إن المتتبع لواقع الشباب بالمغرب ليستجمع كل مواصفات التهميش ، الإقصاء ، ضعف الإبداع ، مقولة " ما كاين مايدار" بالدارجة ...لوصف هذا الواقع التي تتقاطع في إفرازه مجموعة من العوامل التاريخية ، السياسية ، الاجتماعية...، مما يطرح السؤال : إلى أين نتجه في هذا المسار المليء بالمتناقضات ، العطالة الاقتصادية والفكرية وعدم الإشراك ؟ و بأي نوعية من الشباب ومن أي طبيعة تربوية وفكرية نبني مستقبل هذا البلد الحبيب الضاربة حضارته في عمق التاريخ؟ إن الإجابة على هذا السؤال يستدعي بالضرورة تشخيص هذا الواقع الذي تخالف طبيعته جميع الشعارات الرسمية المرفوعة في تناقض صارخ ومما يؤشر على هذا الوضع : سيادة مفاهيم الفراغ ، الانسحاب بكل أنواعه ، البطالة....ويؤكد فشل السياسات السابقة في تدبير الشأن الشبابي . فالجهل بأدبيات التربية الأسرية وضعف الخطاب التربوي الموجه لفئة الشباب وفشل السياسات التعليمية وهشاشة المشهد السياسي كل هذه العوامل وغيرها أفرزت ما أسميه ثقافة الانسحاب والتفرج على الواقع ودفن كل مبادرات الإشراك والمخالطة الإيجابية . إن المتأمل لواقع الشباب تحدده نظرة بسيطة إلى طبيعة مرتادي المقاهي التي تقتل الوقت وتساهم في ترسيخ وتقوية التفرج حيث أن أغلبهم شباب وانظر إلى حال بعض الأحياء حيث الشباب يتجمعون في زواياها وبرنامجهم كلام من هنا وهناك وتناول للمخدرات وانظر كم نسبة الشباب المنخرطين في العمل الجمعوي الجاد وكم نسبتهم من الانخراط في دواليب المشهد السياسي . إن الواقع لكارثي بامتياز ليس هذا من باب التيئيس وتطبيط العزائم وإنما من باب التشخيص الواقعي في أفق إيجاد ناجعة لهذه النازلة التي أجزم أنها خطيرة جدا وتهدد مستقبل شبابنا. إن السياسات الشبابية المعلنة والخفية فشلت في تدبير الملف الشبابي ، فلماذا الإصرار على الاستمرار في هذه السياسات ؟ ومما يطرح السؤال : هل هذه السياسات هدفها الحقيقي هو بناء شباب صالح لنفسه مصلح لغيره؟ إن الرهانات الحالية الملقاة على عاتق الشباب هو إدراك أولا خطورة هذا الواقع ثم محاولة تجاوز العوائق النفسية السلبية وإعطاء انطباعات خاطئة على هذا الواقع والخروج من ثقافة الانسحاب إلى ثقافة المشاركة الإيجابية وفتح أبواب الأمل وغد مشرق والنقد من داخل المؤسسات وفق ضوابط الاحترام المتبادل لأن لوبيات الفساد تسعى إلى تكريس وضعية التفرج لتحقيق مآربها الأيديولوجية والاقتصادية ولأن كل مشاركة في نظرها هي تنافس غير شريف على مصالحها المعلنة والخفية . فمن باب الغيرة على إخواني الشباب ولأن مستقبل كل أمة يحدده شبابها، أدعوهم إلى ضرورة الانخراط في العمل المنظم لاحتضان طاقاته الإبداعية ومحاربة كل أشكال الانسحاب من الواقع والتصدي لنظرية المؤامرة التي تلقي المسؤولية على الآخر من خلال اندماج رشيد وسياسة النقد من الداخل مما يحقق مصلحة هذه الفئة ويساهم في بناء الوطن. عبد الرحمان طه