يقدم موقع النخبة حلقات مستمرة من وحي كتاب "Pep Guardiola: Another Way of Winning" ، وهو كتاب من تأليف الصحفي الإسباني الشهير جيليم بالاج والذي تناول قضايا لم يعرف بها الإعلام من قبل حول حياة المدرب الكتلوني بيب غوارديولا ونجاحه الكبير في برشلونة ورحيله عنه. لن يكون هناك جدول معين لطرح الحلقات لأنني لا أريد خذلان الجمهور في يوم معين بسبب كثرة المشاغل المهنية، إلا أنني سأحرص على طرح حلقة أسبوعية على الأقل، كما سيكون بإمكانكم دوماً الوصول إلى أي حلقات جديدة من خلال الرابط التالي المخصص لأي مواد تخص تلخيص هذا الكتاب كما أن متابعتي على الفيسبوك وتويتر ستجعلك قادراً على المعرفة بأي مادة جديدة. الحلقة الثانية من هذه السلسلة نتوقف فيها مع مسألة تخص عقلية غوارديولا، ومن ثم سنذكر كلاما خطيراً خرج على لسانه، وسوف أشرح فيها معنى كلمة خطير. سر غوارديولا: من شاهد غوارديولا مع بايرن ميونخ ومن قبل مع برشلونة يلاحظ صعوبة مفاجأته في المباريات، وأن الفريق الوحيد الذي نجح فعلاً بلخبطة حساباته طوال مسيرته هو تشلسي فقط حيث واجهه 4 مرات في البارصا ولم ينتصر عليه أبداً متعادلاً 3 مرات وخاسراً مرة ، في حين واجهه في بايرن ميونخ فتعادل معه 2-2 قبل الفوز بركلات الترجيح وهو أمر سنفهم سببه في كتابه. غوارديولا كان يملك أثناء تدريبه لبرشلونة ما يقارب 24 شخصاً في فريقه الفني، لكنه رفض تماماً أن يقوم أي شخص بمهمة تحليل الخصوم قبل المباريات، وهو أمر لا يفعله أي من المدربين الكبار فهم ينتظرون دوماً تقريراً من مساعديهم وثم يبدون الرأي حوله، وحتى مورينيو في الإنتر كان أندري فيلاس بواس صاحب هذه المهمة ومن ثم يضع السبيشل وان لمساته الأخيرة. غوارديولا يرفض أن يقوم اي شخص بهذا العمل بدلاً منه من الألف إلى الياء، وبعد أن يحلل الخصم يقوم بوضع عشرات الاحتمالات الممكنة لسيناريوهات المباراة، ثم يضع ما سيفعله لو جرى هذا الأمر أو ذلك، لذلك كنا نشعر بأن تبديله العادي قد يأتي بنتيجة غريبة في بعض المباريات، فبيب لا يدخل المباراة وينتظر أحداثها، بل يتصورها ويقول عن ذلك "أجمل جزء في عملي هو تخيل المباراة، وضع عشرات السيناريوهات وكيف سأتعامل معها ولا أحب تدخل أحد في ذلك". إدارة برشلونة عرضت عليه تعيين خبراء مختصين في هذه المسألة فقط لتخفيف ضغط عمله لكنه رفض ذلك، فالمسألة بالنسبة له ليست مهنة بل هواية ولعبة يحب النجاح فيها، وهو أمر لا يقوم به أي من المدربين الأخرين حسب ما ذكر الكتاب وحسب ما هو مفهوم من الأجواء الاحترافية، وربما هذا يجعلني أفهم مقالاً كتبته في الماضي عام 2011 وكان عنوانه "وقفة : غوارديولا يتحكم ببرشلونة كأحجار على لوحة فسيفساء". مثل هذا العمل الكبير على توقع ما سيجري مسألة ليست سهلة بل مرهقة ومستهلكة للوقت، لكن نتائجها تظهر في الإنجازات كما يبدو حتى الآن، ولكن السؤال الذي يقلقني الآن "هل يستطيع جوارديولا الاستمرار هكذا في المستقبل مع تقدمه بالعمر؟". أختم كلام هذا الجزء عن تشلسي، وأعتقد أنه الوحيد الذي خلق عقدة لجوارديولا لأن كل لاعب من لاعبيه مصمم على عشرات الاحتمالات، فأنت لا تعرف راميريس سيلعب متأخراً أم سيتقدم، لا تعرف ايفانوفيتش قلب دفاع أم ظهير أيمن، وكثرة تنوع هذا الفريق مع جودة مدافعيه الكبيرة تجعل ميزان المفاجآت متعادلاً للغاية. توريس ضد برشلونة الكلام الخطير: هناك جملة قالها غوارديولا لأحد أصدقائه الصحفيين جعلتني أعيدها وأزعج بها كل زملائي في المكتب وهي "قبل المباراة، أضع حلاً لكل مشكلة، وأحاول أن يكون الحل مثالياً لكن يأتي لاعب من فريقي بحل أفضل بكثير من الحلول الذي وضعتها، رغم أن فريقي ينتصر فأنا أعتبر المسألة هزيمة شخصية صغيرة لي، لقد توجب علي أن آتي بهذا الحل أنا وليس اللاعب". مغرور؟ ... هذه أول كلمة سمعتها من أحد زملائي ! جنون عظمة ! .. كلمة أخرى لامست أسمعي! تحدٍ للذات ورغبة بالتطور الدائم، هذا ما أفهمه من كلام جوارديولا، لو كان مغروراً لعاقب اللاعب على عدم تطبيق أفكاره وخروجه عن النص، ولو كان مجنوناً بالعظمة لادعى أنه صاحب الفكرة، لكن الحقيقة أنه شخص يرغب بأن يكون الأفضل وهذا ليس عيباً، يريد أن يتفوق على نفسه كل مرة وعلى أفضل اللاعبين في العالم، فبهذا فقط تضمن أنك قادر على النجاح والتفوق على أي خصم كان. برشلونة يملك أفضل اللاعبين في العالم وأن تستطيع التفوق على أفكارهم فهذا يعني أنك ستتفوق بسهولة على الخصوم، أن تجعل مهمتك الإتيان بحلول أفضل مما يأتي به ليونيل ميسي وتشافي وانيستا فهذا تحدٍ عظيم، وأن تنجح بذلك فتلك المعجزة الكاملة ولو فشلت فتأكد أنك تطورت لأنك قمت بأكبر تحدٍ ممكن.