نفى إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المكلف بالميزانية، بشكل قاطع ما تدول حول رفع سعر الضريبة على القيمة المضافة في الماء والكهرباء والتطهير، موضحا أنه تم الإبقاء على سعر 7 بالمائة، ونفى أي تغيير في السعر المخفض للضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للأدوية. وبالنسبة للسكن اجتماعي أكد الأزمي أنه ليس هناك أي تأثير على المواطن لعدة اعتبارات، منها أن المعني بالزيادة بهذه الضريبة ليس المواطن بل المنعش العقاري، لكون ثمن السكن الاجتماعي محدد بقانون في المدونة العامة للضرائب، وواصل شرحه بالقول إن ثمن السكن الاجتماعي ليس خاضعا لمنطق العرض والطلب "وبالتالي لا أثر ولا زيادة على المواطن". وزير الميزانية أكد لجريدة التجديد الورقية أن التغييرات التي مست الضريبة على القيمة المضافة في مشروع قانون مالية 2015 تأتي في إطار تنزيل توصيات المناظرة الوطنية للإصلاح الطريبي، مشددا على أن الحكومة تحكمها الفلسفة العامة لإصلاح المشاكل المترتبة عن تعدد سعر الضريبة على القيمة المضافة، وأن الحكومة تتجه نحو اعتماد سعرين بدل خمسة المعتمدة حاليا مع الإبقاء على الإعفاء في مجموعة من المجالات التي تمس الضرورات الغذائية والعلاجية للمواطنين . شهدت مجموعة من المواد التي تهم قفة المستهلك ارتفاعا في سعر الضريبة على القيمة المضافة في مشروع قانون المالية ل2015، ما هي دوافع الحكومة لاتخاذ مثل هذا الإجراء؟ فيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، جاء مشروع قانون مالية 2015 بمقتضيات تأتي أولا في إطار تنزيل توصيات المناظرة الوطنية للإصلاح الجبائي التي نظمت خلال 29و 30 أبريل 2013، في شقها المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، والتي حظيت خلال المناظرة بحصة كبيرة، باعتبار أن الضريبة على القيمة المضافة، تعاني من عدة إشكاليات في النظام الضريبي المغربي، منها تعدد الأسعار واختلافها، عندنا اليوم 5 أسعار( الإعفاء 0 بالمائة ،و 3 أسعار مخفظة 7 بالمائة ، 10 بالمائة و 14 بالمائة ، ثم السعر العادي 20 بالمائة ) هذا التعدد في الأسعار يجعل، الفاعلين الاقتصاديين، يعانون من مشكل "الازدواج الضريبي" ، إذ تكون مشتريات الشركات غالبا بالسعر العادي، ومبيعاتها إما بالإعفاء، أو ب 7 أو 10 بالمائة، و الذي يقع في الغالب هو كون الشركات تبقى غير قادرة على استرجاع الضريبة من رقم معاملاتها، فتبقى دائنة للدولة، وحين تتأثر وضعيتها تزيد في الثمن، والنتيجة تضرر الشركات من الناحية الاقتصادية وتضرر المستهلك من ناحية الأثمان، و هذا إشكال قائم وعلاجه ضروري. و كيف سيتم ذلك العلاج؟ الهدف هو السير تدريجيا نحو ضريبة على القيمة المضافة بسعرين، من خلال الإبقاء على إعفاء بعض المواد، واعتماد سعر 10 و20 بالمائة، من أجل علاج هذا المشكل، لتستفيد الشركات ويستفيد منها المستهلك، صحيح أن الأثر لا يظهر في حينه، لكن هذه فلسلفة عامة للإصلاح. و ضمن إطار التدرج أدخلنا بعض المواد التي تم تحويل سعرها من 10 إلى 20 بالمائة، أو من 14 إلى 20، ورسخنا الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لمجموعة من المواد (الخبز والدقيق والسميد، والأدوية الموجهة للأمراض المزمنة، و مشتقات الدم)، هذه إعفاءها تم ترسيخها، فالإصلاح يقتضي أن نتجه إلى ثلاث أسعار، بما فيها الإبقاء على مجموعة من الإعفاءات. لكن هذه الإعفاءات كانت موجودة من قبل فما الجديد؟ نعم الإعفاء كان موجود، لكنه لم يكن مكتسبا و قانونيا، ولم يكن شيء يمنع من تغييره، أما اليوم و في إطار الإصلاح نعلن بوضوح أن مواد أساسية ستبقى مواد أساسية، لا من الناحية الغذائية أو من الناحية الطبية، وبالتالي أصبح إعفاءها مكسبا. وفي المذكرة التقديمية نقول بوضوح أنه يتم الإبقاء على الإعفاء على المواد الأساسية المذكورة، بالإضافة من الناحية الاقتصادية إلى إعفاء المقاولات المصدرة ومقاولات النقل الدولي. و بالنسبة لباقي المواد، لابد من التوضيح أولا (عكس ماراج من أنباء) أنه تم الإبقاء على سعر 7 بالمائة بالنسبة للماء والكهرباء والتطهير، و ليس هناك أي تغيير في سعر الضريبة على القيمة المضافة فيها، وليس هناك أي تغيير في السعر المخفض للضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للأدوية. و للتدقيق، الذي تم تغييره هو سعر الضريبة على العجائن والأرز ومشتقاته، أي سميد الأرز ودقيق الأرز، وقد تم تغيير السعر من 10 بالمائة إلى 20 بالمائة، لكن تأثير ارتفاع سعر الضريبة على الأرز مثلا على الاستهلاك، وبحسب التأثير السنوي، سيكون في حدود 30 درهم في السنة، بمعنى كل أسرة تستهلك الأرز في تغذيتها العادية سترتفع نفقاتها ما بين 30 إلى 50 درهم في السنة. وتم أيضا تغيير سعر الضريبة على القيمة المضافة على خدمات الطريق السيار من 10 إلى 20 بالمائة، مع ضرورة الإشارة إلى أن شركة الطريق السيار مدينة للدولة بحوالي 3 مليار درهم ناتجة عن تراكم الدين ولا يمكن استخلاصها حتى يمكنها رقم معاملاتها من ذلك . وماذا عن الشاي؟ تغيير سعر الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للشاي يحكمه منطق آخر، فالشاي يخضع لضريبتين لأنه منتوج مستورد. فهو يخضع للرسوم الجمركية عند الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة حين الاستهلاك، وهنا لابد من التوضيح أن الرسوم الجمركية انخفضت بنسبة أكبر من الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة، فالشاي الغير المعلب سيرتفع سعر الضريبة عليه من 14 إلى 20 بالمائة، في الوقت الذي ستخفض الرسوم الجمركية من 40% إلى %32,5 بالنسبة للشاي المعبأ ومن %32,5 و 25 % إلى 2,5 % بالنسبة للشاي غير المعبأ وبالتالي في المحصلة بين الزيادة والنقصان، سيقع انخفاض في الموارد، بالإضافة إلى انخفاض في الثمن، لأن الضامن عندنا أن العرض في المغرب كبير وثمن الشاي انخفض بفعل المنافسة وأن هذا الإجراء سيزيد من تعميق المنافسة، على اعتبار أن هذا الإجراء سيساعد على استيراد الشاي الغير معبأ ( وهدا مطلب المهنيين )، وبالتالي تشجيع و تطوير صناعة التعليب. هناك إجراء أخر لابد من الإشارة إليه وهو تغيير سعر الضريبة على القيمة المضافة في اتجاه الانخفاض بالنسبة للسخانات الشمسية، من أجل تشجيع الطاقات البديلة ومن أجل تخفيض السعر. بقيت الزيادة المرتبطة بالمنعشين العقاريين لإنتاج السكن الاجتماعي؟ بالنسبة للقروض الموجهة للمنعشين العقاريين لإنتاج السكن الاقتصادي ، لابد من التوضيح أن الزيادات الأولى سيكون فيها أثر مباشر على المواطن لكنه محدود، أما بالنسبة للسكن اجتماعي ليس هناك أي تأثير على المواطن لعدة اعتبارات أولا المعني بهذه الضريبة ليس المواطن، بل المنعش العقاري، ثم من ناحية ثانية فثمن السكن الاجتماعي محدد، بقانون في مدونة العامة للضرائب، و ليس خاضعا للعرض والطلب والثمن محدد بمقتضى القانون، وبالتالي لا أثر ولا زيادة على المواطن. يقول بعض الخبراء أن مجوع المداخيل المتعلقة بهذه التغيرات التي عرفتها الضريبة على القيمة المضافة لا يتجاوز 500 مليون درهم في السنة، فلماذا لم يتم اللجوء لحلول اخرى؟ المشكل لا يتعلق هنا بالمداخل، وقد شرحت لكم أن الشاي مثلا تم فيه التراجع عن مداخيل الجبايات من خلال تخفيض الرسوم الجمركية، أما بالنسبة للمعجنات والأرز، فالأثر المالي قد يكون قليلا بالنسبة للدولة، لكن منطق الإصلاح يقتضي أن تعالج إشكالات اقتصادية للمقاولات، وهذا له أثر على الاقتصاد الوطني. لكن هذا يأتي على حساب المواطن؟ الزيادة موجودة صحيح، ولكن في نهاية المطاف تحل إشكالا أعمق، إذ حين تحل إشكالات خزينة المقاولات تشجعها على التنافس فيما بينها وتعود الأسعار للإستقرار، وتتراجع الأسعار على مدى معين (صحيح ليس على المدى القصير)، لكن الهدف من الإصلاح ليس فقط أن نحصل على مداخيل، الهدف بالدرجة الأولى هو المعالجة لإشكال خزينة المقاولات، ونعمل على معالجته بشكل تدريجي، للتخفيف من لجوء المقولة للاقتراض، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الضريبة على القيمة المضافة معالجتها بالدرجة الأولى هي معالجة لأمور تهم الاقتصاد الوطني 500 مليون درهم كحصيلة للمداخيل السنوية للتغييرات التي تمت، هل الرقم صحيح؟ أؤكد مرة أخرى أن الداعي ليس هو البحث عن موارد بقدر ما هو معالجة إشكالات أعمق، ثم هذا مشروع خاضع للنقاش داخل مجلس النواب، و الحكومة تدافع عن مشروعها المنطلق من رؤية إصلاحية شمولية .