يوما بعد يوم يتأكد أن علاقة الوزراء الملتحين في حكومة بنكيران مع الصحافة والإعلام ليست على ما يرام. وسبب هذا التوتر يعود إلى سلوكات "السادة" الوزراء لأن دور الصحافي هو أن يبحث عن الخبر وينقله ويعلق عليه. وتتحكم عوامل كثيرة في إظهار هذا الخبر بالبنط العريض وركن الآخر في زاوية صغيرة. قد يزيع الصحافي مرة أو أخرى، لكن لن يصبح مجرما كما تتعامل معه الحكومة وأساسا في جزئها الملتحي، أو يصبح ك"الجرب" لا يقترب منه الوزراء كي لا يلطخوا ثيابهم وأيديهم وحتى أفواههم التي تتعامل مع نوع خاص من الميكروفونات. فهذا كبير العدالة والتنمية ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يقول في أكثر من مرة إن هناك جهات تشوش عليه، وعلى رأس هذه الجهات العفاريت والتماسيح والمقالات الصحافية، ونترك للعفاريت والتماسيح الفرصة للدفاع عن نفسها، لكن فيما يخص الصحافة فإن دورها هو ممارسة النقد تجاه الحكومة والمؤسسات حتى تكون سلطة رابعة. ذات يوم كان المرحوم علي يعتة كبير الشيوعيين المغاربة وأحد نماذج الصحافة السياسية في المغرب في اجتماع مع مراسلي البيان، وكان أحد المراسلين قد كتب عن دور باشا إحدى المناطق والحملة التي قام بها. كان موقف المرحوم علي يعتة أن الباشا إذا "دارها زوينة" فهذا دوره ووظيفته، أما الصحافي فمهمته تنبيه السلطة وفضحها إن اقتضى الحال. فليس من مهتمتنا مدح بنكيران والتطبيل له، وعيب كل العيب أن يتحول الصحافي إلى "طبالجي". وبعده قال مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، وعلى هامش يوم مخصص للعلاقة بين القضاء والصحافة إن أصدقاءه نصحوه بألا يقرأ الصحف. فالصحف تساهم في رفع ضغط الدم للوزراء الذين لا يقبلون بأن ينتقدهم أحد، أو يعتقدون أن عمل الوزير منزه عن العبث، متجاهلين أن عمل الوزير قد يتعرض للكثير من العبث، وأن الوزراء عليهم أن يشكروا الصحافة التي تنتقدهم لأنها تبين عيوبهم التي عليهم تفاديها وإصلاح الأعطاب المرتبطة بها. أما ثالثة الأثافي هو ضيق مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، من الصحافة. ويؤسف له هذا السلوك لأنه مارس الصحافة ولو من باب الدعاية للحركة الدعوية، فقد اعتمد سياسة الانحياز في الوقت الذي جاء الدستور بمفهوم المقاربة التشاركية. وأقصى جزءا كبيرا من الجسم الإعلامي وعلى رأسه الفيدرالية المغربية للإعلام. والسبب هو أن الخلفي لا يقبل من يوجه له النقد أو من ينشر أخبار وزارته. وقطران الختام هو ما قام به الحبيب الشوباني، وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، عندما رفض الإدلاء بتصريح للقناة الثانية لأنه "مكيحملهاش" سيرا على نهج بنكيران، واشترط عليهم تغيير الميكروفون لأنه يكره لوغو هذه القناة. ذكرنا وزراء العدالة والتنمية بالنموذج النقيض. صحافي من هذه الجريدة كتب مقالا ينتقد فيه الزعيم الشيوعي المغربي مولاي إسماعيل العلوي، واتصل به في اليوم نفسه الذي صدر فيه المقال، وكانت الجريدة موضوعة على مكتبه عندما استقبل الصحافي ولم ينزعج من النقد الموجه له في المقال المذكور بل دخل في الموضوع الجديد. الصحافة تعمل دون شرط إلا شرط التقيد بالقانون لكن التعامل التمييزي لوزراء العدالة والتنمية لا ينتج إلا نموذجا فاشلا.