عضو الكونغرس الأمريكي 'جو ويلسون': المغرب شريك رئيسي للولايات المتحدة    عبد النباوي: قضاة المملكة بتوا سنة 2024 في أزيد من أربعة ملايين قضية    آجال الأداء لسنة 2025.. تطبيق الغرامة المالية على الأشخاص الذاتيين والاعتباريين الذين يحققون رقم معاملات يتراوح بين 2 و10 ملايين درهم    بطولة أمم إفريقيا 'شان 2024': المغرب في المجموعة الأولى إلى جانب كينيا وأنغولا والكونغو الديمقراطية وزامبيا    البطولة الوطنية (الدورة 19).. مباريات قوية بين أندية مقدمة وأسفل الترتيب أبرزها قمة نهضة بركان والجيش الملكي    شيكاغو فاير الأمريكي يفاوض الهلال للتعاقد مع نيمار    شركة صينية تبدأ رحلات مباشرة بين شنغاي والدار البيضاء الأحد المقبل    مجددا.. نتنياهو يسعى لعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة و"حماس" تتمسك به    فرنسا تدرس طريقة الرد على "العداء المتزايد" من الجزائر    الصين تمنح العالم المغربي رشيد اليزمي براءة اختراع جديدة حول "سلامة بطاريات السيارات الكهربائية"    تعزيز البنيات التحتية السوسيو-رياضية بالسمارة    سيف علي خان يتعرض لهجوم مسلّح داخل منزله ويصاب بست طعنات    خبيرة توضح كيف يرتبط داء السيدا بأمراض الجهاز الهضمي..    إيغامان يواصل تألقه مع غلاسكو رينجرز ويرفع رصيده إلى 9 أهداف في الدوري الاسكتلندي    ردود فعل دولية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    حموشي يستقبل المفوض العام للاستعلامات بإسبانيا    العقد ‬الاجتماعي ‬المتقدم ‬مع ‬الشباب ‬لينخرط ‬في ‬صناعة ‬المستقبل    انطباع إيجابي حول جودة الخدمات الإدارية خلال 2024    أداء مؤشر "مازي" في بورصة البيضاء    هانز فليك يشيد بعقلية لاعبي برشلونة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    الدينامية ‬الثنائية ‬بين ‬المغرب ‬وإسبانيا ‬تعزز ‬أفق ‬الشراكة ‬الاستراتيجية    بمعلومات من "الديستي".. أمن سلا يوقف 4 أشخاص بحوزتهم 11 ألفا و400 قرص من "ريفوتريل"    جمعية دكالة تنظم احتفالا برأس السنة الأمازيغية    73 قتيلا في غزة منذ إعلان الاتفاق    دفاعا عن وطنية أكبر ومواطنة.. أكثر    ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن المعروض    الداكي: خط الرشوة أثبت نجاعته وحصيلة هذه السنة 61 حالة    استئنافية البيضاء تخفض مدة حبس القاضية المتقاعدة إلى 8 أشهر    كيوسك القناة | الاتحاد العام للصحفيين العرب يؤكد مساندته للوحدة الترابية للمملكة    حياة الكابرانات: سيارات وإقامات فاخرة على حساب الشعب الجزائري    المغرب يدعو لتفاوض عربي موحد مع الشركات الرقمية الكبرى للدفاع عن القضية الفلسطينية    أنفوغرافيك | تصنيف أقوى جيوش العالم في 2025.. المغرب يتبوأ المركز 59 عالمياً    مشروع الطريق السريع بين الحسيمة والناظور سيمر عبر قاسيطة    استقرار أسعار الذهب بعد تسجيل أعلى مستوياتها    الرئيس المنتخب ترامب يدرس خيارات "الحفاظ" على "تيك توك"    طقس الخميس.. جو بارد مصحوب بصقيع    الصين: أكثر من 100 مليون زيارة لمتاحف العلوم والتكنولوجيا في 2024    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    تركيا.. عام 2024 كان الأشد حرارة في تاريخ البلاد    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين.. المغرب في المجموعة الأولى إلى جانب كينيا وأنغولا والكونغو الديمقراطية وزامبيا    تسجيل إصابات ب"بوحمرون" في 15 مدرسة يستنفر مديرية التعليم ويثير الخوف بين الأسر    كلمة .. السراغنة: غوانتانامو للمرضى النفسيين    تسجيل إصابة 79 نزيلة ونزيلا بداء "بوحمرون".. وسجن طنجة في المقدمة    الرباط .. الصناعات الثقافية والإبداعية وتحديات التحول الرقمي في صلب أشغال الدورة ال24 لمؤتمر وزراء الثقافة العرب    حكيمي يؤكد لأول مرة حقيقة تسجيل أملاكه باسم والدته    انطلاق مهرجان آنيا تحت شعار "الناظور عاصمة الثقافة الامازيغية"    استثمارات خليجية تنقذ نادي برشلونة من أزمته المالية الكبرى    فاروق لايف: التغيير بدأ قبل حملة التنمر وسأجعله مصدر إلهام للآخرين    اليوبي: الوضعية الوبائية "عادية" وفيروسات الموسم مألوفة لدى المغاربة    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    بلقصيري تحتفي بالكتاب الأمازيغي والغرباوي في "آيض يناير"    إيض يناير 2975: الدار البيضاء تحتفي بالتقاليد والموسيقى الأمازيغيين    العيون تحتفل بحلول "إيض إيناير"    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فشلت في ملفات ليبيا ومالي والنيجر و"مصالحة" الفرقاء الفلسطينيين.. فماذا يمكن أن تعطي الجزائر للسودان غير محاولة "يائسة" لإغاظة الإمارات؟
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. تقارير
فشلت في ملفات ليبيا ومالي والنيجر و"مصالحة" الفرقاء الفلسطينيين.. فماذا يمكن أن تعطي الجزائر للسودان غير محاولة "يائسة" لإغاظة الإمارات؟
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأثنين 29 يناير 2024 - 21:25
لا زالت الجزائر تحاول استيعاب فشلها الدبلوماسي في ملف مالي، الذي تحولت فيه من بلد يسعى دور الوساطة بين أطراف العملية السياسية في البلاد، إلى "طرف" خارجي "غير مرغوب فيه" يُصنف من لدن السلطات الانتقالية بأنه داعم للمسلحين والانفصاليين، لكن، بدل أن تهدأ ثنائية قصر المرادية والجيش وتُحاول استخلاص الدروس من هذا الملف ومن ملفات أخرى كثيرة كان عنوانها "الفشل الذريع"، عجلت بالبحث عن دور جديد، هذه المرة في الملف السوداني.
ودون خروجٍ عن المألوف، استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ليعلن "وقوفه" إلى جانب الخرطوم في مواجة "قوى الشر"، في إشارة ضمنية إلى الإمارات العربية المتحدة، ما يعني أن الجزائر تبحث مرة أخرى عن دور دبلوماسي "مفقود" عمليا في محيطها الإقليمي، وداخل فضائها القاري الإفريقي، لكن الدافع مرة أخرى سيكون هو سياسة "المُكايدة" على غرار ما كان يحركها في ملفات أخرى.
مع الجنرال.. ضد أبو ظبي
جعلت الجزائر من زيارة البرهان إلى أراضيها، حدثا ذا أهمية قصوى من خلال الترويج لها عبر وسائل الإعلام الرسمية، وتلك الموالية للسلطة، وما رافقها من بروتوكولات صورت الحدث وكأنه دليل على الدور الدبلوماسي "الرئيسي" للجزائر في القضايا العربية والإفريقية، لكن الأهم من ذلك كان هو سياق الزيارة، التي تتزامن مع وجود حرب دبلوماسية "شبه مُعلنة" بين الجزائر العاصمة وأبو ظبي، إحدى منطلقاتها الرئيسية الدعم الصريح للإماراتيين للسيادة المغربية على الصحراء.
وحل الجنرال البرهان بالجزائر بعد أن وجه مجلس السيادة، الذي يرأسه، والذي يُفترض أنه يمثل السلطة الانتقالية في البلاد، أصابع الاتهام للإمارات بتمويل قوات الدعم السريع، التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، أي البرهان، وخصمه في الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد منذ أبريل من سنة 2023، وهو الأمر الذي أفضى إلى طرد 15 دبلوماسيا إماراتيا من الخرطوم شهر دجنبر الماضي، في مقابل طرد الإمارات الملحق العسكري في سفارة السودان بأبو ظبي ودبلوماسيين آخرين.
ويتهم الجيش السوداني النظامي ومجلس الرئاسة، الإمارات بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع، على الرغم من نفيٍ إماراتي رسمي، الأمر الذي أدى إلى أزمة مُتفاقمة تزامنت مع أزمة أخرى بين أبو ظبي والجزائر، أصبحت أكثر بروزا مع إعلان المجلس الأعلى الجزائري للأمن، الذي يترأسه تبون، إثر اجتماعه في 10 يناير 2024، عن "أسفه" حيال "تصرفات عدائية" صادرة من طرف "بلد عربي شقيق" دون تسمية الإمارات العربية المتحدة.
اتهامات تحتاج إلى "البُرهان"
باستعمال صيغة قريبة، تحدث تبون أمام البرهان مؤكدا أن بلاده "تقف إلى جانب السودان لتجاوز الظروف الصعبة ومواجهة قوى الشر التي تستهدفه"، مضيفا أن الجزائر "تشدد على أن الكلمة الأولى والأخيرة يجب أن تعود دوما إلى الشعب السوداني بكل مكوناته"، وتحدث أيضا على ما أسماه "التكالب المفضوح ضد السودان" الذي أبانت عنه "المحنة" الراهنة، متعهدا بأن الجزائر ستوظف عضويتها الحالية في مجلس الأمن لفائدة السودانيين".
وإن كان تبون قد تفادى ذكر الإمارات في خطابه، فإن جريدة "الخبر" المقربة من قصر المرادية، كانت قد استعملت مفرداته في تقرير موجه ضد أبو ظبي بشكل صريح، والذي حمل عُنوان "الشر القادم من الإمارات إلى الجزائر ثم السودان"، والذي نُشر بتاريخ 12 دجنبر 2023، وجاء فيها "الجزائر تعد أكبر هدف لورثة الشيخ زايد، فلم تسلم من شرها وحقدها وضررها، مثلما لم تسلم الشقيقة السودان من سموم حكام أبوظبي، الذين يسعون لتقسيم هذا البلد الغني ونشر الفوضى فيه".
وينضاف إلى ذلك، ما نشرته الإذاعة الرسمية الجزائرية شهر دجنبر الماضي أيضا، حين تحدثت عن أن الإمارات "منحت 15 مليون أورو للمغرب من أجل إطلاق حملة إعلامية وحملات على المنتديات الاجتماعية بهدف ضرب استقرار بلدان الساحل"، زاعما وجود "محور" مكون من الإمارات والمغرب وإسرائيل يعمل على إطلاق "حملة" تستهدف دولتي مالي والنيجر "لتسويق فكرة أن الجزائر تمول ضرب استقرارهما"، متعهدة أن هذا التمويل "لن ينجح أبدا، لأن الجزائر بلد ناشر للسلام".
البحث عن تبرير الفشل
كثيرا ما تحاول الجزائر تصريف "فشلها" الدبلوماسي عبر قنوات خارجية، وهذه المرة اختارت الإمارات، لسببين رئيسيين، الأول هو إيجاد "تبرير منطقي" لفشل ميليشيات جبهة "البوليساريو" الانفصالية في تجاوز الحزام الأمني المغربي في الصحراء، على الرغم من إعلانها "الحرب" منذ 13 نونبر 2020 تاريخ استعادة الجيش المغربي السيذرة على معبر "الكركارات"، ثم الضربة القوية التي تلقتها سُمعتها الدبلوماسية والاقتصادية نتيجة فشلها في الانضمام إلى مجموعة "البريكس".
وتتهم وسائل الإعلام الجزائرية الإمارات، التي تتوفر على قنصلية عامة بمدينة العيون، ب"تسليح" المغرب لضمان تفوقه العسكري في الصحراء، إلى جانب الدعم الدبلوماسي خصوصا داخل أروقة الأمم المتحدة، لدرجة أن صحيفة "الشروق" المقربة بدورها من السلطة الحاكمة في الجزائر، نشرت بتاريخ 28 غشت 2023، مزاعم نسبتها إلى "مصادر دبلوماسية أجنبية"، مفادها أن ملحق الدفاع في سفارة الإمارات بالجزائر، "صرح لأحد الدبلوماسيين، في حضرة نظرائه الأوروبيين، أنه في حال نشوب حرب بين الجزائر والمغرب، فإن بلاده ستقف بكل إمكاناتها مع المملكة العلوية"، وفق تعبيرها.
وتتهم الجزائر الإمارات أيضا بضرب مصالحها والوقوف وراء عدم قبول ترشيحها للانضمام إلى "البريكس"، على الرغم من أن أبو ظبي بدورها كانت مرشحة جديدة وقُبلت عضويتها رفقة 6 دول أخرى، وفي أكتوبر الماضي ألغى الجيش الجزائري بث مقابلة للرئيس تبون مع وسائل الإعلام، وصف فيها الإمارات بأنها "الشيطان نفسه" بسبب وقوفها المفترض ضد انضمام بلاده إلى المجموعة، وفق ما كشف عنه موقع Algérie Part.
لا نتائج لدبلوماسية البروتوكولات
على أرض الواقع، لم يثبت أن الجزائر قدمت لعبد الفتاح البرهان أي دعم مالي أو عسكري أو لوجيستي في مواجهته ضد القوات التي يقودها غريمه "حميدتي"، ومن المستبعد، حتى لو أرادت ذلك، أن تستطيع مواكبة "الدعم المفترض" الذي يقدمه الإماراتيون لهذا الأخير، وبالتالي فإن الورقة التي تلعبها حاليا هي عضويتها (غير الدائمة) في مجلس الأمن، التي تسوقها على أنها دليل على "تأثيرها" الدبلوماسي، إلى جانب تحركات أخرى منتظرة داخل الاتحاد الإفريقي أساسا.
ولا تخرج الجزائر بذلك عن نطاق "المكايدة الشفوية"، لأن تأثيرها داخل أروقة الأمم المتحدة غائب، وهو ما اتضح مثلا في أواخر أكتوبر الماضي عندما فشلت مرة أخرى في استصدار قرار لمجلس الأمن حول ملف الصحراء، يستبعد الإشادة بمقترح الحكم الذاتي المغربي، أو يضعها بشكل صريح خارج قائمة أطراف النزاع، ثم فشلت في 10 يناير الجاري، تزامنا مع بداية عضويتها في مجلس الأمن، في التأثير على مسار اعتماد القرار رقم 2722، الذي يدين الهجمات التي شنها "الحوثيون" في اليمن، على السفن التجارية وسفن النقل في البحر الأحمر ويطالب بالوقف الفوري لجميع هذه الهجمات.
وتظل تحركات الجزائر الدبلوماسية، داخل نطاق سياسة "المُكايدة"، شكلية وغير مُثمرة حتى في القضايا العربية، مثلما حدث في يوليوز من سنة 2022، في سياق الصدام العلني مع المغرب والهجوم عليه بسبب إعادة علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل، حين جمع تبون رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، على هامش مشاركتهما في احتفالات الذكرى الستين لاستقلال البلاد، وذلك تحت عنوان براق وهو "المصالحة الفلسطينية".
وعمليا، لم يقدم هذا اللقاء ولم يؤخر، لدرجة أن منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة فتح، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التركية "الأناضول"، وصفه بأنه اجتماع "شكلي ولم يتم التطرق خلاله للملف الفلسطيني الداخلي"، مضيفا "لم يتم الحديث حول أي شيء خلال اللقاء له علاقة بملف المصالحة، أو الوضع الفلسطيني الداخلي"، أما مصدر من "حماس" فقال للمنبر نفسه إن الأمر يتعلق ب"لقاء بروتوكولي، جاء بطلب خاص من الرئيس الجزائري"، وتابع "لم يترتب على اللقاء أي نتائج، وليس له أي امتدادات أو تداعيات".
مسلسل من الفشل الدبلوماسي
المثير للانتباه، هو أن الجزائر عجلت بتوجيه بوصلتها إلى السودان، بينما لا زالت غارقة في وحل الفشل الدبلوماسي في منطقة الساحل، إذ أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي، بقيادة رئيسه أسيمي غويتا، الأسبوع الماضي، إنهاء "اتفاق السلام والمصالحة" لسنة 2015، الذي ترعاه الجزائر، بسبب استقبال تبون لقياديين في مجموعات انفصالية وميليشيات مسلحة، ووصفت باماكو ذلك بأنه يدخل في إطار "الأعمال غير الودية والوقائع التي تنم عن العداء والتدخل في الشؤون الداخلية للبلد".
وتحدثت مالي أيضا عن "استقبال عناصر تخريبية مالية ومواطنين مطلوبين للعدالة المالية بتهم الإرهاب، على أعلى مستوى في الدولة الجزائرية دون تشاور أو إخطار مسبق"، واحتضان الأراضي الجزائرية لمكاتب تمثيلية لبعض المجموعات الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة بمالي، المنبثق عن مسلسل الجزائر، والتي أصبحت اليوم "ضمن الحركات الإرهابية"، وأوردت الحكومة الانتقالية أنه "يساورها الفضول لمعرفة كيف سيكون شعور السلطات الجزائرية لو استقبلت مالي، على أعلى مستوى في هرم الدولة، ممثلين عن حركة تقرير مصير منطقة القبائل".
هو مسار دبلوماسي، اتسم، حسب التوصيف الرسمي للماليين ب"الازدراء والاستعلاء" من لدن الجزائر، ما أفضى إلى فشل ذريع، لكن باماكو كانت مع ذلك أطول نفسا من نيامي، التي عجلت، في أكتوبر من سنة 2023، بنفي مزاعم بثتها الجزائر بشكل رسمي، مفادها أن النيجر قبلت الوساطة التي عرضها الرئيس تبون، موردة "حتى قبل أي استنتاجات رسمية حول نتائج هذا الاجتماع، فوجئت وزارة الخارجية والتعاون وشؤون النيجيريين في الخارج، بتصريحات الحكومة الجزائرية التي ذكر فيها أن النيجر قبلت الوساطة التي عرضت على الجيش فترة انتقالية مدتها ستة أشهر".
وأوردت الخارجية النيجيرية حينها أن "مدة الفترة الانتقالية لا يحددها إلا منتدى وطني شامل"، وتابعت أن السلطات الانتقالية "أعربت عن استعدادها لدراسة عرض الجزائر للوساطة، ولم توافق عليه"، ما دفع الخارجية الجزائرية إلى إصدار بيان تعلن فيه "إرجاء الشروع في المشاورات التحضيرية المزمع القيام بها إلى حين الحصول على التوضيحات التي تراها ضرورية بشأن تفعيل الوساطة"، في خطوة كانت محرجة جدا لقصر المرادية.
مقارنة بين دبلوماسية الجارين
تحرُكات الجزائر في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، محكومة أساسا بالبحث عن موطئ قدم وسط فضاءين إقليميين استطاعت الرباط فيهما كسب العديد من النقاط، من خلال ضمان اعتراف مجموعة من دول المنطقة بالسيادة المغربية على الصحراء، إلى جانب المصالح الاقتصادية المتنامية التي أصبحت تجمع بين الرباط وعدة عواصم إفريقيا، على غرار خط الغاز نيجيريا – المغرب، وتحول المملكة إلى أكبر مستثمر إفريقي في موريتانيا، وإتاحتها المجال لدول الساحل للوصول إلى المحيط الأطلسي.
لكن دبلوماسية المغرب، بما فيها أدوار الوساطة، ترتكز أساسا على "عدم التدخل في الشؤون الداخلية"، وعلى أن تكون الحلول صادرة من أبناء البلد المعني، وفق ما تشدد عليه خارجية الرباط في العديد من الأحيان، وهو ما ينسحب على الشأن السوداني أيضا، وقد جرى التعبير عنه في 19 دجنبر الماضي، حين التقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، في مراكش، مع وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية السودانية، علي الصادق.
وتحدث بوريطة حينها عن "المواقف الثابتة للمملكة الداعمة للوحدة الترابية لدولة السودان وسيادتها الشرعية، ونهج الحوار كأساس لحل الأزمة التي تشهدها البلاد"، وأضاف أن "الملك محمد السادس له ثقة كاملة في قدرة السودانيين على إيجاد الحلول التي تغلب مصلحتهم الوطنية على كل الاعتبارات، مبرزا أن أن المغرب من الدول التي رحبت بحوار جدة وبالحوارات الأخرى، كما عبر عن الأمل الكبير في أن هذه الحوارات "يمكن أن تفضي إلى نتائج تعيد التهدئة والاستقرار والطمأنينة إلى السودان وشعبها"، وأضاف أن "المملكة المغربية، ومن منطلق علاقاتها الإنسانية القوية مع السودان، مستعدة للقيام بكل ما يمكن لمساعدة هذا البلد الشقيق حتى يستعيد استقراره ووحدته الوطنية".
هذا المسار الدبلوماسي، الذي تنهجه الرباط، والذي يُلغي الجزائر من المعادلة، ولا يستحضر، ظاهريا على الأقل، الأزمة الثنائية بين البلدين، هو نفسه ما جعل المغرب مسرحا للعديد من جولات الحوار بين الأطراف الليبية، في الصخيرات وطنجة وبوزنيقة، مع الحرص على عدم تخطي "سيادة الدول"، وهو ما عبر عنه، في نونبر الماضي، بوريطة، في لقاء مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي حين أورد أن المغرب "يؤكد على الدوام أن تسوية الأزمة الليبية لن تتأتى من الخارج، بل ينبغي أن تنبع من الليبيين أنفسهم، وهذا ما جعله يكسب مصداقية لدى الفرقاء الليبيين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.