من حق يومية ''المساء'' أن تتبنى اختيارا تحريريا يقوم على الانحياز للرواية الرسمية في قضايا حزب العدالة والتنمية وتغييب الرأي الآخر مثل ما حصل في تغطيتها في المادة الرئيسية من عدد السبت 15 يناير 2011 لمواقف مجلس النواب من احتجاج فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب على المتابعة القضائية لأحد قيادي الحزب، ولو كان ذلك ضد القواعد المهنية، ومن حقها كذلك أن تحرص على وضع مسافة بينها وبين الحزب والخوف من أن تحسب عليه، فذلك شأنها، ومن حقها كذلك أن تنتقد الحزب فهو ليس مقدسا أو معصوما بل إنه واجب الإعلام أن يشكل رقابة على الأحزاب، بشرط أن ينبني ذلك على وقائع ومعطيات وليس تخمينات وتهيؤات وفرضيات. لكن أن يصل الأمر حد الافتراء وتزييف التاريخ مثل ما حصل فيما نشر في ''قهوة الصباح'' لعدد الإثنين 17 يناير 2011 فذلك موقف لا يمكن بحال السكوت عليه، ذلك أن محرر الركن لم يتردد في القول بأنه في كل مرة ''يتم اعتقال منتسب إلى واحدة من الجماعات الإسلامية أو من حزب العدالة والتنمية .... يتم مباشرة تسييس الموضوع في استباق لدور القضاء وقبل انتهاء التحقيقات'' وأن الفرضية التي تسكن وراء ذلك هي أن المنتسبين إلى هذه الجماعات معصومون من الخطأ'' وأن ''الرسالة هي عدم احترام القضاء'' وربما لو عاد إلى أرشيف يومية ''المساء'' قبل غيرها من الصحف لوجد أن احتجاج الحزب في قضية ''عمدة مكناس'' السابق بلكورة تمت في الدعوة إلى تدخل القضاء وليس العكس وذلك بعد أن أصدرت وزارة الداخلية حكمها في الملفات المطروحة ودون أن تلجأ إلى القضاء، كما أن قضية رئيس مجلس بلدية ميدلت تمت الدعوة فيها أيضا من قبل الحزب إلى انتظار حكم القضاء وتم تجميد عضويته إلى غاية صدور حكم قضائي، وذلك بناء على توصية لجنة النزاهة التي درست ملفه، وفي عموم هذه القضايا لم يتم إشهار ورقة العصمة من الخطأ أو رفض اللجوء إلى القضاء أو انتظار حكمه، بل العكس هو الذي حصل. أما في حالة الأخ جامع المعتصم فإن انتقاد المتابعة القضائية لم يكن بدعوى العصمة ولم يصرح أحد بهذا الأمر رغم قناعتنا الجازمة ببراءة الأخ معتصم، بل لانتفاء شروط المحاكمة العادلة، والتي ظهرت مقدماتها في رفض قاضي التحقيق الاستماع لملتمسات الدفاع الخاصة بتقديم الضمانات الكفيلة بمتابعة الأخ معتصم وهو في حالة سراح، ثم في اتخاذ قرار الإحالة على القضاء المكلف بالإرهاب وجرائم الأموال. لكن الأغرب أن الذي آخذته الجريدة على حزب العدالة والتنمية في قضية المعتصم من انتقاد للسلوك القضائي هو عين ما مارسته حين رفعت ضدها الدعاوي القضائية واعتبرتها محاكمات سياسية لخط تحريرها!