هناك مقولة شهيرة للقائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي الذي يرجع له الفضل في تحرير القدس من الصليبيين سنة 1187 ميلادية تقول "أسكنتُ هنا من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يُؤتَمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة"، وكان صلاح الدين يقصد بكلامه هذا، المغاربة. ووفق المصادر التاريخية، فإن المغاربة كان لهم نصيب هام في المشاركة في تحرير القدس ضمن الجيوش التي قادها صلاح الدين الأيوبي لتحرير بيت المقدس، وهو الأمر الذي دفعه على أن يُصر على بقاء المغاربة في القدس بعد تحريرها وأن يسكنوا فيها، ليُطلق على البقعة التي قرروا الاقامة فيها بحارة المغاربة، ولازال هناك باب يُسمى باب المغاربة في القدس إلى اليوم. يقول عدد من المؤرخين، أن صلاح الدين الأيوبي كان يشير بكلامه إلى قوة وقدرة المغاربة على التحمل في المعارك، وبالتالي لا يوجد أفضل منهم لكي يُعمروا القدس ليكونوا دائما بالمرصاد لمن يحاول احتلالها وأن يعثوا فيها فسادا مجددا. الآن بعد مرور أزيد من 8 قرون على كلام صلاح الدين الأيوبي، تغيرت الكثير من الأحوال وتعاقبت الكثير من الأجيال، لكن لازال هناك خيط يسري بين ذلك الماضي وهذا الحاضر، وهو موقف المغاربة الذي لا يتزحزح دائما عن الدفاع عن القدس، والقضية الفلسطينية عامة، وفق عدد من المتتبعين. باب المغاربة في القدس الشريف ففي خضم التخاذل العربي الذي بدأ في الأسابيع الأخيرة بإعلان الإمارات العربية المتحدة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل رغم انتهاكات الأخيرة لفلسطين الفلسطنيين، ونهوض دول عربية أخرى بالإشادة بالخطوة، كالبحرين وعمان، وصمت دول عربية أخرى، كان للمغرب موقف مختلف ومعاكس لهذا التيار المؤسف وفق ما يرى عدد من المتتبعين. ويرى المتتبعون أن المغرب خيب ظن الكثير ممن كانوا يعتقدون أنه سيكون البلد التالي الذي سيُطبع العلاقات مع إسرائيل، وجاء الرد قويا لا تماطل ولا تلاعب فيه، حيث صرح رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، "أن المغرب ملكا وحكومة وشعبا" يرفضون أي تطبيع للعلاقات مع الكيان الصهيوني، لأن ذلك يشجعه على انتهاك حقوق الفلسطينيين. وحتى المسؤولين الإسرائيليين يبدو أنهم أصابتهم الخيبة ذاتها، حيث بدأت أنظارهم تتوجه إلى بلدان أخرى بدل المغرب، بعدما كان عدد منهم يتكهنون أن يكون المغرب البلد الذي سيقبل بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بذات الطريقة -التي وصفها العديدون ب"المذلة"- التي وقعتها الإمارات العربية المتحدة دون أي تنازل من طرف إسرائيل لصالح القضية الفلسطينية وللصراع العربي الإسرائيلي عموما. وقبل تصريح العثماني، كانت هناك خرجة إعلامية رسمية للناطق الرسمي السابق باسم الحكومة المغربية، لحسن عبيابة في أواخر 2019، حيث صرح علانية بأنه لا يوجد أي تطبيع للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، ثم تلاه بعد ذلك رفض الملك محمد السادس لقاء وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو الذي حاول لقاء الملك في زيارة للمغرب من أجل التمهيد لزيارة الرئيس الاسرائيلي بينيامين نتنياهو إلى المملكة المغربية وقد خاب هذا المسعى. إلى حدود اليوم، يرى عدد من المتتبعين، أن المغرب والمغاربة، لازالوا يسيرون على خطى أجدادهم ممن شاركوا صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس، فهل تصدق مقولة الأيوبي فيهم ويواصلون ثباتهم على الدفاع عن القدس وفلسطين برا وبحرا؟