ورد اسم الله "الجواد" في سنة النبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً منوناً مراداً به العلمية ودالاًّ كمال وصف الله تعالى، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله عزّ وجلَّ جوادٌ يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويبغض سفسافها). (أي: حقيرها ورديئها). معناه: الجواد أصل معناه في اللغة من الجُود وهو الكرم وكثرة العطاء، وقيل: الجُود : إِعطاءُ ما يَنبغِي لمن يَنبغِي، لا لعوض فهو أَخصُّ من الإِحسان . والجواد: السخيّ الذي يُعطِي بكثرة وبلا مَسأَلة صيانةً للآخِذ من ذُلِّ السُّؤالِ. ويكون بالنفس وبالعبادة والصلاح وبالسخاء والسماح (تاج العروس بتصرف) والجواد سبحانه وتعالى هو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، الذي ينفق على خلقه بكثرة جوده وكرمه وفضله ومدده، فلا تنفد خزائنه ولا ينقطع سخاؤه ولا يمتنع عطاؤه. روى البخاري من حديث أَبِي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: ( يَدُ اللهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا(أي: لا ينقصها) نَفَقَة سَحَّاء الليْلَ وَالنَّهَارَ، أرَأيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذ خَلقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا في يَدهِ ). (أسماء الله الحسنى للرضواني) . والجواد الذي عم بجوده أهل السماء، والأرض فما بالعباد من نعمة فمنه وهو الذي إذا مسهم الضر فإليه يرجعون، وبه يتضرعون، فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين، ولكن يتفاوت العباد في إفاضة الجود عليهم بحسب مامنَّ الله به عليهم من الأسباب المقتضية لجوده، وكرمه، وأعظمها تكمّل عبودية الله الظاهرة والباطنة، العلمية والعملية، القولية والفعلية، والمالية، وتحقيقها باتباع محمد صلى الله عليه وسلم بالحركات والسكنات". (تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي) ومن جوده سبحانه وتعالى وكرمه: أن جعل باب التوبة مفتوحا لمن عصاه مهما عظم ذنبه وقبح جرمه، ومن أدلّ الآيات على ذلك قول الله جل وعلا تحريضاً لكفار قريش على التوبة: }إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ، ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ{. يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى: "انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه وهو سبحانه يدعوهم إلى التوبة والمغفرة". ومن جوده وكرمه أن من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو يزيد، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلاّ مثلها، ففي الصحيح منْ حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.