أكد مشاركون في ندوة دولية حول موضوع «حرية الاتصال وحرية التعبير : تغيير البيئة القانونية والتنظيمية الداعمة للأنترنيت « عقدت بمراكش يومي الجمعة والسبت 15- 16 فبراير 2013 أن تطور حرية التعبير على الأنترنيت ضرورية، لكنها لا يمكن أن تكون مطلقة سواء من الناحية الأخلاقية أو القانونية أو الواقعية. ودعا هؤلاء خلال هذا اللقاء المنظم بمبادرة مشتركة من مكتب منظمة الأممالمتحدة للعلوم والتربية والثقافة بالرباط، والجمعية المغربية للأنترنيت إلى إرساء آليات تشريعية وقانونية تمكن من حماية حرية التعبير والارتقاء بها وأيضا حماية الخصوصية ومنع التشهير بالأشخاص، مؤكدين أن هناك وسائل جديدة وتلقائية تمكن من الرقابة الذاتية وأيضا من الرقابة الجماعية لما ينشر على النت. وفي هذا الصدد وخلال تقديمه لعرض حول كتاب جديد لليونسكو حول الموضوع ذاته صدرت نسخته العربية سنة 2013، أوضح الخبير البريطاني وليام داتن أن المسألة جد معقدة لأن حرية التعبير تقابلها حقوق الخصوصية، وعليه تصبح الرقابة أمرا مفروضا، ضاربا المثل بأن مؤسسات كيفما كانت لا يمكن أن تسمح لأفرادها خلال لقاء غير مفتوح للعموم أن «يغردوا على تويتر» ويتحدثوا في مواضيع خاصة، كما أنه لا يمكن الاستمتاع بحرية التعبير دون الإفصاح عن الهوية والتي تجعل الجميع مسؤولا عن أفعاله وأفكاره. وأضاف أنه إذا كانت الصحافة تراقب عمل الحكومات والمؤسسات وتجعلها مسؤولة أمام المجتمع، فإن هذا المجتمع اليوم أصبح سلطة خامسة يمكنه أيضا أن يراقب عمل الصحافة ويجعلها مسؤولة، مضيفا أن التقنيات الجديدة ستتيح «الحجب الأسري» أو «الحجب الجماعي» ليس للمواقع غير المرغوب فيها ولكن أيضا لمواضيع معينة أو حتى لكلمات «مضرة»، وبالتالي سننتقل من رقابة الدولة إلى رقابة المجتمع والرقابة المنزلية والشخصية. وأشار إلى أنه لا ينبغي للعالم أن «ينظر الينا ك» غرب متوحش» بدعوى أننا نبيح كل شيء، ففي دولنا أيضا نطبق القانون ونحمي الأطفال ويمكن متابعة أشخاص بتهم التشهير»، لكن مع الأسف يضيف المتحدث ذاته، بعض المسؤولين يصرفون أموالهم في تتبع المغردين على التويتر ولا ينتبهون إلى جرائم الاحتيال وباقي الجرائم الخطيرة على الأنترنيت. إلى جانب ذلك أشار داتن إلى أنه لا يمكن أن نفرض رقابة مطلقة على الأطفال لأن ذلك يقوض من الدور التعليمي للأنترنيت وتبقى التوعية والمصاحبة والمواكبة هي السبيل الوحيد لإدخالها بهدوء إلى هذا العالم الكبير الذي أصبح شيئا مركزيا في حياة الانسان حيث أظهرت الدراسات أن كل شخص مربوط بالأنترنيت يلقي نظرة كل 6 دقائق ومنهم من يقضي الساعات الطويلة بحكم العمل أو بدافع الترفيه. من جانبه قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن عدد المواقع الإلكترونية الإخبارية بالمغرب تجاوز 500 موقع إخباري إلكتروني نهاية سنة 2012، كما لم تسجل خلال هذه السنة أي حالة إغلاق لأي موقع صحافي إلكتروني، مشيرا إلى أن الرهان الآن حول تحسين المحتوى بعد هذا التطور الكمي.. وأضاف أن المغرب استطاع في ظرف زمني قصير أن يصبح الأول على المستوى الإفريقي بخصوص انتشار الأنترنيت، وذلك بنسبة انتشار تناهز 51 في المائة أي حوالي 16 مليون مبحر، مضيفا أن نسبة الربط والولوجية تسارعت في السنوات الأخيرة لتبلغ نهاية شتنبر 2012 ما مجموعه 3 ملايين و900 ألف، أي بمعدل سنوي وصل حوالي 35 في المائة خاصة في السنوات الأخيرة. وأوضح الخلفي أن صحافة الأنترنيت بالمغرب لم يكن لها أن تتطور بدون حرية، لكن هذه الحرية مدعوة وفق ما هو متعارف عليه عالميا إلى أن تمارس في إطار من أخلاقيات المهنة. وأكد الوزير أن استراتيجية المغرب الرقمي وضعت من بين أولوياتها تكثيف الحضور الرقمي الإخباري للمملكة على مستوى شبكة الأنترنيت، مما يقتضي مضاعفة الجهود على مستوى رقمنة التراث الثقافي والمنتوج الإعلامي وبثه على الشبكة العنكبوتية. وذكر من جانب أخر أن الصحافة الالكترونية تعكس محتوى محلي يعزز ثقافة القرب في إطار الوحدة الوطنية، مشيرا إلى أن الوزارة تستعد في غضون الأسابيع القليلة المقبلة لطرح مشروع قانون تنظيمي لحرية النشر الإلكتروني للنقاش العام وأيضا إصدار كتاب أبيض وتحديد معاير الدعم العمومي للصحافة الالكترونية. من جهته أكد عبد العظيم الكروج الوزير المنتدب المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة أن التكنولوجيا الجديدة تمثل وسيلة مهمة لتقريب الإدارة من المواطنين وبالتالي تكريس، روح المواطنة. وأضاف أن الوصول إلى المعلومة أصبح يستدعي أن تكون الإدارة حديثة ومنفتحة، الشيء الذي يسعى إليه المغرب حاليا من خلال مجموعة من البرامج التي تهم كل القطاعات، وذلك حتى تتمكن الإدارة من تقديم خدمات ذات جودة للمواطنين. وأبرز الوزير أن المغرب يعيش مرحلة تاريخية على جميع الأصعدة المؤسساتية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تم تكرسيها في إطار الدستور الجديد الذي دعم وعزز كل الاصلاحات السابقة وأتى بجيل جديد من الاصلاحات التي تعكس جليا الإرادة الملكية السامية القوية الرامية إلى تكريس سيادة القانون والحريات. وأشار إلى أن هذا الدستور مكن من تعزيز الديمقراطية التشاركية، مبرزا أن المغرب يتوفر على 80 ألف جمعية ناشطة على الأنترنيت وتهم جميع القطاعات والميادين السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية. وفي السياق ذاته أكد عبد العزيز هلالي رئيس الجمعية المغربية للأنترنيت، أن حرية الاتصال عبر الأنترنيت تستدعي ليس فقط ضمان حق الولوج، بل أيضا، حمايتها بوضع معايير وقوانين تضمن لها الاستمرارية وتعزز الديمقراطية لمختلف فضاءاتها التعبيرية . وأشار إلى أن حرية التعبير عبر الأنترنيت، التي تعتبر حاليا من المواضيع الآنية، أصبحت من القضايا التي تثير الاهتمام، مبرزا أن الانترنيت أضحى من القنوات الأكثر ولوجا و اعتيادا والأكثر ديمقراطية عن باقي وسائل الاتصال، وآلية حقيقية للتعبير المؤثر عن الاختيارات وقرارات المجتمع.إلى ذلك أبرزت المستشارة الجهوية للاتصال والاعلام بمنظمة الأممالمتحدة للعلوم والتربية والثقافة «ميزاكو إيتو» أن حرية التعبير باستعمال شبكة الأنترنيت جد معقدة ولا يمكن معالجتها فقط عبر الأخذ بالجوانب القانونية المتعلقة بالأنترنيت، مشيرة إلى أن تطور الأنترنيت مكن من تغيير العلاقة بين الفاعلين السياسيين والإعلاميين والاقتصاديين. يشار إلى أن اللقاء تمحور حول مواضيع هامة منها «رهانات تطوير ميدان الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بالمغرب» و»الحقوق الرقمية وحرية المعلومة وحماية الحياة الشخصية للأفراد والمعطيات» و»التطور الاقتصادي والاستراتيجيات الصناعية» و»الحكامة وجهوية الانترنت : التحديات والآفاق بالمغرب».