كيف السبيل إلى الله مرة أخرى؟ فأنا بعيدة جدا، وقلبي يعتصر من شدة الألم لحالي السيئ، لكني أتمنى العودة، وأشعر أن هناك شيئا يكبلني، أتوق إلى الله بعد طول غياب. أتمنى منه المغفرة؟، وأن يردني إليه رداً جميلاً؛ لكن لا أعرف كيف؟ الأخت الفاضلة: كم فرحت حين قرأت رسالتك، ورأيت فيها صدق النية في العودة إلى الله تعالى، وهذا أول الطريق. ولكن دعيني أسألك: إن كنت أنا الذي لا أعرفك؛ وقد فرحت بعزمك على التوبة. فكيف بفرح ربنا سبحانه وتعالى بتوبتك إليه، وهو سيدك وخالقك؛ مع كونه الغني عنا جميعا. أختي التائبة، ما أغلق الله تعالى بابه لحظة واحدة لأي عبد من عباده، أو أمة من إمائه، فبابه مفتوح للعائدين، لا يغلق أبدا. كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فعيادة التوبة مفتوحة على مدار أربع وعشرين ساعة، ولا تغلق حتى قيام الساعة، حين تشرق الشمس من مغربها. وهذا يعني أن الطريق إلى الله ما أيسره، إنه ليس صعبا، ادخلي عليه، وابك بين يديه، واطلبي منه أن يسامحك وأن يعفو عنك، وأن يثبتك على الحق، ابك أمامه كثيرا. إنه ينتظرك. هل تبحثين عن الطريق، هو كما أنت في بيتك، قومي الآن، توضئي واطرقي بابه، وصلي له، أطيلي الركوع، أطيلي السجود، أعلني توبتك أمامه، وبعد انتهاء الركعتين، كلميه بلسانك ولغتك، لا تتقعري في الكلام. ليس شرطا أن تحدثيه بالفصحى. ولكن حدثيه بقلبك، واتركي اللسان يعبر عما في القلب. اشك له نفسك، واشك له كل ما تريدين، ساعتها تكوني قد اغتسلت مما فات كله، وبدأت عهدا جديدا. بعدها أمسكي ورقة وقلما، اكتبي كبائر الذنوب، انظري إليها جيدا، هذه أعاقتك عن تلك الحلاوة التي شعرت بها أمام الله، هذه التي تمنعك رحمة الله، اعزمي على تركها، لا تعودي إليها مهما كان. وفي الجزء الآخر من الصفحة، اكتبي أعمالا صالحة ستقومين بها حسب طاقتك، وراعي نفسك بالعمل الصالح بتؤدة وعلى مهل، عامليها كالطفل الصغير، أو كالنبتة تحتاج إلى رعاية وسقاية، وترفقي حينا، واعزمي حينا؛ حتى تصلي إلى بر الأمان. واعلمي أنك إن صدقت نيتك؛ فإن الله تعالى سيعينك على الطريق، وسيهديك الصراط المستقيـم. كما قال تعالى: {{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} (محمد17:). وفي طريقك إلى الله ستجدين حلاوة أحسن ألف مرة مما كنت تشعرين به من حلاوة زائفة في طريق الشر.