أكد المشاركون في ندوة حول «المسؤولية الطبية» بتطوان على حق الضحية في التعويض عن الخطأ الطبي منبهين إلى ضرورة إيجاد صنادق عمومية لتعويض الأضرار الجسيمة ذات التبعات المادية المهمة (كما هو الحال في بعض الدول كفرنسا). وأطر الندوة التي نظمتها ودادية أطباء الطب العام بالقطاع الخاص بإقليم تطوان يوم 4 ماي في إطار فعاليات الأيام الطبية السابعة، كل من الدكتور هشام بنيعيش أستاذ الطب الشرعي بكلية الطب بالبيضاء، والدكتور محمد عبور رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الخاص، والأستاذ عبد الرحيم الفكاهي أستاذ القانون بكلية الحقوق بالرباط. وسجل المتدخلون ضعف اجتهاد القضاء المغربي في هذا المجال من خلال استعراض بعض الملفات القضائية التي كانت الأحكام فيها متخبطة وبعيدة عن الصواب، مثل متابعة بعض مهنيي الصحة وفق المسطرة الجنائية بدل المسطرة المدنية في وقائع لا تكتسي الطابع الجنائي مطلقا ولا تتوفر فيها نية إحداث الضرر كواقعة إدانة مولدة بالسجن، والغرامة في قضية حدوث شلل بالذراع للمولود في حالة ولادة مستعصية، وهي مضاعفة «كلاسيكية» قال المتدخلون إنه لا يمكن تفاديها بسبب ظروف الإستعجال والخوف على حياة الطفل. وخلص المشاركون إلى ضرورة توخي المهنيين للمزيد من الإحتياطات لتفادي مثل هذه الأخطاء وحرصهم على التكوين الطبي المستمر الذي يتيح فرصة الإطلاع على المستجدات المعرفية في المجال الطبي والتقنيات الجديدة في مجال التشخيص والعلاج. ونبه المشاركون في الندوة إلى عدم الخلط بين الخطأ الطبي وبين مضاعفات المرض التي يمكن أن تنجم عن الحالة المتدهورة للمريض أو عن الأمراض المصاحبة أو عن قلة وسائل التشخيص والعلاج المتوفرة في المؤسسات الإستشفائية العمومية والخصوصية، أو أن يكون مردها النقص المهول (كما وكيفا) في أطر الصحة ببلادنا، والتي يزيدها استفحالا صعوبة الولوج إلى التطبيب وكذا الجهل وقلة الوعي الصحي وانتشار الممارسات غير المقننة والشعوذة إلخ، مما يجعل من الصعب تفادي مثل هذه المضاعفات التي لا دخل في الغالب للطبيب فيها. وانتقد الأطباء الحاضرون التحامل الإعلامي الكبير على الأطباء والذي قد يصل حد التشهير من خلال التطرق لبعض الأخطاء الطبية بطريقة تفتقر إلى المهنية وتدين مهنيي الصحة في حوادث لم يقل فيها القضاء بعد كلمته، منبهين إلى أن المبالغة في محاسبة الطبيب قد تكون لها عواقب وخيمة على المجتمع برمته متمثلة في فقدان الثقة في الطب والأطباء مما يؤثر سلبا على علاج المرضى ويلجأهم إلى ممارسة الشعوذة في مناخ اجتماعي يساعد على ذلك، وتراجع إبداع الأطباء وعزوفهم عن تقديم العلاجات في حالة وجود هامش من المخاطرة خوفا من المتابعة القضائية إضافة إلى عزوف الأجيال الجديدة من الشباب عن اختيار مهنة الطب المحفوفة بالمخاطر خاصة منها التخصصات الجراحية المعقدة.