يعود أصل الفلفل الحار إلى القارة الأمريكية، إذ من هناك انتشرت كل أنواعه في أرجاء الكرة الأرضية، بعد اكتشاف كريستوف كولومبس للعالم الجديد... تاريخ هذه النبتة لقد كان الفلفل الحار جزءا من المائدة الأمريكية منذ ما يزيد على 7500 سنة قبل الميلاد. أظهرت ذلك بوضوح بعض المواقع الأثرية في الجنوب الغربي للإكوادور. و كان هذا من النباتات الرئيسية هناك إذ أنه يتميز بالتلقيح الذاتي. لقد رأى كولومبس الفلفل أول مرة في جزر الكاريبي. و بعد دخوله أوروبا (أي الفلفل)، تم زرعه في الأديرة الأسبانية و البرتغالية. و بعد أن جرٌبه الرهبان في مطبخهم عوٌضوا حرارته بالتي كانوا يلمسونها في حبات البهارات السوداء المكلٌفة جدا، و التي كانت تعتبر بمثابة عُملة في بعض الدول آنذاك. بعد ذلك انتشرت زراعته في سائر أنحاء المعمور. و بعد عودة كولومبس من رحلته الثانية لجزر الهند الغربية سنة 1493، قام طبيبه دييغو ألفاريس تشانكا باستقدام أول حبات الفلفل الحار إلى أسبانيا، و كان الأول الذي كتب حول مفعوله الطبي سنة 1494.و لقد كانت أسبانيا تتحكٌم في تجارة مستعمراتها الأمريكية مع آسيا، إذ من المكسيك نشرت الفلفل الحار بسرعة كبيرة، حيث أخذ مكانته في مطابخ كل من الفلبين و الهند و الصين و اندونيسيا و كوريا و اليابان.
أما البرتغاليون فأخذوه من أسبانيا لينشروه و يزرعوه في الهند، حيث تبوٌأ مكانته في مستعمرتهم الهندية التي انتشر من هناك إلى آسيا الوسطى و تركيا و هنغاريا. هناك عدة أنواع من الفلفل الحار، و لكننا نعرف جيدا ذو اللون الأخضر و ذو اللون الأحمر و هذا نفسه الذي نجففه و نطحنه لكي يساعد في إعداد أطباق شهية. و من غرائب الأمور أنه كل سنة تقام مسابقات لإبراز الفلفل الأكثر حرارة في العالم، و يسجٌل ذلك في كتاب غينيس لللأرقام القياسية، كان آخرها يوم فاتح مارس 2011، حيث تم تسجيله من طرف الفلفل الحار لدولة ترنيداد. و هناك وحدة لقياس الحرارة تسمى (شو). لقد وصلت حرارة فلفل ترنيداد 1463700 (شو).و لقد سبق ذلك الرقمُ القياسي الذي ضربه فلفل غرانثام الانجليزي في فبراير 2011، إذ وصل 1067286 (شو). و حرارة الفلفلين المذكورين أعلاه تجاوز حرارة "التاباسكو" المعروفة عالميا، بآلاف المرات.
و لقد اتخذ الفلفل الحار مكانته لدى سائر الأمم، لتربعه فوق موائد عدة دول معروفة بأطباق تدخل ضمن تراثها الغذائي. فمن (ريينوس) في المكسيك إلى (الداهون) في الفلبين إلى (الكيمشي) في كوريا إلى (الإيما) في دولة بهوتان الأسيوية إلى (البابريكاش) في هنغاريا إلى (البوتانيسكا) في إيطاليا إلى (الكونغ باو) في الصين إلى (الهريسة) في تونس ودول الشرق الأوسط إلى (الحار) في المغرب.أما في اليابان أصبح أكل الفلفل الحار من طقوس المحاربين، حيث يعطي آكله الجهد العقلي. ففي اعتقادهم أن المحارب الذي يتناوله يكسب قوة عقلية أكبر حين دخوله أرض المعركة. كذلك يتناوله رياضيو الكاراتيه لتقوية عقولهم و عزائمهم. الفوائد الطبية إن المادة الملتهبة (التي تسمى "كاخاخات" باللغة العربية) التي تفرز حرارة الفلفل، رغم الأذى الذي تسببه في الفم و المعدة و غيرها من أعضاء الجهاز الهضمي، فإنها تحتوي على فوائد طبية كذلك. لقد أبانت أنها مفعول جيد كمُسكٌن موضعي لألم المفاصل و الاعتلال العصبي السكري و الآلام المصاحبة لاستئصال الثدي ثم آلام الرأس.أصبح الفلفل كذلك إحدى أسلحة الدفاع عن النفس الغير القاتلة، إذ تُعبأ مادة "الكاخاخات" السالفة الذكر في علب رشاشة لضغط الغاز، يتٌقي بها الإنسان أذى غيره بإطلاقه على عينيه.
الدفاع عن المحاصيل الزراعية في بعض الدول الأفريقية و دول جنوب آسيا يدافع الفلاحون عن محاصيلهم الزراعية بالفلفل الحار، إذ يرُشٌون مطحونه على حواجز حقولهم لإبعاد قطعان الفيلة عنها. فالفيلة معروفة بخراطيمها الطويلة و قوة الشٌم لديها. و كذلك الشأن لدى الطيور التي تتعقٌب حبٌات الحبوب في أي مكان. و يستعمل كذلك للقضاء على الفطر البري السام، الذي ينمو قرب المحاصيل الزراعية.
القيمة الغذائية تحتوي 100 غرام من الفلفل الحار على 8.8 غراما من الكاربوهايدرات و 5.3 غراما من السكر و 1.5 غراما من الألياف الغذائية و 0.4 غراما من المواد الدهنية و 1.9 غراما من البروتين و 88 غراما من الماء و ميليغرام واحد من الحديد و 23 ميليغراما من المنغنيزيوم و 332 ميليغراما من البوتاسيوم، بالإضافة إلى مادة البيتاكاروتين و الفيتامين 'ألف' و الفيتامين 'ب' و الفيتامين 'ج' .
الخاتمة رغم الحروق التي يسببها الفلفل الحار في الجهاز الهضمي إلا أنه لا يخْلُ من جلٌ الموائد المغربية، حيث يكون لصيقا لبعض الأكلات الشعبية الشهية كالعدس و البيسار. و هناك من يسترجع شهيته فقط بتناوله، بل يصل الأمر ببعضهم إلى حد الإدمان عليه. غير أنه يُنصح لذوي القرحة المعدية و النساء الحوامل أو المرضعات الابتعاد عنه ما أمكن، لأنه يزيد الآمر تفاقما.