يرى علي بن بريك بأن طبيعة الشباب تحتاج إلى أخذه باللين والحكمة وحسن الخطاب، ويقول المحفوظ بنيعلى بأنه لا ينبغي أن يحرم الإنسان نفسه وهو يخاطب الشباب من استغلال هذه الوسائل المتوفرة في زماننا من (الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعية والجرائد الالكترونية) لأن بها سنكون مسايرين لعصرنا. في هذه النافذة من جريدة "التجديد" نبحث في سؤال ما هي سبل نفاذ الخطاب الإسلامي إلى قلوب وعقول الشباب؟ خطاب بالحسنى قال علي بن بريك أستاذ التعليم العالي شعبة الدراسات الإسلامية بجامعة ابن زهر بأكادير، بأن الشباب يحتاج في الدعوة والإقناع إلى خطاب ليس مثل الخطاب الموجه إلى باقي الفئات، مؤكدا بأن طبيعة الشباب تحتاج إلى أخذه باللين والحكمة وحسن الخطاب، ومعناهما في نظره أن يكون الكلام الموجه إليه فيه اعتراف بمكانته في المجتمع وبقدرته واحترام آرائه، لأن بعض الشباب يشعرون أنهم أقل شأنا من الكبار، موضحا في تصريح ل"التجديد" بأن الشباب يحتاج إلى من يرفع معنوياته، وكذلك إلى من يأخذ بعين الاعتبار مؤهلاته وقدراته، قائلا: والله سبحانه وتعالى يأمرنا عموما أن يكون خطابنا إلى الناس مبنيا على الحكمة، قال تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)(النحل:125)، وقال تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا)(الإسراء:53)، وقال تعالى: ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)(فصلت: 34). ويضيف بن بريك بأن الخطاب الموجه إلى الشباب في هذا الزمان يجب أن تجدد وسائله، موضحا بأن الخطاب الذي يقدم للشيوخ وللكهول لا يناسب بالضرورة الشباب، لذلك يجب الأخذ ببعض الأساليب التي تلائم الشباب، قائلا: فمثلا بدل محاضرة يمكن التوجه إلى الشباب بمسرحية أو بفيلم سينمائي أو أغنية ملتزمة راشدة..الخ خطاب ميسر يقول المحفوظ بنيعلى أستاذ التربية الإسلامية وواعظ وخطيب جمعة، بأن ديننا يهتم في خطابه مع الشباب على أن يكون الخطاب خطابا يحمل مجموعة من المواصفات والنعوت ومن أهمها أن يكون خطابا ميسرا، أي: أن يكون خطاب تيسير لا خطاب تعسير، والرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الشريف نبه على ذلك الصحابيين الجليلين اللذين كلفهما بالدعوة إلى الله تعالى فنصحهما وقال: "يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا". ويضيف بيعلى بأن الشباب هم الفئة الأكثر حاجة إلى خطاب التيسير ليوافق نفسية هذه الشريحة وخصائص هذه المرحلة العمرية من مراحل عمر الإنسان، وذلك لتأليف قلوب هؤلاء الشباب وتحبيب الدين إليهم، وفتح قلوبهم ليستمعوا إلى هذا الخطاب، موضحا في تصريح ل"التجديد" بأنه يجب أن نصل إلى مستوى ما يسمى الآن التثقيف بالنظير هو: أن يخاطب الشباب أمثاله في مستوى عمره ومستوى عقولهم وإدراكهم ومستوى طموحهم وانشغالاتهم. ويرى بيعلى بأن خطاب التيسير هو خطاب لابد أن يكون كذلك، لأن الإسلام أصلا دين يسر وتيسير كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، موضحا بأن ديننا يتجنب التعسير لما فيه من تنفير الناس وما فيه من تعسير سبل تنفيذ تعاليم الإسلام وتوجيهاته ونصائحه التي تضمنها كتاب الله عز وجل وسنة رسول صلى الله عليه وسلم. خطاب وسطي يوضح بن بريك بأن الخطاب الموجه إلى الشباب يجب أن يكون خطابا معتدلا وسطيا، مفسرا الاعتدال والوسطية بأنها خاصية هذه الأمة، مستندا على قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)(البقرة:143)، موضحا بأنه إذا أخطأنا طريق الاعتدال والوسطية، فإن ذلك سيؤثر سلبا على الشباب. ويضيف بن بريك بأن الشباب معروف بأنهم يتميزون بالجدية والحماس والعمل والاندفاع، فلابد من دفعهم ليأخذوا الأمور من الوسط سواء ما يتعلق بأمور دينية عبادية اعتقادية أو أمور سياسية أو علاقات اجتماعية، قائلا: فلابد أن يلتزم التوازن بين الإفراط والتفريط، موضحا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلو فقال: "إياكم والغلو في الدين"، وقال أيضا: "هلك المتنطعون" أي المتشددون، موضحا بأن الالتزام بهذه الأمور يقي من الانحراف وهي أمور مطلوبة سواء ما تعلق به من سلوك أو فكر، ويجب دائما ربط الخطاب في علاقته بالشباب بالسيرة النبوية اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي تبعه بسهولة الشباب، لكنه حرص على أن يكون هذا الشباب شبابا معتدلا يأخذ الأمور بالوسط دون أن ينزاح نحو التشدد ونحو التطرف، مشيرا إلى قصة الرهط الثلاثة المعروفة الذين أتوا إلى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ولما أخبروا بعبادته تقالوها فلما عرف الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك أعطاهم درسا عميقا في الوسطية والاعتدال. خطاب مساير للعصر يؤكد بنيعلى بأن من القضايا التي ينبغي أن ينتبه إليها المخاطب للشباب -الفئة الحيوية في مجتمعنا- أن يكون الخطاب خطابا يساير العصر، لافتا الانتباه إلى أن معنى ذلك ألا يقصد به التطبيع مع العصر ومسايرة أهواء الناس وما يريدون وموافقة مزاجهم وشهواتهم وما إلى ذلك مما قد يفهمه البعض، قائلا: وأما أن يكون مسايرا للعصر فالإسلام أصلا مساير للعصر وما كان ليقال عنه أنه دين صالح لكل زمان ومكان بتشريعاته بآدابه بأخلاقه بقوانينه لو لا ذلك، مشيرا إلى أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان بخطابه وهو الخطاب الذي يساير العصر وينتبه إلى مستجداته ومعنى ذلك أن يستفاد مما يعرفه العصر من تطورات في مجال التكنولوجيا ونقل المعلومة والمعارف التي وصلت إليه البشرية في زماننا. ويؤكد بنيعلى بأن الخطاب الموجه إلى الشباب يجب أن توظف فيه كل الوسائل المسايرة للعصر لتحبيب الإسلام إليه، قائلا: ولا يقبل منا أن يكون عصرنا يزخر بكثير من الوسائل ولا نوظفها، ولنا في رسول الله القدوة الحسنة فقد استعمل كل ما هو متوفر في زمانه من وسائل استعملها استعمالا مفيدا ووظفه توظيفا في صالح الإسلام ورسالتها التي أرادها الله تعالى أن تكون رسالة للبشرية جمعاء ورحمة للعالمين، كما قال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وقال تعالى:" قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا"، موضحا بأن لا ينبغي أن يحرم الإنسان نفسه وهو يخاطب الشباب من استغلال هذه الوسائل المتوفرة في زماننا من الهاتف ومواقع التواصل الاجتماعية والجرائد الالكترونية لأن بها سنكون مسايرين لعصرنا لمخاطبة جميع الشرائح بما فيهم الشباب وذلك بهدف واحد هو تبليغ هذه الرسالة إلى الناس جمعاء.