يستغرب المرء في كثير من الأحيان من محاولة تضخيم بعض القضايا في السجال السياسي، رغم أنها خاطئة من أساسها، ويستغرب المرء أكثر عندما يتم طرحها من طرف زعماء أحزاب قانونيي التكوين، من أمثلة ذلك الضجة التي يحاول "الزعيم الجديد" للاتحاد الاشتراكي إثارتها حول اللجنة المركزية المشتركة بين الداخلية والعدل لتتبع الانتخابات واللجان الإقليمية، والحاصل أن الأمر بكل بساطة يتعلق بتدبير إداري ذي طبيعة تنظيمية. فالحكومة وفي إطار القيام بمهامها في مجال التحضير للانتخابات والإشراف عليها وفق ماتنص عليه القوانين ذات الصلة، لها كامل الحرية والصلاحية أن تشكل ما شاءت من اللجان وأن تتخذ كل الإجراءات التي تراها ضرورية بهدف تنظيم عملها والقيام بما هو مطلوب منها، كما تفعل في باقي المجالات، حيث يتم ، بدون مبالغة، تشكيل العشرات من اللجان المشتركة بين مختلق القطاعات الوزارية المعنية لمعالجة وتتبع وتدبير العديد من الملفات والقضايا. مادام ذلك لا يلغي اللجان والهيئات المنصوص عليها في القانون، وفي هذه الحالات فاللجان الوحيدة المنصوص عليها هي تلك المكلفة بالإشراف على وضع اللوائح الانتخابية وتلك المكلفة بتدبير الاقتراع وحصر النتائج والإعلان عنها، وفي هذه الحالة فالأولى تشتغل بشكل عاد في موضوع مراجعة وحصر اللوائح، والثانية ستشكل في موعدها وفق ما تنص عليه القوانين، أما اللجنة المركزية والإقليمية فهي تقوم بعملية الإشراف العام باسم الحكومة التي ارتأت أن هذا الشكل هو الأنجع لقيامها بمهامها في هذا المضمار. إن ما يزعج ويخيف عددا من الأحزاب حقيقة هو أن تتميز الانتخابات المقبلة فعليا بالنزاهة، وهي كانت تتمنى لو تبقى الداخلية هي الوحيدة المشرفة على الانتخابات وأن تدبرها بالطريقة التي ألفوها في الماضي. وهذا هو سبب الحقيقي للزوابع التي تثيرها حول موضوع الإشراف على الانتخابات، وتخوفها الشديد من الانخراط الفعلي لوزارة العدل ورئاسة الحكومة في تدبير الانتخابات. هم متخوفون من خوض معركة انتخابية نزيهة وراغبون بقوة في انتخابات متحكم فيها وخاضعة للتوافقات المسبقة. وهم كذلك غير قادرين على التعبير عن ذلك صراحة، فيلجؤون للمزايدات ولطرح قضايا خاطئة بشكل مثير للشفقة الممزوجة بالاشمئزاز.