الصحافي يوصل هاتف جلماد إلى شاعو وانطلاق المكالمات كيف تحول العميد محمد جلماد من موظف تابع للمديرية العامة للأمن الوطني، إلى معتقل متابع بجرائم تكوين عصابة إجرامية متخصصة في الاتجار الدولي في المخدرات والمشاركة والارشاء والارتشاء وإفشاء السر المهني؟ وما هي مسارات البحث التي قادت إلى إيقاف المعني بالأمر رفقة شريكيه؟ وكيف واجه العميد الدكتور التهم الموجهة إليه والأدلة التي استنبطتها الفرقة الوطنية من هاتف محمول خاص به؟ تلكم بعض الأسئلة التي كشفت علاقات عابرة وأخرى متينة بين أشخاص لا تربطهم ببعضهم زمالة المهنة، أو القرابة العائلية، بل سقطوا تباعا في شراك الاتصالات الهاتفية التي فضحت خبايا لم تكن معلنة، وجرت الجميع إلى السجن. تفاصيل القصة الكاملة لسقوط شبكة الناظور، تنشرها الصباح في حلقات مستعينة بمضامين التصريحات التي أدت إلى سقوط العميد. توجه الصحافي خباش يوم 3 ماي 2010 إلى الوكالة البنكية التي يديرها صديقه الجيراري، لمساعدته في الوصول إلى المسؤول الأمني لمنطقة الناظور، حتى يتسنى له تنفيذ ما أمره به شاعو، وبعد أن جالسه، ولكي يخفي حقيقة الأمر، فاتحه في الموضوع موهما إياه أن صديقه يعمل مترجما ويود التدخل لفائدة ابن عمه الموجود بالناظور، والذي يشتكي مضايقات من عناصر الشرطة بالمدينة نفسها. وبما أن الجيراري كان يعلم أنه سيجني أموالا من وراء أي تدخل للصحافي، فقد اتصل بأحد أصدقائه الذي يسير شركة سياحية وفاتحه في الموضوع سائلا إياه إن كان على معرفة بالمسؤولين الأمنيين بمدينة الناظور، فكان الجواب سريعا من الصديق، الذي لم يكن إلا المسمى إدريس حنيفة، إذ أخبره أنه بالفعل يعرف العميد الإقليمي محمد جلماد، رئيس المنطقة الأمنية لهذه المدينة. أثناء تصريحات مدير الوكالة البنكية حول علاقته بالمسمى إدريس حنيفة، أفاد أنه تعرف عليه سنة 2009، بمدينة مراكش بمناسبة سباق للسيارات، قبل أن يلتقيا من بعد بأحد المطاعم بمدينة الرباط، وبما أنهما يقطنان بالأخيرة، فقد تبادلا الأرقام الهاتفية لتنطلق بينهما علاقة صداقة، علم من خلالها الجيراري أن صديقه إدريس حنيفة ينسج علاقات مهمة مع المسؤولين الأمنيين نظرا لاشتغاله في مجال السياحة. وفي التصريحات نفسها المدونة في محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أوضح الجيراري أن الصحافي حميد خباش أكد له أن صديقه الذي يبحث عن متدخل لفائدة ابن عمه بالناظور مستعد لدفع مبالغ مالية مهمة، سواء له أو للشخص الذي يتدخل ويحل المشكل، مضيفا أنه كان في حاجة ملحة للمال، سيما أن زوجته في أواخر أيام حملها. التقى الجيراري في اليوم الموالي صديقه حنيفة حتى يشرف على تلبية طلب الصحافي، وأثناء ذلك مده بالاسم الكامل للمتدخل لفائدته الذي لم يكن إلا نجيب زعيمي، موضحا له أنه فلاح ويربي المواشي ويعاني مضايقات الشرطة. لم يتوان إدريس حنيفة بعد أن علم أنه سيتلقى عمولة عن هذا التدخل، في ربط الاتصال بالعميد جلماد أمام أنظار صديقه الجيراري، وروى له القصة كاملة ملتمسا منه التدخل لفائدة هذا الشخص واستقباله بمكتبه لمساعدته، ولم يمانع العميد في تقديم المساعدة، ولأجل ذلك مد إدريس حنيفة عبر الهاتف برقم هاتفي ليضعه رهن إشارة الشخص المتضرر للاتصال به، كما أخبره أنه سيكون في اليوم الموالي حوالي الساعة 11 صباحا بمقهى معروفة بالناظور وعلى المشتكي أن يأتي في تلك الساعة لملاقاته. عندما سمع العميد الاسم أدرك أن المعني بالأمر هو الشخص نفسه المبحوث عنه، ومن هذه النقطة بالذات ستنطلق مساءلة العميد جلماد، إذ في الوقت الذي أصر فيه على أنه استغل هذه الفرصة للإيقاع بالمبحوث عنه وجند في سبيل ذلك عناصر أمنية لتشديد الحراسة الثابتة، مبررا عدم استعانته بعناصر الشرطة القضائية لأنها معروفة من قبل تجار المخدرات، وأنه حرس على تطويق المعني بالأمر وإيقافه، وأنه أيضا لم يخبر مسؤوليه، سواء والي الأمن أو المديرية العامة للأمن الوطني إلا بعد يومين من ذلك، بموجب إرسالية، وبعد فشل إيقافه لنجيب زعيمي بسبب تخلفه عن حضور المواعد التي ضربها معه هاتفيا، لتنطلق مكالمات بين بارون المخدرات زعيمي والعميد، سيما أن الرقم الهاتفي للأخير أصبح في متناوله بعد أن تسلمه من البرلماني شاعو الذي تسلمه بدوره من الصحافي خباش صديق مدير الوكالة البنكية. المصطفى صفر