خلص بحث ميداني حول الشذوذ الجنسي بالسجن المحلي بوجدة، إلى «ضرورة وضع مصلحة الشؤون الاجتماعية بالسجن المحلي بوجدة، لخطة عمل مضبوطة ومدروسة لرصد الظاهرة أولا وعلاجها ثانيا»، البحث الذي أنجز في إطار البحوث العلمية لدراسة مناهج العلوم الاجتماعية في شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية بوجدة، أنجزها الصديق كبوري، المعتقل السابق بنفس السجن المحلي، والذي أطلق سراحه في فبراير الماضي عقب عفو ملكي، اعتبرت أن هناك «ضرورة للتتبع المستمر للظاهرة عبر مواكبة السجناء والتتبع الميداني والاستماع إلى همومهم ومشاكلهم بشكل فردي وجماعي». البحث الميداني الذي حصلت «التجديد» على نسخة منه، من معده الصديق كبوري، اعتمد على عينة من عشرة سجناء شواذ منهم فاعلون ومفعول بهم، توقف عند أسباب تفشي الظاهرة بين السجناء، حسب إجابات العينة المشمولة بالدراسة، منها «اكتظاظ الزنازين ونوم السجناء في وضعيات تتلاصق فيها الأجساد وصعوبة مراقبة الظاهرة ليلا»، ثم «تعرض بعض السجناء للإعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة من طرف أشخاص أكبر منهم سنا ينتمون إلى محيطهم الاجتماعي أو غرباء عن هذا المحيط»، ومن الأسباب أيضا التي توقف عندها البحث، «تعرض بعض السجناء للإعتداء الجنسي لأول مرة داخل السجن بعد تنويمهم بمواد مخدرة أو تهديديهم بالعنف»، وأيضا ل»أسباب اقتصادية لدى بعض الشواذ تدفعهم إلى الشذوذ، كالحاجة إلى المال لتوفير بعض المصاريف كالتدخين مثلا»، ثم «غياب الوعي لدى السجناء بأخطار الشذوذ على الصحة الفردية والعامة». ومن التوصيات التي خلص إلها البحث، «تصنيف المعتقلين إلى فئات مختلفة منها الطلبة والمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومعتقلي المخالفات والجنح والجنايات..، مع مراعاة نوعية الجرم ومدة العقوبة والعمر»، وكذا «ضرورة فتح السجون في وجه جمعيات المجتمع المدني الحقوقية والتربوية والثقافية، قصد زيارتها والاطلاع على أوضاعها»، ثم «تفعيل الحق في الخلوة الشرعية، والسماح للسجناء بمعاشرة زوجاتهم أو أزواجهم، لأن الخلوة الشرعية عامل مهم من عوامل إصلاح السجناء، إذ تمكن السجناء من تصريف الطاقة الجنسية بشكل طبيعي وصحي»، يضيف البحث الميداني، ثم «التوعية الصحية للسجناء عبر الدورات التكوينية والعروض والندوات والأفلام والمسرحيات والملصقات والمطويات، وكل ما من شأنه الرفع من الوعي بخطورة الظاهرة، وتوفير المساعدين الاجتماعيين والمرشدين النفسيين لمساعدة المرضى على تجاوز مرضهم». وبخصوص نظرة الشاذ جنسيا إلى ذاته، اعتبر البحث العلمي أن هناك نوعين من الشواذ، «نوع يعتقد بأنه مختلف في هويته الجنسية، أي أن هذا النوع يعتقد أن شذوذه مرتبط بالهوية وبالتالي فإن هذا النوع لا يتحكم في شذوذه، وتجد الشاذ المنتمي إلى هذا الصنف يعتقد أنه ولد هكذا شاذا لذلك تجده راضيا عن شذوذه»، أما النوع الثاني فقد فرض عليه الشذوذ فرضا قسريا، لذلك فإن هذا النوع لا يرضى لوضعه، ويسعى بكل الوسائل إلى التخلص منه». ومن الآثار الناجمة عن الشذوذ الجنسي، تحدث البحث الميداني عن تفشي الأمراض العضوية والنفسية وظهور أمراض خطيرة كالسيلان والتقمل وأمراض الجلد والقولون، ثم «ظهور مشكلات نفسية وعصبية بين الشواذ يترتب عنها الانطواء والاكتئاب والوسواس والقلق، وهو ما يولد العنف المادي والرمزي بين السجناء أحيانا».