أكد محمد أحليمي، الأخصائي في الحمية العلاجية والتغذية الصحية أن تزامن شهر رمضان مع فصل الصيف ليس له أي تأثير على صحة الصائم وقدرته على التغلب على الجوع والعطش، شريطة التقيد بنظام غذائي صحي والابتعاد عن كل ما يرهق الجسم ويضعف مناعته. وأوضح أحليمي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، أن هذا الأخير يعتبر "دورة طبية مجانية" باعتباره وسيلة فعالة للتخلص من العادات السيئة التي تؤثر سلبا على الحالة الصحية للفرد وفرصة ذهبية للجسم ليستعيد حيويته. غير أنه شدد على ضرورة اتباع نظام غذائي متوازن يراعي شروط الوجبة الصحية، حتى يظل جسم الإنسان متمتعا بالنشاط والحيوية منذ السحور وحتى الإفطار. وأكد أنه لا داعي للتخوف من العطش والجوع خلال الصيام، الذي ستصل مدته هذه السنة الى حوالي 14 ساعة في اليوم، مبرزا أن ما يجهله الكثيرون هو أن جسم الإنسان يتأقلم بسرعة مع محيطه الخارجي وأنه يحتفظ في شهر رمضان ما أمكن بنسبة الماء. وقال مؤلف كتاب "الداء و الدواء في الغذاء" إن "الخوف من الجوع أو العطش غير مبرر، لأن جسم الإنسان يتأقلم بشكل سريع مع الصيام وما يفسر ذلك هو أن التغلب على الجوع أو العطش يزيد مباشرة بعد الأيام الأولى من رمضان"، لكنه أكد في المقابل إمكانية تقصير مدة الجوع والعطش باتباع نظام غذائي صحي خلال الفطور والسحور . وأوضح أن النظام الغذائي الجيد الذي يقينا قدر الإمكان من فقدان نسبة الماء يتمثل في تجنب الإكثار من الأغذية التي تتطلب نسبة ماء كبيرة خلال فترة مرورها بالجهاز الهضمي حتى امتصاصها كالدهون المهدرجة (المقليات). كما أن المحافظة على نسبة الماء في الجسم لا تتطلب فقط شرب الماء، بل تستلزم كذلك التعود على أغذية تحتوي على نسبة عالية من الماء وهي الفواكه والخضر والعصير الطبيعي، وليس المصنع الذي له مفعول عكسي بحيث يرفع حاجيات الجسم من الماء " لأنه ليس كل ما هو سائل يرطب الجسم وليس كل ما ينعش الفم ينعش الجسم". وأبرز في هذا الصدد أن تزامن رمضان مع فصل الصيف يتيح للصائمين الاستمتاع بأصناف عديدة من الفواكه التي تعمل على ترطيب الجسم . وأوصى بأخذ القدر الكافي من الأملاح المعدنية والفيتامينات التي لا يمكن أن نجدها إلا في الأغذية الطبيعية الموسمية والتي تؤدي دورا في الحفاظ على الماء داخل الأنسجة. ومن العادات الواجب اتباعها خلال شهر الصيام، تقليل نسبة الملح الذي يزيد من حاجيات الجسم للماء وكذا المواد التي تحتوي على نسبة عالية من الصوديوم لأنها تزيد من درجة اجتفاف الجسم و بالتالي حاجياته للماء، أضف إلى ذلك تناول كمية كبيرة من السكريات التي تتطلب أيضا احتياجات إضافية من الماء . وبخصوص الطريقة الصحية لتوزيع الوجبات الغذائية في شهر رمضان، أشار إلى أنه من الأخطاء المرتكبة الاعتماد على وجبات "الفطور" والعشاء والسحور، لأن هذا النظام يتسبب برأيه في إحساس الجسم بالإرهاق صحيا وقلة النشاط، مؤكدا أن الصحيح هو الاعتماد على وجبتي الفطور والسحور فقط، في حين يمكن أن تكون وجبة العشاء على شكل فاكهة فقط. وقال " لإفطار صحي ولتجنب المشاكل، وجب الإفطار على مرحلتين، الأولى تبدأ مباشرة بعد آذان المغرب ببضع تمرات مع قليل من الماء ثم الذهاب للصلاة لكي تأخذ المعدة والأمعاء قسطا من الراحة وليتم تنبيهها لاستقبال جرعة أخرى من الطعام، وخلال فترة الصلاة تقوم المعدة بامتصاص المادة السكرية والماء ويزول الشعور بالعطش والجوع، لأن هذا الغذاء لوحده يحتوي تقريبا على 47 عنصرا غذائيا" . بعد الصلاة ، يضيف أحليمي، "تبدأ المرحلة الثانية ويعود الصائم إلى إكمال إفطاره، بطريقة بطيئة وبكميات بسيطة لكي يضمن أفضل طرق للامتصاص". أما وجبة السحور، فتحل محل وجبة الإفطار العادية وعليها أن تتألف من نفس الأطعمة أي الخبز الكامل ومشتقات الألبان، فضلا عن الكثير من الخضر الطازجة والفواكه للتخفيف من الإحساس بالعطش. وفي ما يتعلق بالتعليمات التي يتعين على المصابين بالأمراض المزمنة ولاسيما مرضى السكري والضغط الدموي اتباعها خلال هذا الشهر الفضيل، أوضح أنه يمكن لهؤلاء أن يصوموا حسب حالة كل واحد منهم على حدة، وذلك تحت إشراف دقيق للطبيب المعالج ولأخصائي تغذية، غير أنه يصعب الصيام في بعض الحالات .