شكك صندوق النقد الدولي مجددا في قدرة حكومة بنكيران الاستمرار في تحفيز الطلب على الاستهلاك الداخلي الذي يعتبر دعامة الاقتصاد الوطني وبالتالي تحقيق نمو يتجاوز نسبة ثلاثة في المائة من الناتج الداخلي الخام. وتحدى صندوق النقد الدولي في آخر تقاريره الصادرة على اقتصادات البلدان الإفريقية ومنها الاقتصاد المغربي أن تستطيع الحكومة الحالية بسياستها الماكرو اقتصادية مواجهة أزمة البطالة المرتبطة بضرورة خلق فرص الشغل، وذلك في ظل الركود الاقتصادي الذي يتهدد الاقتصاد المغربي في علاقته بركود اقتصادات الدول الشريكة للمغرب وفي مقدمتها دول منطقة الأورو وبترقب تراجع كبير للطلب الداخلي على الاستهلاك. وربط صندوق النقد الدولي في تقرير له حول القدرة التنافسية في إفريقيا برسم سنة 2013 نشر بواشنطن محدودية قدرة حكومة بنكيران على مواجهة استفحال ظاهرة البطالة واحتوائها في الوقت الراهن أو المقبل القليل من السنوات، محذرا من تراجع جديد لخلق فرص الشغل، ربطه بالعجز المسجل على مستوى الميزانية العامة والخصاص الأكبر للدعم في إشارة إلى صندوق المقاصة، وهو الصندوق الذي سبق لمديرة النقد الدولي كريستين لاغارد أن دعت إلى ضرورة إصلاحه وارتباطه بإصلاح المنظومة الضريبية والجبائية بالمغرب، وكان ذلك من خلال الرسالة السمعية البصرية التي شاركت بها لاغارد المسؤولين المغاربة في افتتاح المناظرة الوطنية حول الجبايات بالصخيرات في 28 و29 أبريل الأخير. وارتباطا بما دعت إليه لاغارد في هذه الرسالة دعا تقرير صندوق النقد الدولي الأخير مجددا إلى ضرورة التعجيل بإصلاحات هيكلية لصندوق الدعم وصناديق أنظمة التقاعد بالإضافة إلى التقليص من عجز الميزانية بهدف تحقيق نمو قوي للاقتصاد الوطني لأن من شأن هذا النمو أن يمتص أزمة البطالة. وعلل صندوق النقد الدولي ضرورة تحقيق النمو بكون كل نقطة مائوية إيجابية للاقتصاد الوطني ساهمت قبل 2008 أي قبل تاريخ تفشي الأزمة في تحقيق نمو فرص الشغل بنسبة 0.4 في المائة، وهو ما يفسر خلق فرص الشغل بمتوسط 84 ألف منصب في قطاع الخدمات و61 ألف منصب شغل في الصناعة و13 ألف منصب شغل في القطاع الفلاحي في كل سنة. وشدد صندوق النقد الدولي على أن إصلاحا بالقطاع المالي وسوق الشغل بالإضافة إلى تحرير التجارة وفتح حسابات الرساميل من شأنه وحده (الإصلاح) أن يساهم في رفع نمو الاقتصاد الوطني بنسبة 2.5 في المائة، وهو ما سيخفض من معدل البطالة بمعدل 5 في المائة و8 في المائة بالنسبة للشبان. وعلى الرغم من أن صندوق النقد الدولي قال إن معدلات النمو الاقتصادي التي حققتها البلدان الإفريقية خلال العقد الماضي٬ والتي فاقت 5 في المئة سنويا٬ تجعلها تمتلك فرصا سانحة لتعزيز قدرتها التنافسية في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي٬ إلا أنه حذر في الوقت ذاته من أنه لاتزال هناك تحديات خطيرة ينبغي التصدي لها، مبرزا٬ في تقريره المذكور أن معدلات النمو الاقتصادي بهذه البلدان لم تؤد إلى تحسن المستويات المعيشة للأفارقة. وشدد البنك الدولي في هذا الصدد٬ على أن تحقيق النمو المستدام والرخاء المشترك رهين بتطوير المؤسسات العامة والبنيات التحتية بالبلدان الإفريقية٬ وتعميق تكاملها الإقليمي وتوفير تعليم عالي الجودة لمواطنيها٬ مشددا على أن التعاون بين القطاعين العام والخاص يمثل عنصراً أساسياً في تقدم مسيرة القدرة التنافسية إلى الأمام. وأكد على أهمية نهج السياسات القانونية والتنظيمية والاقتصادية الناجعة٬ وتوفير الشروط الضرورية لإقامة بيئة ملائمة للأعمال تسمح للشركات بالنمو وتحقيق التكامل الإقليمي٬ موضحا أن زيادة الاستثمارات في مجالي العلوم والابتكار فضلا عن التركيز على تطوير المهارات والتدريب سيساهم في تمكين وتزويد الشباب الإفريقي بالمهارات التي يحتاجونها للمنافسة في الاقتصاد العالمي. كما شدد البنك الدولي على أهمية الدور الذي يمكن أن يضطلع به القطاع الخاص٬ بالنظر إلى أن الشركات مدعوة إلى دعم ومناصرة الإصلاحات التي يمكن أن تعزز القدرة التنافسية على المستوى الوطني٬ وتقديم الدعم للمبادرات التي تسهل التجارة فيما وراء الحدود الوطنية. وأضاف أن المؤسسات المالية كالبنوك مدعوة بدورها إلى توسيع خدماتها ليتمكن أصحاب المشاريع ورجال الأعمال من الحصول على رأس المال الذي يحتاجونه لتطوير مشاريعهم وشركاتهم.