قاوم مجموعة من سكان مدينة الرماني فتح خمارة بحي السعادة وأرسلوا عدة شكايات ورسائل وعرائض إلى المسؤولين بعدما تبين لهم من عدة جرائم ووقائع أنها تشكل خطرا كبيرا عليهم. ورغم أن المدينة الصغيرة لا يوجد بها إلا أجنبي واحد ولا تشهد أن نشاط سياحي، إلا أن ابن أحد الأثرياء المتنفذين بعاصمة المملكة استطاع تجاوز السلطة والسكان والمجتمع وحصل على رخصة لبيع الخمور بالمدينة في الأشهر القليلة الماضية بعدما فشل في فتح حانة بحي سباق الخيل إثر المعارضة الشديدة للسكان. وحسب مصادر متطابقة فإن السلطة الإقليميةبالخميسات هي التي سلمت لزعيم جماعة الخمور رخصة الحانة بالمدينة المذكورة. وقد بدأ العمل بها عقب انتهاء شهر رمضان الماضي في حي كل سكانه مسلمون، وبه أماكن عمومية كالمستشفى والمحكمة الابتدائية والمدرسة الابتدائية وإدارات عمومية... وكانت المدينة قد شهدت أحداثا وجرائم بسبب الخمر، وعرضت على المحكمة الابتدائية بها قضايا ذات ارتباط بالمشروب المحرم والسكر العلني، على رأسها تلك التي توبع فيها صاحب الخمارة وأحد المستخدمين (ع. م) حيث تمت تبرئة الأول في حين أدين الثاني بأربعة أشهر حبسا نافذا مع الحكم بإغلاق الخمارة لثلاثة أشهر. حدث ذلك في أواخر شهر دجنبر من السنة الماضية (2002). غير أن زعيم الخمارة استأنف الحكم بالرباط ليحصل على إلغاء الحكم الابتدائي وتخفيف الحبس النافذ في شهر واحد فقط. ومع بداية شهر فبراير الماضي من السنة الحالية (3002)، عادت الخمارة السوداء لتفتح أبوابها من جديد وتوزع أم الخبائث رغم أنف المجتمع. ويتداول في أوساط مطلعة أن مروج الخمور هذا قد حصل على ترخيص آخر من المصالح المركزية مباشرة. السكان من جهتهم كانوا قد وجهوا رسائل إلى كل من السيد الوزير الأول والسيد وزير الداخلية والسيد مدير الديوان الملكي والسيد عامل إقليمالخميسات والسيد المدير العام للأمن الوطني والسيد النائب البرلماني لدائرة الرماني. وطلبت الرسالة من المسؤولين العمل على سحب رخصة بيع الخمور والحيلولة دون ترويج أم الخبائث بالمحل الذي تم فتحه بحي السعادة بالرماني، وأوردت الرسالة الموقعة من لدن أكثر من 425 مواطنا الاعتبارات الداعية إلى إغلاق الخمارة وعلى رأسها "أن دستور المملكة ينص على أن المغرب دولة إسلامية وعلى رأسها أمير المومنين، وبالتالي فالترخيص لبيع هذا المحرم شرعا يتنافى مع ما سبق". والاعتبار الثاني هو "أن مدينة الرماني ليست منطقة سياحية ولا يقطنها الأجانب فلا مسوغ لترويج الخمر بها". وأما الاعتبار الثالث فهو "المشاكل التي تسببها أم الخبائث بين الناس من جرائم مختلفة من بينها جريمة القتل التي وقعت ليلة الأربعاء الفاتح من شهر غشت 2002 بحي النهضة بسبب السكر". ويذكر أن حركة التوحيد والإصلاح كانت قد نظمت يوما دراسيا، صبل سنتين، حول آفة الخمر بالمغرب، ساقت فيه مجموعة من المعطيات والأرقام. حول نقط بيع الخمور بعدة مدن مغربية، ففي جهة الرباط حوالي أربعين (04) نقطة، وفي جهة القرويين حوالي ثلاثين (03) وفي جهة تادلة أكثر من عشرين (02)، و حوالي عشرة في في جهة تانسيفت والجهة الشرقية وجهة مكناس... وأن الفئة المستهدفة من مروجي الخمور هي الشباب تحت الخامسة والثلاثين من العمر. إذ وصلت حسب استطلاع قام به المجلس الوطني للشباب والمستقبل سنة 3991 إلى 537 406 1 شخص يتناولون الخمور، وهو رقم معبر جدا، وبعد مرور عشر سنوات ينتظر أن يكون الرقم قد تضاعف كثيرا. وذكر اليوم الدراسي أن عدد النساء في الفئة العمرية (51/53) اللاتي يتعاطين الخمورهو 5 13804 امرأة، وأنه من المرجح أن يكن ممن يمارسن الدعارة والعاملات في الحانات والفتيات المتخلى عنهن وغيرهن. ومن الأرقام التي ساقها اليوم الدراسي عن القضايا المعروضة على أنظار المحاكم بسبب الخمر 011 قضية في سنة 8991 على محكمة واحدة فقط هي المحكمة الابتدائية بمدينة سيدي سليمان، وبلغ عدد الذكور فيها 69 وعدد الإناث 41 حالة (7،21% للنساء وهي نسبة مرتفعة). ولاحظ اليوم الدراسي من خلال جدول عن عدد الجرائم المسجلة بالمحكمة الابتدائية بالرباط بسبب تناول الخمور أن المعدل السنوي للقضايا المعروضة هو 0651 قضية أي بمعدل 031 قضية في الشهر، أي 5،6 من القضايا في اليوم الواحد، هذا دون احتساب العطل الأسبوعية. الإحصائيات الحالية تشير إلى الدولة تمتلك 05% من مزارع الكروم المخصصة لصناعة الخمر وأن الإنتاج السنوي للخمور يصل إلى 000 013 هيكتولتر وأن 000 09 هيكتولتر من الجعة (البيرة) تستهلك في السوق الداخلي وأن 000 001 صندوق من الويسكي تستورد سنويا وأن 000 05 من المغاربة يعملون في هذا القطاع. ويذكر أيضا أن الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية وجه عدة أسئلة شفوية وكتابية إلى الجهات المسؤولة حول آفة انتشار حانات الخمور بمناطق عديدة من المملكة، وأن القانون المتعلق بمنع تداول الخمور ما يزال حبيس الأدراج في لجنة العدل والتشريع بالبرلمان. يحدث هذا في الوقت الذي تقوم فيه عدة بلدان غربية بحملات متواصلة للتخفيف من التعاطي للخمور والمخدرات والتبغ، مستعملة في ذلك كل الوسائل بما فيها القطاع الإعلامي المكتوب والمسموع والمشاهد. بتعاون مع جمعيات نشيطة من المجتمع المدني تقدم لها الدولة المساعدات اللازمة، وأكثر من ذلك فإن جمعيات منتجي الخمور تشارك في الحملات المذكورة. وقد سبق أن تناولنا في "التجديد" الحملة الفرنسية كنموذج ناجح لذلك، وهي حملة ما تزال مستمرة بأيام دراسية وتحسيسية ففي العاشر من شهر مارس الجاري ينظم بباريس يوم دراسي حول الموضوع من طرف فيدرالية الفاعلين في علم الإدمان، وفي يومي 31 و41 من الشهر نفسه تنظم دراسات علمية عن المراهقين والخمر، وفي يوم 12 أيضا يعقد لقاء للخبراء النفسانيين حول الموضوع، وفي 4 أبريل القادم لقاء مماثل له بباريس كذلك وفي 11 أبريل... أما في بلدنا الإسلامي فإن الحملات الدعوية التي قامت بها حركة التوحيد والإصلاح وجمعيات أخرى قوبلت بشيء من التضييق لم يصل إلى حد المنع عملا بالقاعدة الذهبية المعروفة لدى الجهات المسؤولة "ضيقوا ولا تمنعوا"، في حين تفتح التسهيلات أمام جماعات التخمير والتخدير والتفسيق لإغراق المجتمع المغربي في الظلمات الحالكة للآفات المحرمة. كما أن أبواقا إعلامية تقوم بحملة مضادة للترويج لأنواع من الخمر مثل الأسبوعية الفرنكفونية (تيل كيل) وأخواتها (لوجورنال) و(ماروك إيبدو) و(لوروبوتير) وغيرها. حسن السرات