1. الرئيسية 2. تكنولوجيا "جيتكس أفريقيا".. شركات مغربية ناشئة تُسخر الذكاء الاصطناعي والرقمنة لتطبيب المغاربة وتُطالب الحكومة بتعبيد الطريق للمستثمرين تنزيلا لورش تعميم الحماية الاجتماعية خولة اجعيفري من مراكش الأحد 4 يونيو 2023 - 9:00 نجح "جيتكس" أفريقيا في استقطاب 100 شركة ناشئة مغربية، وقفت على ناصية الحُلم بأمل كبير وطموح أكبر في أن تخطف أنظار المستثمرين وزوار أكبر معرض للتكنولوجيا في العالم من أبناء الوطن وخارج أسواره، وبالفعل نجح مُعظمها في خلق الاستثناء وخطف الأضواء من بين 900 عارض من 100 دول حول العالم، بمن فيهم 232 عارض مغربي على مساحة قُدّرت ب 350 متر مربع تضم جميع الوزارات والقطاعات الحكومية والشركات والوكالات المغربية التي تعرض خدماتها الرقمية. ويكاد يوحى لزائر "جيتكس" أفريقيا الذي نُظم لأول مرة منذ ما يناهز 42 سنة خارج موطنه الأصلي دبي، أن المكان المخصص للشركات الناشئة في قلب المعرض الرقمي الدولي هُيكل على شاكلة خلية نحل، فالحركة لا تتوقف بحضور 400 مقاولة وشركة ناشئة 30 في المائة منها مغربية، تمكّنت من الاستحواذ على حصة الأسد من انتباه الزوار والمقاولين ورجالات الأعمال والمستثمرين من كل دول العالم، وهي المنتمية لمختلف القطاعات بين التجارة الإلكترونية والتعليم والصحة وتنظيم الأعراس والحفلات وغيرها. الرقمنة الطبية ترفع سقف طموح المغاربة وغير بعيد عن المكان المُخصص للشركات الناشئة في مجال التجارة الإلكترونية، أسرت الناظر جموع زوار المعرض التي تسعى لتلقّف المعلومات الطبية من المنصة المُخصصة للشركات الناشئة المُنتمية لقطاع الصحة، والتعرف على الخدمات التي يقدّمونها لتسهيل التطبيب والحق في الصحة بأريحية تامة. وتقول حليمة الموساوي الإطار البنكي بمراكش، والتي قدمت للتعرف على خبايا هذا المعرض الدولي في شقه المرتبط بعملها، إنها منبهرة بالمستوى الذي تقدمه الشركات الحاضرة بما فيها الشركات المغربية التي تعرف مسبقا بعضها أو تلك التي تتعرّف إليها لأول مرة على غرار الشركات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي في رقمنة الصحة. الموساوي التي التقتها "الصحيفة"، على مقربة من منصة الشركات الناشئة في مجال الصحة، قالت إنها قدمت للتعرف على الشركات الأجنبية في مجال الاقتصاد الرقمي، بيد أنها وجدت نفسها أمام هذه الشركات للتعرف على عملها وما تقوم به وكيف أنها تعمل على خدمة المواطن وتوفير المعلومة له، وكذا تسهيل مأمورية التواصل مع الطبيب وغيره، الأمر الذي دفعها مُباشرة إلى تحميل تطبيقات عدد منها للاستفادة من كل خدماتها، مؤكدة أنها ستوصي مقربيها بذلك، ولم تتدّخر جهدا في دعمهم. طبيب في الهاتف خير من ألف في قاعة الانتظار نفس موقف السيدة الأربعينية، لاحظته "الصحيفة" في أعين الزائرين، وهي تتجول بين أروقة الشركات الناشئة في القطاع الصحي التي تمكّنت على وجه الخصوص من جذب عدد هائل من زوار المعرض، ولربّما الأمر مرتبط ليس فقط بما تقدمه من خدمات لكن لتواجد بعض نجوم مواقع التواصل الاجتماعي في القطاع الطبي بالمعرض، على غرار الطبيب الجراح أيمن بوبوح ذو الشعبية في المجال والذي تعرف إليه المغاربة في بادئ الأمر بفضل جائحة كورونا، قبل أن يُقرر خلق منصته الخاصة لاستثمار شعبيته في تقديم المعلومة الطبية. بوبوح وفي تصريح ل "الصحيفة"، قال إن حضورهم كشركة ناشئة في معرض "جيتكس" أفريقيا، مهم جدا لاعتبارات عدّة أولها أنها تتيح لهم ملاقاة المستثمرين ورؤوس الأموال، إلى جانب الحكومة، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش وعدد من المسؤولين الحكوميين بادروا إلى زيارتهم للتعرّف على منصة "شفاء" التي أنشأها وأبدوا إعجابهم بها. وأكد الطبيب الجراح، أن زوار المعرض والمستثمرين أبدوا اهتماما كبيرا لم يتوقعه بفكرة الشركة، كما أن منصته خلال المعرض تمكنت من تبادل الخبرات مع شركات ناشئة أخرى مكمّلة لما يفعله، وتم التشبيك مع كفاءات ومتخصصين. وفي حديثه عن منصة "شفاء" وهو المشروع الخاص بشركته الناشئة، قال بوبوح إن رقمنة الصحة باتت ضرورة ملحّة على الرغم من كل المعيقات والتحديات المتواجدة في السوق المغربي خلافا لدول أخرى على غرار الإمارات العربية المتحدة أو السعودية ودول الشرق الأوسط والدول الغربية عموما، موردا في الآن ذاته، أن المغرب بدأ يخطو خطواته الأكيدة في إطار رقمنة كل شيء بما فيه قطاع الصحة. وزاد المتحدث بالقول موضحا: "منصة شفاء هي بالفعل تقدم خدمات رقمية صحية، ونملك قاعدة جماهيرية كبيرة جدا تزور المنصة لمعرفة المعلومة الصحية والاطلاع على آخر المستجدات.. لكن مستقبلا نطمح لتقديم الكثير من الخدمات الرقمية لضمان استفادة كل القاعدة الجماهيرية الكبيرة". وبخصوص مدى إقبال المستثمرين الأجانب على منصة "شفاء"، قال بوبوح، إنه يوجد عمل دؤوب من طرف منصتهم على جذبهم، موردا: "نحن من نبحث عنهم ونعرض خدماتنا، وبالفعل يوجد إقبال من طرف المستثمرين على كل الأفكار الإبداعية والمسوقة بشكل جيد والتي جاء وقتها وتهمهم". لا تعميم للتغطية الصحية بدون رقمنة للقطاع ووفق ما لمسته "الصحيفة" لدى مُعظم الشركات الناشئة الناشطة في مجال الصحة على هامش المعرض التكنولوجي الدولي، فإن رهانها مرتبط بورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلقه عاهل البلاد الملك محمد السادس في 2021، بحيث أكد كل من التقاهم الموقع من العارضين أن المرحلة تتطلب تضافر الجهود لتثمين هذا الورش وتنزيله في أحسن الظروف، بما فيها تمكين الشركات الناشئة في مجال الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة وتسخير الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، (تمكينهم) من الدعم بكل أنواعه، والعمل معهم وفق شراكات مبنية على الاحترام المتبادل لمجالات الاشتغال. وفي هذا الصدد يشرح عبد الكريم ساعد، مؤسس الشركة الناشئة الراعية لمنصة "دكتوري"، أنه يعمل على تطوير الخدمات الصحية منذ 2018 التي شهدت أول خدمة وفرتها المنصة للعموم هي معلومات الاتصال بأكثر من 400 طبيب من مختلف التخصصات سواء الأرقام أو الايميلات وحتى مواقع المشافي والعيادات، وحظيت بتفاعل من الزوار بلغ 4 مليون زائر وقتها. وأشار ساعد في حديثه ل "الصحيفة"، إلى أن فترة "كوفيد19" كان لها دور كبير في تقريب المواطنين أكثر من الرقمنة وادخار جهد سنوات كان من المفترض أن تبذله الحكومة في تنزيل ذلك، الأمر الذي دفع القائمين على المنصة إلى تطوير خدمة جديدة في 2020، تقوم على أخد مواعيد مع الأطباء وكذا الشخيص عن بعد في ظل إغلاق العيادات والحجر الصحي، كما وفرت المنصة وقتها خدمة الدفع رقميا وكذا الحفاظ على المعطيات الشخصية للمرضى. وبعد "كوفيد19"، استمرت المنصة في مسار تطوير خدماتها بعد رفع الحجر الصحي، خاصة وأن زوار المنصة ومستعمليها ارتفعوا إلى 7000 زائر في اليوم، من خلال عقد شراكات مع الأطباء تُمكنهم من رقمنة خدماتهم سواء أخد المواعيد أو توفير الملف الطبي وغيرهم. وشدّد عبد الكبير على أن ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلقه عاهل البلاد، يراهن كثيرا على رقمنة متطورة للقطاع، الأمر الذي سيضع من الشركات الناشئة الناشطة فيه في قلب هذا التحدي الذي بات مشروع دولة. وفي هذا الإطار، عقدت الشركة الناشئة المذكورة شراكة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من أجل مواكبة هذا الورش الملكي وتطوير التواصل الرقمي بين مستعملي المنصة والأطباء من جهة، وكذا المؤسسة من جهة ثانية من خلال توفير الملف الطبي للمنخرطين بشكل مباشر ودون حاجة تنقل المواطنين. وأكد المتحدث، أن هذه الخدمة هي واحدة فقط من الخدمات التي سيتم تطويرها والمأسسة لها في المنصة على حد تعبيره، مشيرا إلى أن الهدف العام للمنصة عدا ما هو ربحي هو مواكبة المريض من مختلف مراحل العلاج ابتداء من أخد الموعد ووصولا إلى التشخيص والدواء ثم التحليلات والتغطية، فالغرض عموما هو ربح الوقت وألا يهدر المريض وقته وجهده في كل هذا المسار، وهذه رؤيتنا أن نوفر الرعاية الطبية للمغاربة من خلال استغلال الإمكانيات الرقمية. ويرى عبد الكبير أن "جيتكس" إفريقيا، مناسبة تعرف خلالها الزوار المستثمرون والمغاربة ورواد الأعمال خلال ثلاثة أيام على المنصة التي تطورت بإمكانياتها الخاصة وحقّقت كل هذا، فيما الرؤية والرغبة في التطوير والأهداف المرصوصة أكبر في هذا القطاع، موردا: "مشروعنا كبير جدا وهام ويصبو المنفعة العامة، ومن المؤكد لن نحقق جميع أهدافنا وفق الإمكانيات المتاحة لدينا حاليا، لكن إذا تدخل المستثمرين والفاعلون سنفعل أمورا أكبر بكثير". الذكاء الاصطناعي في خدمة الرقمنة الطبية وعلى غرار العطار هشام طبيب التشريح المرضي، ومؤسس لمنصة "داتا باتالوجي" التي استفادت بدورها من الدعم الحكومي للمشاركة في المعرض التكنولوجي الذي احتضنته مراكش، على غرار ال 100 شركة ناشئة التي وقع عليها اختيار اللجنة الوطنية للمشاركة في المعرض، اعتبر أن المعرض مناسبة لتقريب المواطنين من منصاتهم وأيضا من تخصص التشريح المرضي الذي يصبو تشخيص الأمراض بالمجهر من خلال أخد عينة والخروج بتقرير يبين هل الورم حميد أو خبيث. ومن منطلق النقص الحاد المُسجل على مستوى هذا التخصص ليس فقط على مستوى المغرب لكن أيضا قاريا، جرى تأسيس هذه المنصة التابعة للشركة الناشئة، خاصة وأن المواطنون يواجهون تأخيرا في التشخيص، وبالتالي العلاج ما يفاقم من وضعيتهم. وتعمل المنصة التي تشتغل منذ ثلاث سنوات فقط، على رقمنة صورة التحليلات المخبرية ويتم تقاسمها بين الأطباء من كدا بلد لتقريب التشخيص، وكذلك تسخير الذكاء الاصطناعي لتسهيل مأمورية التشخيص وتسريعها وبطريقة أفضل بتأطير من الأطباء والمتخصصين. المنصة التي أسس لها طبيب التشريح الطبي، إلى جانب مختص في الرقمنة والاتصالات، قلمت وفي غضون الثلاث سنوات الأخيرة بافتتاح أول مختبر رقمي بجيبوتي، فيما من المرتقب أن تفتح ثان بالسنغال وكينشاسا قريبا. ويجزم المتحدث، بأن حضوره في "جيتكس" مناسبة هامة لإقناع المستثمرين المغاربة والأجانب وكدا القطاعات الحكومية المعنية، بضرورة العمل معا ووضع اليد في اليد من أجل رقمنة القطاع الصحي والنهوض به تفعيلا لمضامين الخطابات الملكية الساعية لتحقيق دول اجتماعية تحظى بحماية صحية كاملة. واعتبرالعطار في تصريح ل "الصحيفة"، أنه بات من الضروري جدا وأكثر من أي وقت مضى تسريع الرقمنة إجباريا، على اعتبار أن تعميم التغطية الصحية ورش مهم جدا، وتُستهل مهامه من الملف الطبي مرورا من التحاليل المخبرية والطبية، ووصولا إلى التشخيص بالتشريح المرضي. ولتحقيق كل ذلك، طالب المتحدث الحكومة بالعمل على تسهيل الاستثمار الأجنبي في المغرب من خلال توفير مناخ ملائم، وكذا تمكين الشركات الناشئة من التقدم للصفقات العمومية وعقد شراكات مع القطاعات الخاصة، مشيرا إلى أن كل هذا سير في منحى دعم التنمية في المغرب والتطوير وتحقيق الربح ليس فقط للشركات الناشئة لكن أيضا لخزينة الدولة.