إخراج "تمازيرت من الأزمة الفاشلة التي تضربها من كل جهة ؟.