القرآن العظيم هو كلام الله الذي لا يشبهه كلام ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد تكفل الله بحفظه فلا يتطرق إليه نقص ولا زيادة، مكتوب في اللوح المحفوظ، وفي المصاحف محفوظ وفي الصدور متلو بالألسن ميسر للتعلم والتدبر: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (القمر:17). يستطيع حفظه واستظهاره الصغار والأعاجم ،لا تكل الألسنة تلاوته ولا تمل الأسماع من حلاوته ولذته ،ولا تشبع العلماء من تدبره والتفقه في معانيه، ولا يستطيع الإنس والجن أن يأتوا بمثل سورة منه لأنه المعجزة الخالدة والحجة الباقية، أمر الله بتلاوته وتدبره وجعله مباركا: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب (ص:29). قال عليه الصلاة والسلام: ((من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنه والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف بل ألف حرف ولام حرف وميم حرف))، رواه الترمذي وقال حسن صحيح. وقد جعل الله ميزة وفضيلة لحملة القرآن العاملين به على غيرهم من الناس فرسول الله يقول: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) رواه البخاري . ويقول عليه الصلاة والسلام: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل الثمرة لا ريح لها وطعمها طيب حلو، مثل المنافق الذي الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مُر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر)) رواه البخاري ومسلم. إن السعادة والطمأنينة في تعظيم كتاب الله وتلاوته والرجوع إليه واتباعه والاهتداء بهديه، والشقاوة والتخبط في الإعراض عنه والاستهانة به وهجره: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (طه:24-26). عباد الله: لعل شهر رمضان المبارك الذي نعيشه هذه الأيام يذكر الأمة المسلمة بضرورة العودة الصادقة إلى كتاب الله العظيم فقد شرف الله تعالى هذا الشهر بنزول القرآن فقال: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان . فالله سبحانه وتعالى أنزل كتابه العزيز ليهتدي به الناس ويعتصموا به فهو مصدر القوة والعزة وأساس التمكين والرفعة، فيه الهدى والنور، من آمن به حق الإيمان وصدق به وأخلص التصديق فقد هداه الله وآتاه من فضله وأعانه على كل خير، قال جل وعلا: الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (البقرة:1). شهر رمضان شهر القرآن، ومن أفضل ما تعمر به الأوقات في هذا الشهر الاهتمام بالقرآن حفظا وتلاوة وتدبرا وعملا، ولقد كان اهتمام سلف الأمة بالقرآن في رمضان كبير، انظروا مثلا إلى قدوتنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه الذي يروي عنه ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين فيقول: ((كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلَرسول الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة)). فدلنا هذا الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والإجتماع على ذلك ودلنا أيضا على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان.