لم يكن قرار المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو المدير الفني لريال مدريد الإسباني باستبعاد القائد والحارس المخضرم إيكر كاسياس من المشاركة كأساسي في مباراة ملقا صادما لجماهير الميرينغي فحسب، وإنما لرئيس النادي ولزملائه بالفريق ايضا. فالحارس العملاق، الذي يرجع له فضل كبير في تتويج منتخب بلاده بيورو 2008 و2012 وبينهما مونديال 2010 بجانب إنجازاته العديدة مع الريال، جلس للمرة الأولى منذ 10 أعوام على مقاعد البدلاء في مباراة في غاية الأهمية والحساسية أمام فريق قوي وواعد بمعقله في الأندلس، التي سقط بها العملاق المدريدي للمرة الثالثة هذا الموسم في الليغا بعد إخفاقين في زيارتين لإشبيلية وبيتيس. وبرر مورينيو قراره بأنه “فني بحت”، لأن الحارس البديل أنطونيو أدان كان “أكثر جاهزية” من كاسياس، فيما لم يقتنع المشجعون ولا وسائل الاعلام بهذا التبرير، ليتيقنوا من وجود خلاف عميق بين المدرب وقائد فريقه طالما تحدثت عنه الصحف قبل شهور، لكنهم كانوا يضعونه في خندق الشائعات حتى تبين العكس. وباتت قضية “عقاب القديس” موضوع الساعة في إسبانيا، حتى طغت أخبارها على هزيمة الريال وانفراد غريمه برشلونة بالصدارة بفارق 16 نقطة كاملة في نهاية العام. صدمة القرار تمثلت في أنه جاء دون مقدمات، تماما كما حدث مع سرخيو راموس، القائد الثاني للريال وصخرة دفاعه، أمام مانشستر سيتي الإنكليزي في افتتاح دور المجموعات ببطولة دوري أبطال أوروبا بسبب انتقاده لتصريح من (المدرب الأوحد) قال فيه أنه “لا يملك فريقا” بعد الخسارة من إشبيلية. واعتبر مورينيو استبعاد راموس في تلك المباراة قرارا فنيا أيضا، كما أكد حينها أن الفرنسي الصاعد رافائيل فاران كان أفضل جاهزية من راموس، وهو ما كرره في المقارنة بين كاسياس وأدان. ودفاعا عن كاسياس، وضع راموس نفسه في نفس الموقف مجددا، حيث قال في تصريحات صحفية عقب الهزيمة “قرار استبعاد كاسياس كان صادما لنا جميعا، فهو قائد الفريق وسيظل كذلك، غيابه عن الملعب كان مفاجأة لأنه أمر غير معتاد، فهو قطعة أساسية بالفريق”. وحمل هذا التصريح انتقادا ضمنيا لمورينيو، وهو ما قد يعاقب عليه مستقبلا كما حدث في السابق. الصدمة أيضا كانت ثقيلة على رئيس النادي فلورنتينو بيريز الذي يحاول تهدئة الأجواء المتوترة بالقلعة البيضاء في الآونة الأخيرة. فبينما كان في مقابلة تلفزيونية مع قناة (كانال بلاس) قبل انطلاق المباراة، أخبرته المذيعة مونيكا مارتشانتي بأن كاسياس غائب عن التشكيل الأساسي للريال، لكن بيريز بدا غير مصدق، فأظهرت له المذيعة نص الخبر على هاتفها الجوال، ليقوم بخلع نظارته الطبية ويقترب من شاشة الهاتف ليتأكد بنفسه من هبوب مزيد من العواصف على فريقه غير المستقر، ثم رفض التعليق على القرار. أما مدير العلاقات المؤسسية بالنادي الملكي والمتحدث باسمه إميليو بوتراغينيو فلجأ للدبلوماسية للتعليق على قرار استبعاد كاسياس، مشيرا الى أن “وجهة نظر المدرب يجب أن تحترم، والنادي يدعمه في ذلك”. لكن المدير العام السابق الأرجنتيني خورخي فالدانو، الذي طرده مورينيو من منصبه لتدخله في الشؤون الفنية، اتخذ المناسبة فرصة للهجوم على الداهية البرتغالي في تصريحات لمحطة (كادينا سير)، حيث اعتبر القرار “استعراضا للقوة والعضلات من قبل المدرب على حساب أسطورة ورمز بحجم كاسياس”. ورغم ذلك شدد فالدانو على أن “مورينيو لم يكن ليتخذ قراره لو لم يكن محسوبا ومدروسا بتأني، كما ينم عن ثقة في مستوى أدان”. وبات من المؤكد أن كاسياس سيعود ليحرس عرين بطل إسبانيا في المباراة المقبلة بعد انتهاء “العقوبة الفنية”، كما جاءت تلك الواقعة لتبرهن أكثر على أن مورينيو صاحب الأمر والنهي في النادي، وأن سلطاته تتجاوز فلورنتينو بيريز نفسه، لذا لن يسلم من بطشه أي مقصر أو معارض، حتى لو كان “القديس”.