سيعيش الآلاف من رجال التعليم موسما دراسيا خاصا لم يعرف له تاريخ التربية و التعليم بالمغرب مثيلا .هذا ما أرادته الحكومة التي يفتخر بنكيران بقيادتها ، وذلك من خلال وقف تقاعد ما يقرب من خمسة آلاف من رجال التعليم هذه السنة . إنها الفضيحة يقول البعض. هي الهدية الملغومة في رأي البعض الآخر. بل هي الجنون لدى المعنيين بالأمر على وجه الخصوص ، ولدى الرأي العام بصفة عامة . الحكومة مررت مرسوما خلال اجتماعات لجان برلمانية ، يرمي إلى إدخال تعديل على قانون التقاعد يستهدف قطاع التعليم .مرسوم الحكومة قضى بفرض الحظر على 5412 رجل تعليم في التعليم الابتدائي والثانوي و130 أستاذ جامعي ، ومنعهم من حقهم في الاستفادة من تقاعدهم بعد عقود من البذل والعطاء ، والكدّ والجدّ ، "عرقوا خلالها ونشفوا" ، وما بدّلوا تبديلا ، لتنزل عليهم الحكومة الموقرة بمرسوم ما أنزل به الله من سلطان ،وتوصيهم بالصبر والمصابرة ، والنظر والانتظار، والسهر والمكابدة ، والاجتهاد والمثابرة إلى غاية انتهاء الموسم الدراسي ، علما أن الحكومة تستعجل أمرها من أجل استخراج قانون جديد للتقاعد والمتقاعدين. ولا يكاد ينتهي الموسم حتى تكون قد أخرجت قانونها، المنتظر على أحرّ من الجمر،حول التقاعد والمتقاعدين ، بينما هو في الحقيقة يرمي إلى إنقاذ صناديق التقاعد التي لا تريد الحكومة التعرّف ولا الاعتراف بمن ثقبها ، ممّا جعل الأموال أموال المتقاعدين المساكين تبتلع ابتلاعا وتستنزف استنزافا . وحين أصبحت الصناديق خاوية إلاّ من صفير الصراصير، وخشخشة الجرذان ، توّعدت الحكومة المتقاعدين بالويل والثبور. الوزير العجيب للوظيفة العمومية قدّم التبريرات الأعجب للحكومة العجيبة بأن استفادة رجال التعليم من حقهم في التقاعد هذه السنة من شأنه أن يحدث اضطرابا وخللا في سير الدراسة مع جميع الانعكاسات السلبية على تكوين التلاميذ والطلبة .أبشروا يامعشر التلاميذ والطلبة ، الحكومة "تقرأ" همومكم ، ولا تريد لكم أن "تتكرفسوا". ولذلك فقد قدّرت وقررت بأن تفرض الحظر على تقاعد رجال التعليم، وليكن ما يكن. ألم تكن الحكومة تعرف أن العدد المذكور من رجال التعليم سيحصلون على تقاعدهم الموسم الدراسي المقبل؟ وإذا كانت لا تعرف هذا عن قطاع التعليم، فكيف ستعرفه عن باقي القطاعات الأخرى ؟ ماذا يفعل وزراؤها ،ووزراؤها المنتدبون ، وكتّابها العامون ،ومصالحها المختصة ..؟ هل فاجأها خبر حصول العدد المذكور من رجال التعليم على التقاعد هذه السنة ؟ وهل الحكومات الرشيدة تجعل نفسها عرضة للمفاجآت ؟ لو كانت غير ذلك لأعدّت العدّة لذلك شهورا قبل إحالة المعنيين على التقاعد ، وليس أن تفرض حظرها، في آخر دقيقة ،و قبل انطلاق الموسم الدراسي بساعات. هل هذا عمل دستوري ؟ هكذا تعلن الحكومة الشوط الأول من معركة التقاعد الطويلة التي لا شك أن "الطّايح فيها سيكون أكثر من الواقف ". ومن دون شك ستخلف هذه المعركة سقوط رؤوس . ولن نستعجل معرفة أصحابها . فلكل حادث حديث . ولكل مقام مقال .