دأبت الأسر السوسية منذ قرون، على ممارسة طقوس وعادات ليلة 14/15 من رمضان، أهمها إقامة ليالي في الزوايا والمساجد، وتشجيع الأطفال على صيام يومهم الأول. مع مرور الوقت، بدأت هذه الطقوس تتلاشى، بحكم عوامل عديدة، أولها التلاقح بين العائلات خارج سوس، واندثار العائلة النواة، التي كانت تتكون من الجد والجدة والأب والأم والأبناء والأحفاد، وتقطن في منزل واحد. ومن بين هذه العادات التي لازالت بعض الأسر السوسية، تواضب على الاحتفال بها، صيام اليوم الأول لدى الأطفال ذكورا وإناثا، بحيث تختار أغلب الأسر يومي 15 و27 رمضان، للاحتفال بأبنائها، وهم يؤدون هذه الشعيرة الدينية. دجاج وكُحْل وحِناء في السحور قال حسن أخواض أستاذ باحث ومهتم التراث الأمازيغي، في اتصال هاتفي بموقع 2m.ma ، بأن الأسر السوسية تخص الطفل الذي ينوي صيام يومه الأول ليلة 15 من رمضان، بطقوس وعادات، أولها تهييئ أكلة شهية، تتكون أساسا من لحم الدجاج، وهناك بعض القبائل بسوس، تقوم بكحل عيني الطفل(ة)، بمسحوق « تازولت »، مع وضع قليل من الحناء وسط كفه. يحضى الطفل حسب الأستاذ أخواض في أول صيامه، والذي يوافق منتصف رمضان، باحترام جميع أفراد الأسرة، وتمتعه هذه الأخيرة برخصة استثنائية، فيتم إعفاؤه من جميع الاشغال المنزلية، حتى لايقوم بأي مجهود، وتوفر له جميع وسائل الراحة، ويحضى بتشجيع الجميع على اتمام الصيام، وتتم مراقبته لكي لايقع في نزوة أمام كوب ماء، أو قطعة من الحلوى في المطبخ، ويوضع تحت مراقبة ومجهر إحدى إخوته. الاستعداد للاحتفال بالزي التقليدي بمرور الساعات، يتواصل التشجيع، وتواصل الأسر السوسية دعمها النفسي لطفلها، وحتى لايحس بالملل، فقد تعمل بعض الأسر، وحسب الإمكانيات، على مرافقته للسوق، واقتناء لباس تقليدي جديد، القفطان للطفلة والجلباب أو السلهام أو الجبدور للطفل، ويكتمل هذا الباس بانتعال البلغة للذكور، والشربيل للإناث. تهيء مائدة منتصف رمضان حسب متحدثنا، وتوضع بها مأكولات شهية، وموازاة مع ذلك، فبعض الأسر بسوس، تعمد تخصيص مكان للطفل المحتفى به، ويقدم له الحساء المغربي "الحريرة"، ويوضع أمامه البيض، وبعض من المقبلات والمكسرات، وعصائر متنوعة. ملعقة العسل للإفطار بعد رفع ىذان مغرب يوم 15 من رمضان، وبعد التكبير ودعاء إفطار الصائم، يتناول الطفل ملعقة عسل، وبها ينهي صيام يومه الأول، وبعدها يتناول شق تمرة وكأس حليب، وسط زغاريد الإناث من أسرته، ويعم الفرح المائدة، لتتحول إلى طقس احتفالي. تقدم الأسرة للطفل الذي قاوم الجوع والعطش، وانتصر على يوم صومه، هدايا وهبات المالية، وعن المغزى من ذلك يقول متحدثنا: « ربما تريد الأسر السوسية هنا، تعزيز ثقافة التعليم بالنظير، ففي المائدة يحضر أطفال الأسرة، الذين لم يصلهم الصوم بعد، وقد يكون لهذه الطقوس التي يحضرونها أثر مهم، لثني أسرهم على الاحتفاء بهم بدورهم، كما أن هذه العادات وبالرغم من اندثارها في عدد من ربوع سوس، إلا أن القاسم المشترك بينها، هو خلق جو احتفالي في هذا الشهر الكريم.