يبدو أن الحكومة المغربية قررت أخيرا الاستماع إلى نداءات رجال الأعمال المغاربة المحليين، والتوجه نحو مراجعة اتفاقيات التبادل الحر الذي تجمع المغرب بأزيد من 50 دولة، من أبرزها الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي ودول أخرى عديدة مثل تركيا ومصر. وأعلن وزير التجارة والصناعة والاقتصاد الرقمي، مولاي حفيظ العلمي مؤخرا، بأن الحكومة المغربية تنوي مراجعة اتفاقيات التبادل الحر الذي تجمع المغرب بعدد من البلدان، خاصة التي يعاني معها المغرب من عجز تجاري واضح، مثل دولة تركيا. وتُعتبر تركيا حاليا من أبرز البلدان التي تستفيد من اتفاقية التبادل الحر مع المملكة المغربية، حيث أدى إقبال المغاربة على منتوجاتها، خاصة من النسيج، إلى ارتفاع صادراتها بشكل كبير نحو المغرب، حيث شهدت الصادرات التركية إلى المغرب خلال سنة 2019 تسجيل أعلى ارتفاع لها في تاريخها، خلال شهر مارس الماضي، حيث بلغت قيمة الصادرات في هذا الشهر إلى أزيد من 21 مليار درهم، وفق إحصائيات "ترايدينغ إكونوميكس". وحسب تقرير سابق لوزارة المالية المغربية، فإن العجز التجاري المغربي مع تركيا، بلغ 16 مليار درهم خلال 2018، وارتفعت الاستثمارات التركية بالمغرب إلى 269 مليون درهم في 2018، مقابل 139 مليون درهم في 2017، و603 ملايين درهم في 2016. محاولة لتجاوز العجز مع تركيا في زيارة له إلى تركيا التقى مولاي حفيظ العلمي، بإسطنبول، على هامش اجتماع الدورة 34 للجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي (كومسيك)، وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان لتدارس اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا والعجز المغربي الحاصل في هذا المجال. وفي محاولة لتجاوز العجز التجاري المغربي مع تركيا، قرر الطرفان إحداث تقني مشترك، لدراسة آثار وإنعكاسات اتفاقية التبادل الحر على المغرب، وتحديد كيفية تجاوز العجز بتعزيز الصادرات المغربية إلى تركيا في بعض القطاعات لتخفيف العجز، وتطوير الاستثمارات التركية في قطاع الصناعة بالمغرب. مراجعة اتفاقيات التبادل الحر إذا كان المغرب يسعى إلى تقليص العجز التجاري مع تركيا وتجاوزه، بسبب العلاقات الثنائية الجيدة التي تجمع البلدين والروابط الكثيرة بينهما، فإن اتفاقيات التبادل الحر مع عدد من البلدان قد تشهد توقفا أو مراجعة شاملة. ويرى الكثير من المتتبعين للشأن الاقتصادي المغربي وصادرات المملكة ووارداتها، أن الشركات المغربية فشلت في خلق منافسة حقيقية وفرض نفسها في السوق الوطني مقابل المنتوجات الأجنبية التي يُقبل عليها المغاربة، لجودتها من جهة ولسعرها التنافسي من جهة أخرى. وأمام هذا الفشل، رفع العديد من المستثمرين المحلييين المغاربة، مطالب عديدة منذ سنوات لمراجعة اتفاقيات التبادل الحر التي تجمع المغرب بعدد كبير من الدول، حتى لا تزداد الوضعية الاقتصادية تأزما وتدفع بالعديد من الاستثمارات إلى الإفلاس. وقد أظهر هذا الفشل أو العجز في المنافسة، الميزان التجاري المغربي ، حيث أن مكتب الصرف المغربي كشف مؤخرا، إن عجز الميزان التجاري المغربي ارتفع إلى 140 مليار درهم، خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية، بزيادة بلغت 2,4 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية 2018.