يعتبر الإضراب حقّاً دستوريّاً كما أقر به الفصل 14 من الدستور المغربي، كما تكفله جميع المواثيق والقوانين الدولية، بالإضافة إلى أنه الوسيلة المثلى والناجعة والتي بواسطتها يمكن لرجال التربية والتكوين الدفاع عن مصالحهم وتحقيق مطالبهم والحفاظ على مكتسباتهم والتعبير عن الأوضاع السلبية التي تعيشها الشغيلة التعليمية بجميع فئاتها، بعد استنفاذ وانسداد جميع قنوات الاتصال والحوار الحضارية مع المسؤولين في القطاع. فلا أحد يجادل في موضوعية المطالب التي تقدمت بها النقابات التعليمية بدءاً من تفعيل بنود اتفاق فاتح غشت 2007 إلى مطالب أخرى ملحة، خلق عدم الاستجابة لها نوع من التذمر والاستياء مما يؤثر سلبا على مسار العملية التعليمية التعلمية برمتها. وأيا كانت المطالب، فإن المتتبع للشأن التربوي ببلادنا يلاحظ أنه كلما أعلن عن إضراب لنقابة ما إلا وانخرط فيه ثلة من رجال التعليم بالرغم من أنهم ليسوا منخرطين ولا متعاطفين مع أي نقابة بل إن بعضهم لا يعرف حتى مقرات بعضها في المدينة التي يشتغل فيها. إن انخراط رجال التعليم في أي إضراب لأكثر من نقابة من الناحية الأخلاقية سلوك مرفوض ومشين ولا مدني، وأخص بالذكر رجال التعليم العاملين بالوسط القروي، فهناك نسبة كبيرة تنخرط في إضراب أكثر من نقابة معتبرين أنها عطلة مؤدى عنها بالرغم من أن مؤسساتهم لا تتوفر حتى على سبورة نقابية. مستغلين حالة الانقسام والتشرذم والبلقنة التي يعيشها المشهد النقابي ببلادنا. لقد اهتزت صورة رجل التعليم في السنين الأخيرة، وأصبح ذكره على لسان جميع الآباء والمهتمين بالشأن التعليمي. وفي الحقيقة، أنا مع هؤلاء لأن الأصل هو المبدأ الذي يجب أن نتمسك به جميعا. إننا بهذا السلوك الغريب عن مبادئ الشرفاء من أطرنا التعليمية الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل تحقيق مطالب يتمتع بها آخرون مستهترين بالمسؤولية وبالمصالح العليا للوطن، خاصة وأننا نساهم بهذا السلوك اللامدني في تدمير المدرسة العمومية وفي تدني المستوى التعليمي بالوسط القروي وكذلك في تدمير جيل بكامله يمكن دعوته غدا لمحو الأمية باعتبارها العائق الأكبر للتنمية المحلية، وعلى أية حال، فالإضراب حق دستوري ولكن الانخراط في إضراب أكثر من نقابة، سلوك لا مدني. ابراهيم بنعدي أستاذ التعليم الابتدائي - نيابة بنسليمان.