بقلم / التجاني بولعوالي – مدير ورئيس تحرير جريدة كرت يمكن اعتبار حدث صدور أول جريدة ورقية بمدينة الدريوش حدثا تاريخيا بامتياز، ما دام أن مثل هذه الفكرة تكاد غائبة عن أذهان أغلب المثقفين بالمنطقة، ليس لأن تحقيق هذا المبتغى الإعلامي والثقافي من الأمور المستحيلة، وإنما لأنه ثمة من يرى في ذلك رهانا خاسرا منذ البداية، قد لا يجنى منه أي ربح مادي أو نتيجة مرضية، لا سيما وأن مسألة إصدار جريدة، تقتضي العديد من التضحيات والجهود المادية والمعنوية، التي لا طائل من ورائها، ما عدا إغناء المشهد الثقافي المحلي، وتنوير مختلف شرائح الرأي العام بالمنطقة. من هذا المنطلق، رغم إدراكنا العميق لهذه الوضعية، التي تجعل من فكرة إصدار جريدة ورقية مغامرة محفوفة بالمخاطر، ومفتوحة على المجهول... فإننا عقدنا العزم على امتطاء صهوة هذه المغامرة الإعلامية، فقررنا إصدار أول جريدة ورقية من مدينة الدريوش، بل ومن منطقة الريف الأوسط، تنطلق نحو ما جاورها من مدن الريف الكبير وقراه، وهي تأخذ بعين الاعتبار الشأن المحلي المطالسي والريفي، وقد اخترنا لها اسم (كرت)، وتتحدد أهم البواعث على طرح هذا المشروع الإعلامي في العناصر الآتية: سد الفراغ الإعلامي: الذي يرين على منطقة امطالسة وما جاورها من مناطق الريف الأوسط، وهي مناطق تقطنها أكثر من 350 ألف نسمة، ولا تملك ولو منبرا إعلاميا ورقيا واحدا! في حين تتكدس العشرات من الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية في كل من مدينتي الحسيمة والناظور، وقلما يمنح هامش لهذه المنطقة في تلك المنابر الإعلامية. رد الاعتبار للمثقفين المنحدرين من قبائل امطالسة والريف: لأنه عندما يتعلق الأمر بامطالسة خاصة، نجد أن ثمة من الناس من يزعم أن المطالسيين ليس فيهم المثقفين ولا الكتاب ولا المناضلين، وهذا غير صحيح، لأن امطالسة مثلها مثل باقي قبائل ومناطق الريف المجاورة لها، تنشط فيها الكثير من الفعاليات، وتمتلك العديد من الطاقات، إلا أنها تعمل في عزلة وقطيعة عن بعضها البعض، في غياب أي تنسيق أو تعاون، لذلك فإن جريدة كرت، سوف تعمل على تجاوز هذا الخلل، عن طريق الاهتمام بمختلف الأنشطة الثقافية والرياضية والتعليمية والاجتماعية وغيرها، التي يقوم بها المثقفون المطالسيون والريفيون داخل المنطقة، أو خارجها، في بعض المدن المغربية أو الدول الأوروبية التي استقروا فيها، وهذا نفسه ما ينطبق كذلك على المناطق الريفية المجاورة، التي تعاني من المشكل نفسه، وسوف تخصها الجريدة بكامل العناية والاهتمام، دون أي تمييز أو إقصاء. إحياء تاريخ المنطقة: يبدو أن الكثيرين يزعمون أن امطالسة لا تاريخ لها، أو أن تاريخها كان مليئا بالصراعات الدموية والنزاعات القبلية، وهذا غير صحيح! فامطالسة لها تاريخ كما لغيرها من القبائل تاريخ، وسوف تخص الجريدة تاريخ امطالسة والقبائل الريفية المجاورة بدراسات علمية موثقة، تنشر عبر حلقات في أعداد الجريدة، لتنوير الرأي العام المحلي حول تاريخه، الذي يجهل حقيقته. تحفيز المجتمع المدني: سوف تعمل الجريدة على تشجيع مؤسسات المجتمع المدني وجمعياته، للمشاركة البناءة في تنمية المحيط الذي تنتظم فيه، عبر مختلف الأنشطة والمشاريع الثقافية والرياضية والتعليمية والاجتماعية والبيئية... كما أنها سوف تخصص صفحات للتعريف بمختلف الجمعيات الثقافية المطالسية والريفية، ونشر بياناتها وبلاغاتها وإعلاناتها. الانفتاح على مختلف مؤسسات الدولة الرسمية: كالجماعات والبلديات والعمالة ومصالح الأمن والقضاء والتعليم والثقافة وغيرها، وتعقد معها شراكات، تقوم الجريدة بموجبها بنشر إعلاناتها وبياناتها، على أن تتلقى بعض الخدمات مقابل ذلك، كصلاحية حضور الاجتماعات، والاستفادة من بعض المنح وغير ذلك. تشجيع الكفاءات المحلية: سوف تسعى الجريدة حثيثا إلى تحفيز الكفاءات على اختلاف توجهاتها الفكرية واهتماماتها الثقافية، على الإسهام في الشأن الثقافي المحلي، كل حسب إمكاناته، وكل انطلاقا من الموقع الذي يوجد فيه، وسوف يتأتى من خلال ذلك لا محالة، رد الاعتبار لتاريخ المنطقة وثقافتها وتقاليدها ولغتها. فسح المجال للمرأة المحلية: سوف تمنح الجريدة هامشا مهما للمرأة المحلية، للتعبير عن آرائها تجاه مختلف القضايا ومستجدات الواقع، كما سوف تعمل الجريدة على نشر أخبار الأنشطة النسوية بالمنطقة. الاهتمام بالجالية المطالسية والريفية المقيمة بالخارج: وضعت الجريدة في مخططها الإعلامي فكرة إصدار مزدوج، على أن تصدر جريدة كرت في كل من المغرب وهولندا، وهذه فكرة في الحقيقة أولى من نوعها، تطرح لأول مرة، وتسعى من خلالها الجريدة إلى ربط المهاجر المغربي أكثر بوطنه الأب، وهي تشرع بين الداخل والخارج نافذة للتواصل، عن طريق تبادل الأخبار والمستجدات بين من في الوطن ومن في المهجر، فيطلع بذلك كل واحد منهما على وضعية الآخر، رغم أن المسافات متباعدة. خلاصة القول... هذه محاولة للإجابة عن السؤال المحوري، الذي تم اختياره عنوانا لهذه الافتتاحية، وهو: لماذا جريدة كرت؟ إذ تطرقت لأهم البواعث التي دفعتنا إلى إصدار هذه الجريدة الورقية، الأولى من نوعها في تاريخ المنطقة، التي سوف لا محالة لن تفلت، كما العادة، من قيل الناس وقالهم، غير أن ذلك لا يهمنا في شيء، ما دامت الرسالة التي نتجشمها، شريفة بدعوتها إلى الوحدة والتكافل، وردها لآفات التنابذ والتعصب والتباغض. هكذا، فإننا نتطلع إلى أن تكون جريدة كرت حقا شمسا تنير بنورها الرأي العام المحلي، المتعطش إلى معرفة تاريخه المطموس، واستيعاب هويته الحقيقية، وفهم الواقع الذي ينتظم فيه، بل ومعرفة ما يدور حوله، في الوقت الذي يحيط فيه علما بكل صغيرة وكبيرة تحصل في أقصى مكان من الكرة الأرضية! كما تجدر الإشارة إلى أن جريدة كرت تم تسجيلها قانونيا بالمملكة الهولندية، تحت الترقيم الدولي: ISSN: 1878 – 4232، في انتظار أن تسجل في المستقبل بصيغة قانونية في المملكة المغربية. وقد تم فتح مدونة رقمية تعريفية بالجريدة، لا سيما العدد التجريبي الأول، وأهم ما تضمنه من مواد ومقالات وإسهامات، وهي بمثابة الموقع الرسمي الإلكتروني المؤقت لجريدة كرت، ورابطها هو: http://kert.maktoobblog.com ترحب جريدة كرت بمساهمات ومشاركات الجميع، من إبداعات ومقالات وبحوث ودراسات، تسعى إلى خدمة الشأن المحلي المطالسي والريفي، داخل الوطن وخارجه. ويرجى مكاتبة الجريدة على العنوان الإلكتروني: [email protected]