كشفت دراسة تشخيصية حديثة نشرت في شهر يوليوز الماضي عن وضعية التفتيش في المغرب عن اختلالات عميقة على مستوى خريطة التفتيش التربوي، وأظهرت المعطيات الإحصائية التي استندت إليها الدراسة عن نقص فظيع في عدد المفتشين، إذ لا يتجاوز عددهم 2620مفتشا ما بين مفتش للتعليم الابتدائي (1090) ومفتش للتعليم الثانوي (1530)، وقدرت الدراسة، التي أصدرتها مديرية الداراسات والأبحاث استنادا إلى تقديرات المفتشية العامة للشؤون التربوية بوزارة التربية الوطنية، الخصاص في أعداد المفتشين التربويين ما بين سنة 2008 والسنة الجارية 2010 ب322 مفتشا (145 للتعليم الابتدائي) و(177 للتعليم الثانوي). وأظهرت الدراسة وجود اختلال كبير على مستوى أعداد المفتشين وتوزيعهم وعدم توازن التغطية بين الجهات والأقاليم، فعلى مستوى الأقاليم مثلا بلغ المعدل الوطني لنسبة تأطير مفتشي اللغة العربية 125 أستاذا في التعليم الابتدائي، بينما وصل المعدل في مدينة سلا 1782أستاذا، ولم يتجاوز في مدينة الناضور 68 أستاذا، وسجلت الدراسة نفس الملاحظة على مستوى التعليم الثانوي، إذ لا تتوفر بعض التخصصات على أي مفتش على مستوى الجهة أو الإقليم كالفلسفة والتكنزنولوجيا بجهة الدارالبيضاء، ولا تتوفر جهة وادي الذهب لكويرة على مفتشين في كل المواد، وتستعين كل موسم بمفتشين من الجهات الأخرى، كما سجلت الدراسة نفس الملاحظة داخل الإقليم الواحد وبين التخصصات ومواد التدريس، وانتهت الدراسة في تقييمها لخريطة التفتيش التربوي إلى عدم وجود خريطة وطنية وجهوية دقيقة للتفتيش التربوي تسمح برصد التوزيع الإحصائي للموارد البشرية العاملة بالتفتيش التربوي حسب المناطق والأقاليم والجهات، وتكون أداة مرجعية موجهة لتشخيص وضعية التفتيش والتأطير، ومرجعا دائما لتدبير الحركة الانتقالية وتدبير إمداد المناطق التربوية والأقليم بالتجهيزات والوسائل الضرورية للعمل، وتدبير مسألة التعويضات عن المهام والتنقل. وبخصوص مهام هيئة التفتيش التربوي، لاحظت الدراسة وجود ما وصفته بتشعب وتعقد مهام التفتيش التربوي؛ يولد التباسا بخصوص مفهوم التفتيش التربوي، إذ ستهمين ممارسات المراقبة على عمل المفتشين في مقابل تقلص كبير ومتزايد لعمليات التأطير والتنشيط والبحث التربوي. أما على مستوى التكوين المستمر، فأكدت الدراسة انعدام خطة استراتيجية واضحة للتكوين المستمر للمفتشين، وخضوع التكوينات المعتمدة لمنطق الظرفية وعدم الانتظام، وهيمنة الطابع النظري عليها، وخضوعها للاجتهادات الشخصية وتركيزها على قضايا تهم البرامج والمناهج والمحتويات أكثر من تركيزها على التكوين في مجال الكفايات التي تتطلبها مهنة التفتيش التربوي، وما تعرفه من مستجدات في علاقتها بمقتضيات تطوير المنظومة التربوية وتحسين أدائها، ناهيك عن عدم شمولها لمجموع المفتشين المزاولين، واقتصارها في الغالب على أعداد محدودة منهم. وخلصت الدراسة على هذا المستوى، إلى أن هذه التكوينات لا تستجيب لمتطلبات إصلاح المنظومة التربوية الأساسية، وبخاصة موقع التفتيش التربوي وتدخلاته، كما أنها لا تستجيب للمستجدات المعرفية والمهنية الخاصة بالتفتيش التربوي ولحاجة المفتشين في مجالات التواصل والتقنيات الحديثة للإعلام والتدبير الإداري والبحث التربوي والعمل بالمشاريع.