تحت شعار "كرامة المدير وهيبة الإدارة المدرسية، لا للمظاهر السلبية اللاتربوية"، انعقد الجمع العام العادي السنوي لرابطة مديري السلك الأول من التعليم الأساسي بتارودانت، يوم الأحد 10 مارس 2002م فبعد تقديم الوضعية المالية والأدبية ومناقشتهما من خلال تحديد المنجزات فالتحديات فالآفاق، خلص اللقاء إلى ما يلي: ضرورة خلق إطار إداري للمدير بدل التكليف بالمهام الإدارية،و ضرورة التمثيل في اللجن الإدارية. ووضع مقاييس موضوعية لتنقيط المديرين وتعويضهم المادي عن حصصهم التدريبية.و ضبابية العلاقة بين المفتش والمدير وضرورة احترام المذكرات المنظمة للاختصاصات.والعمل على تخفيف الأعباء عن السيد المدير في: حمل المطعم، النسخ...كما تحدث الجمع عن الخروقات التي تعرفها نيابة التعليم بتارودانت والمتجلية بالخصوص في كثير من القضايا نركز عن بعضها في: مطالبة المديرين بإعداد تقارير مفصلة حول مذكرات لم يطلعوا عليها بعد كمذكرة الشراكة مع الجماعات المحلية.وكثرة الاستفسارات وتخفيظ النقطة الإدارية تبعا لمقياس ردود الأفعال.والاعتماد على تقارير المفتشين في تقويم السيد المدير دون تفويض نيابي... وقد ركزت مجمل التدخلات على مستوى الصف الداخلي إلى توحيد الكلمة والموقف والالتزام بالقوانين والأخلاق التربوية إيقافا لكل المظاهر السلبية ووقوفا أمام التحديات الوطنية والإقليمية. وفي الختام تم توزيع بعض الجوائز الرمزية على المتقاعدين في جو تطبعه المسؤولية ورفع الهمة وروح التعاون والتضامن من خدمة للصالح العام. ولإلقاء مزيد من الأضواء على وضعية المديرين بمجموع التراب الوطني،ومشاكلهم المعلقة استجوبت "التجديد"السيد محمد جمال بشارة،نائب رئيس رابطة المديرين بالمغرب،وهذا نص الحوار: - نرحب بداية بالسيد محمد جمال بشارة وبرابطة المديرين بالمغرب.نود أن نسألكم أولا عن ملاحظاتكم عن الإدارة المدرسية الابتدائية؟ --أحب أن أشكر جريدة التجديد<على هذه العناية.الإدارة المدرسية مكون أساسي في النظام التعليمي، وهي لا تحظى من طرف المسؤولين عن قطاع التربية والتكوين ببلادنا، بالمكانة اللائقة بها ولو على مستوى التفكير والبحث.فهي تقوم على التجربة الشخصية وعلى تدبير ما هو يومي وظرفي ولا ترتكز على مبادئ وعلى قواعد وأسس علمية بمفهومهاالصحيح.فالملاحظ أنها تتلقى الأوامر والتعليمات، وتتم الاستجابة الفورية والمستعجلة، مع الإشارة إلى أن هناك بعض المطالب، التي هي عبارة عن أعمال تدخل في اختصاص بعض المصالح النيابية، مما أدى إلى طغيان الأعمال الكتابية، التي يبقى المدير سجينا لها طوال الأسبوع.فنمط التسيير الإداري المعمول به في المدارس الابتدائية يجب مراجعته، وفي ظل هذه التحولات التي يعرفها العالم، يبقى دون المستوى، للوصول إلى تحقيق الفعالية المدرسية.المدير تبعا لتعدد في المصالح النيابية يعيش في دوامة إدارية، كما أن ضعف الموارد البشرية والمالية يعرقل مهمة مدير المدرسة ويؤدي إلى ضعف فعالية التسيير الإداري ككل. - كيف تنظرون إلى إصلاح نظام التربية والتكوين بصفة عامة والإدارة المدرسية بصفة خاصة؟ إن عملية الإصلاح تأتي نتيجة لإحساس وشعور بأزمة، وبما أن الواقع التعليمي المغربي يؤكد أزمة التعليم، فالبداية تكون من تحديد وضبط الملامح والصفات العامة للإشكالية التعليمية التي ينبغي معالجتها، مع تشخيص المعيقات والإكراهات وجعلها نصب أعين القائمين على التعليم في هذا البلد. والانتقال بعد ذلك إلى المشاركة الواسعة لكافة الفاعلين التربويين وذوي الاختصاص في هذا الميدان، قصد تسطير برامج وبدائل مع تحويلها وصياغتها إلى برامج قابلة للإنجاز والتنفيذ، وتأتي بعد ذلك مرحلة التتبع والمراقبة المستمرة للتأكد من سلامة مسار القطار ووقوفه في المحطات المسموح بها. فعملية إصلاح نظامنا التعليمي يجب أن تكون عملية هادفة مدروسة ومخططا لها، ويتم استثمارها بطريقة مثالية، ومنظمة للإمكانيات والإمكانات المتوفر عليها في المغرب، وكذا الوسائل المادية والمعنوية فخطابنا التعليمي طغى عليه الإطناب والنفخ في الإحصائيات ثم الإنجازات. ولابد للإشارة أن النظم التعليمية الوافدة، تهدي المرء إلى الزعم بعدم ملاءمتها للواقع المعيش في المغرب، وعدم مواكبتها لضروريات المجتمع المغربي وحاجاته الأساسية. فالظرف يدعو إلى إصلاح شامل وشمولي بعيدا عن كل المزايدات الخطابية، والدوغمائية، والغوغائية والانتفاعية... أما فيما يخص إصلاح الإدارة المدرسية، فأود أن أشير إلى شيئين، أعتبر أن لهما دلالات كثيرة. الأول: "دعوة منظمة التعاون والتنمية الأوروبي (OCDE: 1988) لأعضائها لرفع التحدي المتمثل في إنجاز وتنفيذ أنشطة تهدف إلى تحسين وظيفة المدرسة<. الثاني: "في سنة 1993 وجه المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، رسالة للوزير الأول في موضوع الإدارة المغربية، تؤكد وجوب رصد نقط ضعف الإدارة للتخلص منها واستبعادها!!فاللافت للنظر هو، كم من مرة وضعت مسألة التعليم تحت المجهر إلا وتبين أن نظامنا التعليمي يعيش أزمة حقيقية، وخلالها كانت توضع الإدارة المدرسية على الهامش.بيد أن الإدارة المدرسية تحتم علينا وجوبها ضمن الأوراش الرئيسية والأساسية التي يجب أن "تنصب عليها مجهودات الإصلاح. وظلت إلى عهد قريب مبعدة كلية من تفكير المسؤولين على الشأن التعليمي، وتبريراتهم الخاصة، كان طابعها الأساسي انعدام الإمكانيات المادية. فالمشرع المغربي لم يقم بإعطاء الإدارة المدرسية هويتها القانونية فجميع الفاعلين التربويين الممارسين للفعل التربوي على مستوى المدرسة الابتدائية حدد لهم وضعياتهم، لكنه استثنى المسؤول الأول عن هذه المدرسة والرئيس المباشر للعاملين بها، حيث اكتفى بجعله مكلفا ولم يخطر له على البال الانعكاسات السلبية على مدى وطبيعة الأداء. فعلى الإصلاحيين لنظامنا التربوي التكويني أن يستحضروا مدى ضخامة المسؤوليات الملقاة على عاتق الإدارة المدرسية وأن يقوموا بتشخيص علمي وعملي لواقع هذه الإدارة وتقدير الخدمات الجمة التي يقدمها المدراء بفضل تضحياتهم، لأنه في غياب تصور جديد واضح للإدارة المدرسية، ولمجال وأنماط ممارستها وضبط اختصاصها، سنكون بعيدين على مسايرة المستجدات العالمية. üماذا يعني لكم التكوين المستمر للمدراء لا خيار لنا، أمام التحولات التي يفرضها علينا العصر وتحولاته السريعة إلا الانخراط الفعلي في عملية التكوين المستمر.وقد تمت مراسلة المصالح الوزارية والسيد الوزير الأول في شأن التكوين المستمر لمديري المدارس الابتدائية. وأكدنا على أن إشراك المديرين في تحديد حاجات التكوين المستمر هو الطريق الوحيد والأوحد.ومن موقع الوطن والمواطنة، وانطلاقا من حق الأجيال القادمة علينا، أن نقول أن لا حق لأي جهة من الجهات أن تنوب في التفكير في حاجاتنا الأكاديمية والتربوية في وضع مصوغات لتكويننا المستمر في غيابنا، فنحن أقدر على المساهمة في مقاربة هذا الملف. ففي إطار هذه العملية، لاحظنا استفحال ظواهر لا تبشر بخير، فالمهازل بكل أصنافها تتوالد أثناء هذه العملية.فنطمح ونحن نقول بإمكانية تكوين مستمر يهدف إلى المدير الحديث الذي يرتقي إلى مستوى تحديات العصر . - أي شيء عن رابطة مديري المدارس الابتدائية؟ -- أشير أن تأسيس الرابطة جاء بعد مضي خمس سنوات على الاستقلال نتيجة لما كان يقاسيه المدراء من حرمان، فكان لزاما من التأسيس للرابطة لتدافع على مصالحهم وتبلغ صوتهم إلى المشرفين على التعليم ببلادنا.وكان أول مؤتمر بعد الجمع التأسيسي لرابطةالمديرين بمراكش (1967) وأبرز حدث هو المؤتمر السادس ببني ملال (1972) على صعيد المغرب العربي، كوعي الرابطة المبكر بالوحدة المغاربية، والذي حضره الإخوان من الجزائر وتونس وموريطانيا، بعده تم تأسيس رابطة المديرين بتونس الشقيقة. وقد شاركت الرابطة في عديد من اللقاءات المتميزة، أذكر منها: مناظرة المعمورة التي نظمتها وزارة التربية الوطنية (1964). مناظرة إفران. المؤتمر الأول لوزراء التربية ببلدان المغرب العربي (1970). المقابلة التي تمت بدعوة المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني (1985) بمراكش. وفي إطار ما يمكن تسميته بالنقد الذاتي، أقول أن قبول الرابطة لشروط وزارة التربية الوطنية، فيما يتعلق بفتح باب السلم 9 في وجه المدير مقابل التنازل عن إطار مرشد، كان غير صحيح وغير سليم - إشكالية "إطار مدير"، لاشك أنها تحظى بأولوية عند رابطتكم، فماذا عن هذه الإشكالية؟ -- إضافة إلى ما سبق ذكره سالفا. فهناك معادلة غير مقبولة وليست بعادلة، فكيف يعقل أن تتم عملية انتقاء للمرشحين لمهمة تسيير الإدارة المدرسية. وفق مقاييس تحددها الوزارة، وبعدها يتلقون تكوينا، وهنا لا أريد أن أدخل في طبيعة هذا التكوين لأن هناك ما يقال فيه. وخلال هذا التكوين يتم تحرير تقرير عن ظاهرة تربوية أو اجتماعية يصادفونها أثناء التداريب، بعدها هناك امتحان يتم فيه الإعلان عن الراسبين والناجحين، هل هذا لا يكفي؟ موازاة مع ما هو متعامل به مع فئات أخرى وفي قطاعات شتى. فبقاء واستقرار موضع المديرين على ما هو عليه غير ممكن، مثلما أن الصيغ التي سلكتها واتخذتها الرابطة للمطالبة بحق المديرين في الإطار لم تبق مجدية ولم تأت بطائل. لذا فالمديرون مدعوون لوقفة حاسمة من أجل تحيين التشريعات المنظمة لهذه الإدارة المدرسية، من أجل رد الاعتبار لهم وصون كرامتهم. - لقد فتح السيد وزير التربية الوطنية حوارا مع بعض الهيئات، ألا ترون أنه من الإنصاف فتح حوار مع رابطتكم نظرا لدورها الكبير في التسيير الإداري التربوي؟ -- إن رابطة مديري المدارس الابتدائية تعاملت مع العديد من السادة الوزراء المتعاقبين على وزارة التربية الوطنية "ما يقارب 22 وزيرا"، وكذا العديد من أعضاء الدواوين للوزراء، وكان لها اتصال وثيق بالسادة الكتاب العامين للوزارة. وكرقم للمقابلات والتي تمت بين الرابطة وهؤلاء الوزراء: 94 مقابلة ما بين 1962 إلى 1993، ما يقارب 3 مقابلات كل سنة. والسيد الوزير الحالي شرفنا بحضوره إلى المؤتمر التاسع للرابطة بالمركز التربوي الجهوي درب غلف بالدار البيضاء، وألقى كلمة بهذه المناسبة. وكان من المنتظر أن يتم لقاء المكتب الوطني للرابطة مع سيادته خلال بداية الموسم الدراسي الجاري، كما جرت العادة، لكن تعذر ذلك لكثرة انشغالاته وتنقلاته حسب ما صرح به، ونحن ننتظر بإلحاح مقابلته، وفتح حوار جاد ومسؤول مع سيادته. - هل النقابات التعليمية تتبنى مطالبكم؟ -- مع كل تقديري للعمل النقابي الشريف، لم يتم بشكل صريح، طرح مطالب هيئة الإدارة التربوية من طرف أي نقابة. ففي الآونة الأخيرة اطلعنا على بلاغ لنقابة تعليمية يتضمن عدة نقط للملف المطلبي وكان مطلب بين هذه المطالب لفئة معينة، خلافا لفئة المدراء، وقد كاتبنا المسؤول الأول عن هذه النقابة في شأن إدراج طلب إطار للمدراء وخلق تعويضات وتحفيزات هامة توازي مجهوداتهم المبذولة من أجل فعالية تدبير الإدارة المدرسية. - ختاما لهذا الحوار ماذا تقولون؟ -- أقول إن الأشخاص جزء فرعي مما هو كلي والتغيير يأتي في نموذج العمل وفي الرؤية. ومدير المدرسة مطلوب منه تنمية كفاءته في كل مجالات الحياة المدرسية ويجب عليه أن يبرهن على كونه رجل التغيير. وشكرا لجريدة التجديد على هذه المبادرة الكريمة. أجرى الحوار: محمد رماش