نقابة للتعليم العالي تلجأ إلى الإضراب    الملك محمد السادس يدعو إلى برمجة أنشطة علمية للتذكير بالسيرة النبوية    الأمير مولاي رشيد يحل بالدوحة لتمثيل جلالة الملك في القمة العربية الإسلامية الطارئة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    "الاتحاد العربي" يجدد الثقة في لقجع    العداء البقالي يخسر لقب بطولة العالم        ضابط شرطة ممتاز ينتحر بأكادير    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين        استنفار أمني بعد العثور على جثة شاب بغابة الأوسطال    طنجة تستعد لتنظيم مهرجانها السينمائي الدولي في نسخته 14    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية                مشروع بيان قمة الدوحة: تضامن عربي إسلامي مطلق مع قطر وتنديد بالعدوان الإسرائيلي        المغرب يطلق قانون 46.21: نقلة نوعية في تنظيم مهنة المفوضين القضائيين    الداخلة.. ‬حجز ‬6,‬8 ‬طن ‬من ‬الأسماك ‬واعتقال ‬12 ‬شخصاً:    "الأصلانية" منهج جديد يقارب حياة الإنسان الأمازيغي بالجنوب الشرقي للمغرب    حموني يسائل بنسعيد عن دور الإعلام العمومي في تنشيط النقاش الديمقراطي    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    بعد وقوعه في مجموعة الموت.. المغرب يفتتح مونديال الشيلي بمواجهة الماتادور الإسباني    الرقم الاستدلالي للإنتاج الصناعي والطاقي والمعدني خلال الفصل الثاني من 2025.. النقاط الرئيسية    الPPS أول حزب بتطوان يجتمع بشأن التعديلات الانتخابية ويرفع لقيادته مقترحاته الإصلاحية    السفينة المغربية "علاء الدين" تنطلق مع أسطول الصمود نحو ساحل غزة    حريق مهول يشب في قيسارية بحي بني مكادة    بيلاروسيا تنظم مناورات مع روسيا    دورة غوادالاخارا لكرة المضرب: الأمريكية يوفيتش تحرز باكورة ألقابها في سن ال17    فيلم "مورا يشكاد" يتوج بمدينة وزان    البطولة الاحترافية لكرة القدم.. بداية قوية للكبار وندية من الصاعدين في أول اختبار    ناشر مجلة يرفع دعوى قضائية ضد "غوغل"    أسطول المساعدات الدولية لغزة ينطلق من تونس متجها للقطاع ل"كسر الحصار الإسرائيلي"    المصادقة بتطوان على بناء محجز جماعي للكلاب والحيوانات الضالة    أبرز الفائزين في جوائز "إيمي" بنسختها السابعة والسبعين    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟    سيغموند فرويد إلى شايم كوفلر: لايمكن أن تصبح فلسطين دولة لليهود    مهنيو نقل البضائع يتهمون الحكومة ب"التخلي" عن القطاع وتجميد الحوار    بين صورة الوطن وكرامة المواطن: أي معنى للاستثمار في الملاعب    إسرائيل تكثف قصفها لمدينة غزة ‬مع وصول روبيو        تغييرات محتشمة في الحكومة الجزائرية الجديدة    طريق الناظور-تاوريرت بحلة جديدة.. مشروع استراتيجي يمهد الطريق لميناء الناظور غرب المتوسط                        وجهٌ يشبه فلسطين    المهرجان الدولي لسينما الجبل بأوزود يحتفي بالاعلامي علي حسن    كوريا تؤكد أول حالة إصابة بأنفلونزا الطيور شديدة العدوى هذا العام    بعقْلية الكسل كل أيامنا عُطل !    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان القرآن -1
نشر في التجديد يوم 27 - 07 - 2012

ارتبطت خاصية البيان باللسان العربي في قوله عز وجل في سورة الشعراء:"وإنه لتنزيل من رب العالمين ، نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ". ومفهوم البيان هنا لا يقف عند حدود الإفهام الذي تقوم به كل الألسنة الطبيعية وأشكال التواصل الأخرى، وإنما المقصود به الوصول إلى درجة عليا من الفصاحة والبلاغة التي تمكن من أداء المعنى المقصود بتعابير مختلفة وألفاظ عديدة . يقول ابن فارس :" فإن قال قائل : فقد يقع البيان بغير اللسان العربي لأن كل من أفهم بكلامه على شرط لغته فقد بين .قيل له :إن كنت تريد أن المتكلم بغير العربية قد يعرب عن نفسه حتى يفهم السامع مراده، فهذا أخس مراتب البيان لأن الأبكم قد يدل بإشارات وحركات له على أكثر مراده ثم لا يسمى متكلما، فضلا عن أن يسمى بينا أو بليغا. وإن أردت أن سائر اللغات تبين إبانة اللغة العربية فهذا غلط، لأن لو احتجنا إلى أن نعبر عن السيف وأوصافه باللغة الفارسية لما أمكننا ذلك إلا باسم واحد، ونحن نذكر للسيف بالعربية صفات كثيرة ". فحين نعتقد أن اللغات الطبيعية تقوم بدور بياني فإننا نكون قد قصرناه على شكله البسيط المتمثل في الإفهام والإبلاغ، الذي تقوم به كل وسائل التواصل الأخرى. لكن تربع العربية على قمة النظام البياني يأتي من قدرتها التعبيرية المعجزة، والمقتبسة من التأييد الرباني. " فلما خص جل ثناؤه اللسان العربي علم أن سائر اللغات قاصرة عنه وواقعة دونه" كما قال ابن فارس.
وإذا كانت السيميوطيقا المعاصرة تتعامل مع اللغة باعتبارها نظاما من العلامات تقارن بغيرها كالأزياء وإشارات المرور والصور الأيقونية وغيرها، فإن الفكر اللغوي العربي، واهتداء بالنص القرآني، قد بني على مفهوم البيان، حيث تطبق على جميع وسائل التعبير المختلفة مقاييس خاصة للربط بين الشكل / اللفظ والمحتوى /المعنى . لذا فالغرض العام في كل الأحوال هو التواصل وإيصال الفكرة. وهذا ما يحمله مفهوم البيان الذي اعتبر خاصية إنسانية. وقد أشار إليه المفسرون في تفسيرهم لقوله تعالى: "الرحمن،علم القرآن،خلق الإنسان،علمه البيان". يقول الزمخشري :"إن الله ذكر ما تميز به الإنسان من سائر الحيوان من البيان وهو المنطق (النطق)الفصيح المعرب عما في الضمير ". ويقول أبو حيان: " ثم ذكر تعالى الوصف الذي يتميز به الإنسان من المنطق المفصح عن الضمير والذي به يمكن قبول التعليم وهو البيان. ألا ترى أن الأخرس لا يمكن أن يتعلم شيئا مما يدرك بالنطق". وعند الجرجاني :"البيان: هو النطق الفصيح المعرب أي المظهر عما في الضمير". ومن ثمة فالبيان أصبح عنصرا محددا لماهية النوع الإنساني حتى أمكن رسم ذلك بصياغة منطقية: إن بين الوجود والعدم البيان. والنطق المقصود في حد المناطقة 'الإنسان حيوان ناطق' لا يعني الترداد الطبيعي للأصوات أو إصدارها عفويا دون رسم منطقي، بل المراد هو الإبانة عن المعاني بواسطة الألفاظ. وبتعبير الجاحظ: " البيان اسم جامع لكل شيء كشف لك قناع المعنى وهتك الحجاب دون الضمير حتى يفضي السامع إلى حقيقته ويهجم على محصوله كائنا ما كان ذلك البيان ومن أي جنس كان الدليل لأن مدار الأمر والغاية التي يجري إليها القائل والسامع إنما هو الفهم والإفهام ،فبأي شيء بلغت الإفهام وأوضحت عن المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضع".
ولا ينحصر هذا الفهم للفعل اللغوي البياني عند الجاحظ والزمخشري وأمثالهما من البلاغيين ، بل نجده فهما عاما عند علماء العربية ، حتى أمكننا اعتباره أحد أسس العقلية اللغوية التي انبنت عليها المعارف التراثية ، مما دفع الدكتور الجابري إلى اعتباره نظاما معرفيا تندرج تحته جملة من العلوم التي أنتجها الفكر العربي الإسلامي وسماه النظام البياني. لكن يظل النص القرآني هو المميز للفكرة البيانية من خلال التمثلات المتعددة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.