توفي أبي وأريد أن أسأل ما هي الأعمال التي أقوم بها الآن تنفع أبي وهو في قبره؟ هل يجوز قراءة القرآن له ويأخذ أجرها أو الصدقات؟ أرشدنا ربنا عز وجل إلى ما به نبر آباءنا بعد انتقالهم إلى عفو الله ورحمته، فقال عز وجل في سورة الإسراء:'' وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا'' وقال في شأن نوح عليه وعلى نبينا أفضل السلام '' رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ '' وفي شأن إبراهيم'' رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ'' وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيما رواه مسلم: إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنه عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثةٍ إلا من صَدَقَة جَارِيَة أوَعِلْم يُنْتَفَعُ بِهِ أوَوَلَد صَالِح يَدْعُو لَهُ ''، ويؤكده ما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنن ابن ماجة وصححه الألباني'' إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علم علمه ونشره وولد صالحا تركه ومصحف ورثه أو مسجد بناه أو بيت لابن السبيل بناه أو نهر أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته'' فأهم ما تنفع به والدك الاستقامة ولزوم طريق الصلاح ومن ذلك أداء حقوق والدك عليك بعد موته مما بينه حديث أبي أسيد الأنصاري مالك بن ربيعة رضي الله عنه في سنن أبي داود قال:''بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال نعم: الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما '' فأهمّ ما ينفع والدك بعد موته وأعظم ما تصله به وهو في قبره: استقامتك وصلاحك لأنك بإذن الله من عمله وكسب يده، وصلاحك سبب في قبول دعائك، فوجب الاجتهاد في الدعاء له بالمغفرة والرّحمة والجنّة والعتق من النّار ونحو ذلك من الأدعية الطيبة الحسنة. وكل عمل صالح تأتيه من صدقة أو قراءة القرآن أوغيرها من أعمال البر أتبعه بالدعاء، فمما ثبت في الحديث انتفاع الميت بالصدقة بعد موته روت عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ( أي ماتت ) وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا قَالَ : نَعَمْ . رواه البخاري. وعن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا أَنَّ سَعدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِي اللَّه عَنْهم تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ ( اسم لبستانه سمي بذلك لكثرة ثمره ) صَدَقَة عَلَيْهَا. رواه البخاري . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلا قَالَ لِلنَّبِي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالا وَلَمْ يُوصِ فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ قَالَ نَعَمْ *رواه النسائي وعَنْ سَعْدِ ابْنِ عُبَادَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ * رواه النسائي ومما ينفع الميت أيضا قضاء نذره لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجَّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ اقْضُوا اللَّهَ الذي له فإن الله أحق بالوفاء" رواه البخاري